في المملكة المتحدة، أفاد عدد من الخبراء أن تطبيقاً ذكياً يمكن أن يُسهم في وقف انتشار فيروس كورونا، ولكن سيتعين أن تستخدمه غالبية كبيرة من الناس.
جاء ذلك بعدما حددت دراسة حديثة تفاصيل الأثر المُحتمل الذي يتركه تطبيق يتتبع مخالطي مرضى كورونا في تعقب الإصابات المرشحة، والحد تالياً من عدد الأشخاص المعرضين للفيروس.
وجدت الدراسة أن مثل ذلك الحل التكنولوجي يمكن أن يترك تأثيراً هاماً في مدى انتشار الفيروس، ذلك عند الجمع بينه وبين تدابير أخرى.
غير أن مفعول التطبيق سيتضاعف أشواطاً، وفقاً للخبراء، في حال استخدمه نحو 80 في المئة من مالكي الهواتف الذكية.
وجدت الدراسة أن عدد الأشخاص الذين يستخدمون التطبيق من جهة والسرعة التي فعلوا بها ذلك من جهة أخرى سيكونان عنصرين بالغي الأهمية في تحديد إلى أي مدى ستؤتي تلك التقنية ثمارها في وقف انتشار كورونا.
تولى البحث قسم الطب في جامعة أكسفورد البريطانية، الذي يعمل على تقديم المشورة لحكومة البلاد ولـ"أن أتش أس" (هيئة خدمات الصحة الوطنية) في جدوى إنشاء تطبيق من هذا القبيل.
قال الخبراء إن تصميم التطبيق بطريقة تجعله يستند إلى الأعراض بدلاً من انتظار نتائج الفحوص الطبية، يمكن أن يصنع فارقاً جوهرياً في وقف انتشار كوفيد-19.
في حال جاءت نتيجة فحص شخص تواصل معه المستخدمون موجبةً (أي أنه مصاب بـكورونا)، سوف يتلقون إشعارات تنبيهية من التطبيق وسيحثهم على اتخاذ إجراءات وقائية.
تطرق إلى التطبيق الدكتور ديفيد بونسال، وهو رئيس مشارك في البحث وطبيب في مستشفى "جون رادكليف"، وقال: "يبدو الشروع في تتبع المخالطين بناءً على الأعراض أمراً منطقياً من الناحية الوبائية، ذلك أنه سريع بما يكفي للوصول إلى الأشخاص قبل انتقال العدوى إليهم... تتنبأ عمليات المحاكاة الخاصة بنا بفقدان السيطرة على الوباء عند تأخير التتبع في انتظار نتائج الفحص الطبي، ويؤدي ذلك في الإجمال إلى وفيات إضافية، ووضع مزيد من الأشخاص في الحجر الصحي".
أضاف بونسال: "نحصل على أفضل ما في الاثنين عند الاستفادة من الاختبارات الفيروسية في تتبع الأشخاص رقمياً وإخراجهم من العزل من دون إبطاء. من ثم، عبر اعتماد السياق الصحيح، يمكننا جميعاً استخدام التكنولوجيا لإنقاذ الأرواح والمساعدة في حماية الفئات الضعيفة".
في دراستهم، استخدم الخبراء كنموذج مدينة يعيش فيها مليون شخص بغية محاكاة مفعول برنامج تتبع مخالطي مرضى كورونا.
ارتأى البحث أنه فضلاً عن السرعة، لا بد من وجود عدد كبير من المستخدمين (للتطبيق) بغية إبطاء انتشار الوباء بصورة فاعلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك يشير إلى أنه إذا استخدم حوالى 60 في المئة من جميع السكان، و80 في المئة ممن يملكون هواتف ذكية، البرنامج جنباً إلى جنب مع التدخلات الأخرى، سيضع ذلك حداً للوباء، ولكن حتى معدل الاستخدام المنخفض للبرنامج يمكن على الأقل أن يبطئ انتشار الفيروس.
كذلك تحدث في هذا الشأن البروفيسور كريستوف فريزر، كبير الباحثين في التقرير الذي تولته "نافيلد" المؤسسة الخيرية البريطانية للرعاية الصحية، وقال: "تشير نتائجنا إلى أن لدى تطبيق تتبع مخالطي مرضى كورونا رقمياً، في حال تنفيذه بدقة جنباً إلى جنب مع تدابير أخرى، القدرة على الحد بشكل كبير من عدد إصابات فيروس كورونا الجديدة، والحاجة إلى الاستشفاء، ودخول وحدات العناية المركزة."
أضاف: "توضح نماذجنا أن في مقدورنا وقف الوباء إذا استخدم حوالى 60 في المئة من السكان التطبيق، وحتى مع انخفاض عدد مستخدميه تُبين التقديرات حدوث انخفاض في عدد حالات فيروس كورونا والوفيات نتيجة الإصابة به".
وفقاً لمسح أجراه خبراء في الاقتصاد السلوكي يتعاونون مع فريق جامعة أكسفورد، باستطاعة ما يربو بقليل على 73 في المئة من الناس في المملكة المتحدة تثبيت تطبيق تتبع مخالطي كوفيد-19.
وأضاف الخبراء أن من المهم، في كل مرحلة من مراحل تطوير التطبيق، معالجة أي مخاوف بشأن الخصوصية واستخدام بيانات المستخدمين.
وكان مات هانكوك وزير الصحة البريطاني قال إن مطوري التطبيق لـهيئة خدمات الصحة الوطنية يعملون مع شركات تكنولوجيا رائدة عالمياً وخبراء في السلامة السريرية والأخلاقيات الرقمية "كي ننجز ذلك على نحو صائب".
وذكر البروفيسور فريزر أنه يأمل في أن يساعد البحث الجديد في المضي قدماً بتطوير التطبيق. أضاف: "نحتاج إلى استراتيجيات للخروج من الإغلاق مع خفض مخاطر عودة ظهور المرض. إلى جانب التدخلات الأخرى، على غرار إخضاع الناس للاختبارات الطبية والحماية المستمرة للأفراد الضعفاء، يمكن أن يساعد تتبع مخالطي المرضى رقمياً في منع فيروس كورونا من معاودة الظهور سريعاً".
وزاد: "نأمل في أن تقدم النتائج الأخيرة دليلاً قيماً على أن من المستطاع توخي الحذر في نشر البرنامج الهاتفي لتتبع مخالطي المرضى بعد أخذ مؤشرات وبائية رئيسة في الاعتبار، إضافة إلى مبادئ أخلاقية شديدة الأهمية، بغية ضمان قدرتنا على إنقاذ الأرواح، وخفض عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى البقاء في عزلة ذاتية، ودعم أكبر عدد ممكن من الناس من أجل الشروع في العودة مجدداً إلى الحياة النشطة بأمان ومسؤولية".
تقرير آخر صادر عن مركز البحوث "بوليسي إكستشنج" (تبادل السياسة)، يقول إنه ينبغي إنشاء مركز قيادة جديد يشمل جميع قطاعات الحكومة، وتشارك فيه وكالات عدة من أجل الإشراف على الاستجابة للأزمة.
ويقترح التقرير أن المركز سيقوده فرد واحد من ذوي الخبرة في القيادة والسيطرة والتنسيق والاتصال، وتشارك فيه هيئة خدمات الصحة الوطنية وغيرها من سلطات صحية، فضلاً عن الحكومة والشرطة والجيش ووكالات الاستخبارات والقطاع الخاص.
التطبيق الذي شارك في كتابته ريتشارد والتون، زميل أقدم في "بوليسي إكستشنج" والرئيس السابق لقيادة مكافحة الإرهاب في شرطة العاصمة لندن، يحث الحكومة أيضاً على توجيه نداء وطني إلى سكان المملكة المتحدة للاشتراك في تطبيق تقفي أثر مخالطي مرضى كورونا .
ذكر والتون: "كشف تفشي كوفيد-19 أخيراً عن محدودية الأساليب التقليدية اليدوية في تتبع المخالطين، وهي حقيقة أدركها قادة بعض الاقتصادات الآسيوية، من بينها كوريا الجنوبية وسنغافورة، بعد تعاملهم مع أوبئة سابقة".
أضاف: "سيكون على المملكة المتحدة الذهاب إلى أبعد من ذلك عبر استخدام التكنولوجيا الجديدة إذا ما أُريد لها أن تكبح مزيداً من موجات تفشي المرض (كورونا). سيكون جوهرياً بالنسبة إلى الجهد المبذول إيجاد مركز قيادة لإجراء الاختبارات وتتبع المخالطين".
(تقارير إضافية من الوكالات)
© The Independent