فيما تواجه مختلف الدول في كل أنحاء العالم الحجر العام، بات جلياً أن ثمة سبيلاً وحيداً لعودة الحياة إلى سابق عهدنا بها. وبحسب تعبير السير باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين في المملكة المتحدة هذا الأسبوع، فاللقاحات هي "المخرج" من هذه الأزمة العالمية.
ووصل عدد الفرق العاملة على مكافحة فيروس سارس-كوفي-2 حول العالم، بحسب آخر الإحصاءات، إلى 86 فريقاً، منها مشروع تابع لجامعة أكسفورد يأمل في إنتاج مليون جرعة من اللقاح الذي يطوّره مع قدوم سبتمبر(أيلول). ويشرح الخبراء أنّه في ظلّ ملايين الحالات المنتشرة عبر 200 بلد تقريباً، يجب أن ينجح أكثر من لقاح مرشّح من أجل تحصين سكّان الكوكب كما يجب.
لكن الإسراع في التوصّل إلى حلٍّ للأزمة يحمل معه أيضاً مخاطره المتعلقّة بالسلامة. وأخبر أحد العلماء الاندبندنت أنّ مشاكل اللقاحات قد لا تظهر سوى بعد إعطائها لمئة ألف شخص، وهي مشاكل لا يمكن أن تظهر في التجارب السريرية الخاضعة للمراقبة سوى بعد سنوات من الاختبارات، وهو وقت لا يملكه العالم.
ورُبط آخر لقاح طوّر لمكافحة جائحة إنفلونزا الخنازير في العام 2009 بمئات حالات الإصابة بمرض باضطراب النوم القهري المُسبب للوهن والضعف الشديد. ووضع اللقاح باندمريكس قيد الاستخدام بسرعة باعتباره علاجاً طارئاً لكن لم يعد استخدامه مُرخّصاً فيما تواجه شركة الأدوية "غلاكسو سميث كلاين" والحكومة البريطانية دعاوى تطالب بتعويضات تبلغ قيمتها ملايين الجنيهات من الأطفال والبالغين الذين أصابهم المرض.
وعلى الجهات التنظيمية وشركات صناعة الأدوية والحكومات أن تقوم بحسابات مهمّة فيما تفكّر في نشر أي علاج مُحتمل. فأيّ خطوة خاطئة في عالمٍ تنتشر فيه المؤامرات المناهضة للّقاحات كالوباء نفسه، ستقوض الجهود الحقيقية من أجل التصدي لجائحة كوفيد-19.
البحث عن حلّ
وبعد أسابيع من ظهور الفيروس في مدينة ووهان الصينية، وُضعت الشيفرة الوراثية لفيروس سارس-كوفي-2 في متناول العلماء حول العالم. وشرعت شركات صناعة الأدوية والحكومات والمعاهد العلميّة فوراً في البحث عن لقاح فعّال.
ويوم الجمعة، أنشأت الحكومة البريطانية فريق عملٍ جديداً يقوده السير باتريك فالانس ونائب كبير المسؤولين الطبّيين، جوناثان فان تام، من أجل ترؤس الجهود الرامية لتطوير لقاح ومساعدة القطاع الطبي على توفير علاج في وقت أقرب. وفيما عِلم التحصين متداول منذ قرون، تلجأ العديد من اللقاحات الـ86 المرشّحة المحتملة إلى طرقٍ مختلفة في محاولة تحفيز استجابة مناعية داخل الجسم.
والهدف الرئيس من اللقاح هو تعليم الجسم كيفية التعرّف إلى الفيروس وكيفية القضاء عليه، والطرق التي يدرسها العلماء اليوم من أجل التوصل إلى هذه المرحلة تجاوزت الطريقة التقليدية المتمثّلة إمّا باستخدام نسخ ميتة من الفيروس، على غرار لقاحات الإنفلونزا الموسمية، أو نسخ مُعدَّلة من الفيروس، كما في لقاح الحصبة، لا تصيب الأشخاص بالمرض.
وتستخدم بعض اللقاحات المُرشّحة لكوفيد-19 فقط "النتوءات الشوكية للبروتين" الموجودة على سطح الفيروس- أي الجزء الذي يسمح له "بالارتباط" فعلياً بالخلايا البشرية والبدء بنقل العدوى لها. وفي حال فيروس كورونا، هذه هي النتوءات الشوكية الشبيهة بالتيجان التي أعطت الفيروس اسمه، لأنّ كلمة "كورونا" باللاتينية تعني التاج.
وبعض المشاريع الأخرى تستخدم أجزاءً من الشيفرة الوراثية لفيروس كوفيد-19 يمكن استنساخها أكثر من مرة وإضافتها إلى لقاح كي يتعرف إليها الجسم.
وفي المملكة المتحدة لقاح مرشّح واعد يعمل "معهد جينر" و"جامعة أكسفورد" على تطويره باستخدام لقاح سابق يحتوي على البروتين الشوكي (أو بروتين الحسكة) الموجود في فيروس كورونا.
وقد يحصل المتطوّعون على الجرعة الأولى من اللقاح في غضون أيّام، ويقول العلماء الذين وضعوا البحث إنه في حال سار كل شيء على ما يرام يمكنهم أن ينتجوا مليون جرعة بحلول سبتمبر فيما تمت الموافقة على استخدام العلاج ابتداء من أكتوبر (تشرين الأوّل).
ونبّهت سارة غيلبرت، بروفسورة علم اللقاحات والباحثة الأساسية في الدراسة، إلى كثير من الجوانب المجهولة حتى الآن لكنها أعربت عن إيمانها بأنّ اللقاح المرشّح الذي تطوّره أكسفورد "واعد بالنجاح".
وشدّد البروفيسور آدريان هيل، مدير معهد جينر في الجامعة من جانبه على ضرورة توفّر القدرة على تصنيع أعداد كبيرة من الجرعات. وقال "من الواضح جداً أنّ العالم سيحتاج إلى مئات الملايين من الجرعات، والأفضل أن تتوفر قبل نهاية العام الحالي، من أجل إنهاء هذه الجائحة وإخراجنا من الحجر".
"ويمثّل اللقاح استراتيجية الخروج من هذه الجائحة كما أننا سنحتاج إلى لقاحٍ على الأرجح في السنوات المقبلة لأنه من غير المُتوقّع أن نتمكّن من إبادة هذا الفيروس".
مُكوّن خاص
إحدى مشاكل اللقاحات الكبرى هي الحاجة لتصنيع ما يكفي من المكوّنات لضمان فعالية كلّ جرعة. وهنا يأتي دور المواد الكيميائية المُساعِدة. وتُضاف هذه المواد إلى اللقاح بهدف تعزيز الاستجابة المناعيّة للجسم، مما يعني الحاجة إلى قدرٍ أقلّ من المكوّن الفاعل، أي المستضد (المادة المضادة).
وقال الدكتور مارتن هاول فريده، منسّق مبادرة أبحاث اللقاحات في منظمة الصحة العالمية، إن هذه المسألة مهمّة للغاية أثناء وقوع جائحة حين يزيد الطلب وقد يؤدي إنتاج المستضدات إلى اختناق يعيق الإمداد. وشرح للاندبندنت "ترسل المادة المساعدة إشارة إلى الجسم تخبره أنّه "يتعرّض لاعتداء" وعليه أن يُعد استجابة مناعية. وتتكوّن بعض المواد المساعِدة ببساطة من أجزاء منقّاة من أغشية الجراثيم، وبعضها أجزاء صناعية من الحمض النووي الفيروسي أو الجرثومي، وبعضها جسيمات صغيرة فحسب- لكن معظمها تعمل بطريقة مشابهة عبر إرسال إشارة إلى وجود مُسبب المرض من دون أن يكون موجوداً بالفعل".
وتابع الدكتور فريده بقوله إن وجود المواد المساعِدة قد يؤدي إلى إنتاج الحماية بعد تلقّي حقنة أو اثنتين فيما قد يتطلّب الأمر من دونها ثلاث أو أربع حقن أو أكثر. وأثناء تفشّي إنفلونزا الطيور في العام 2006 أدّى استخدام المادة المساعدة إلى استعمال كمية أقل بكثير من المستضد، مما ضاعف إمدادات اللقاح نحو 20 مرّة.
وتُعتبر شركة صناعة الأدوية "غلاكسو سميث كلاين" من روّاد مصنّعي اللقاحات وهي مختصّة باستخدام تكنولوجيا المواد المساعدة.
وأعلنت الشركة هذه نيّتها العمل مع منافستها العالمية "سانوفي" على علاج لكوفيد-19 قد ينتج منه لقاح العام المقبل تتوفّر منه مئات ملايين الجرعات. وفي جعبة "سانوفي" مستضد لكوفيد-19 تأمل "غلاكسو سميث كلاين" في أن تعزّزه باستخدام مادة مساعدة تُسمّىAS03 وتُصنع باستخدام مركّب السكوالين، أو كبد سمك القرش.
وتقول الدكتورة أنيتا ميليشيتش التي تدير برنامج المواد المساعدة في اللقاحات في "معهد جينر" التابع لجامعة أكسفورد إن طريقة عمل المواد المساعِدة "غير مفهومة كليّاً". وأضافت "إن المادة المُساعدة التي تنوي "غلاكسو سميث كلاين" استخدامها في تطوير لقاح كوفيد-19 هي AS03 التي أثبتت أنها تسمح بالتقليص من نسبة المركّب الأساسي من دون المسّ بفعالية الجرعة. وهو جانب مهم يستحقّ البحث وسط جائحة تستدعي توفير ملايين الجرعات من اللقاحات".
وقالت إن هذا العامل قد يكون مهماً للغاية أيضاً في أوساط السكان المسنّين "تضعُف استجاباتنا المناعية مع العمر، ويمكن للمواد المُساعدة أن تكون مهمّة بشكل خاصّ في توفير المساندة المناعية الإضافية التي يحتاجها اللقاح من أجل العمل بفعالية داخل أجسام المسنّين".
لقاح إنفلونزا الخنازير
في العام 2009، خشيت حكومات العالم أن تقضي إنفلونزا الخنازير على آلاف الأشخاص. وقرّرت وكالة الأدوية الأوروبية ترخيص لقاح اسمه "باندمريكس"، أنتجته شركة "غلاكسو سميث كلاين"، في ظلّ "ظروف استثنائية" باستخدام "لقاحات فرعية" لم تتضمّن المكوّنات الفعلية التي يُحقن بها الناس. كانت هذه المقاربة غريبة.
وكانت حكومة حزب العمّال حينها قد منحت "غلاكسو سميث كلاين" صفقة حماية تشمل إعفاءً من المسؤولية من أجل استخدام اللقاح وطلبت إنتاج جرعات كافية لكلّ السكّان. ولم يُفصح أبداً عن تفاصيل هذه الصفقة.
وبدأت حملة التلقيح في أكتوبر 2009 مع أنّ الحكومة البريطانية علمت في ذلك الحين أنّ الجائحة لن تكون فتّاكة كما حسبت في السابق. ولم يذكر الإعلان عن اللقاح صفقة الحماية أو الطريقة الخاصة التي حصل بموجبها على الموافقة.
وعلى مرّ السنوات التالية، رُبط "باندمريكس" في دراسات كثيرة بالإصابة باضطراب النوم القهري، وهو مرضٌ لا يمكن الشفاء منه يؤدي إلى إرهاق مزمن وصعوبات في النوم وتشمل آثاره التعرّض لنوبات الذعر الليلي والهلوسات ومجموعة من المشاكل العقلية. وقد يتعرّض المرضى المصابون به إلى فقدان الوعي الفجائي ويقعون أرضاً من دون سابق إنذار.
ورُبطت نحو 1800 إصابة باضطراب النوم القهري في أوروبا إلى "باندمريكس"، وعلى الرغم من عدم التأكّد من السبب المحدّد، دفعت الحكومة وشركة "غلاكسو سميث كلاين" ملايين الجنيهات لتسوية طلبات تعويض تقدّم بها 100 شخص تقريباً من المتضرّرين في المملكة المتحدة. ولم تجدّد "غلاكسو سميث كلاين" رخصة "باندمريكس"، ولم يعد اللقاح يحصل على موافقة وكالة الأدوية الأوروبية.
رفض بيتر تود، الشريك في شركة المحاماة هودج جونز أند آلن، التي مثّلت عدداً من المطالبين بالتعويضات، التعليق على الدعوى القضائية لكنّه قال إنه فيما تواجه المملكة المتّحدة جائحة أخرى، من المهمّ التزام معايير الشفافية حول طريقة اختبار اللقاحات المحتملة واستخدامها.
وأوضح أنّ "المسألة تتعلق بالموافقة الواعية. حين يخضع أي شخص للعلاج الطبي، من المهمّ أن يُطلع على المخاطر المُحتملة كافة، ويجب أن يشمل ذلك إبلاغه باكتمال التجارب السريريّة من عدمه وبإعفاء المصنّعين من المسؤولية".
وأضاف أنّ ردود الفعل النادرة على اللقاحات تحدث وأنّ الحكومة تدفع في هذه الحالات تعويضاً مالياً لمرّة واحدة تبلغ قيمته 120 ألف جنيه استرليني بموجب قانون التعويضات المالية لأضرار اللقاحات.
ووصف تود المبلغ بالـ "ضئيل" لكنّه شدّد على ضرورة إضافة أيّ لقاح لكوفيد-19 إلى قائمة اللقاحات التي يشملها القانون وإعادة النظر في مبلغ التعويض.
"لا يتلقّى الناس اللقاح لحماية أنفسهم فحسب بل لحماية الآخرين كذلك ومن المهم جداً أن يساندهم المجتمع في حال تعرّضوا لأي ضرر".
واعتبر ناطق باسم "غلاكسو سميث كلاين" أنّ البيانات العلميّة تُرجع الإصابة باضطراب النوم القهري إلى الإنفلونزا نفسها كما تشير إلى ارتفاع عدد المصابين بهذا الاضطراب في أوساط الأشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح كذلك.
وأضاف "تعطي غلاكسو سميث كلاين" الأولوية المطلقة لسلامة المرضى. وخلال مرحلة تطوير "باندمريكس" وطرحه عملنا بشكل وثيق مع السلطات لتلبية المتطلبات كافة التي حدّدتها. وحين طرحنا "باندمريكس" استمرّينا بتقييم بيانات السلامة المتوفّرة كافة وشاركناها مع وكالة الأدوية الأوروبية وغيرها من الهيئات التنظيمية المعنيّة كي يتسنّى لها أن تجري تقييمها الخاص. والتقييمات التي أجرتها وكالة الأدوية الأوروبية منشورة".
"طوال الوقت، توصّلت غلاكسو سميث كلاين ووكالة الأدوية الأوروبية إلى الخلاصة نفسها: وهي أنّ قياس فوائد باندمريكس على مخاطره ظلّت إيجابية".
وأضاف أنّ المهلة الزمنية للقاح كوفيد-19 الذي تطوّره الشركة "تتيح إعداد بيانات السلامة والفعالية الضرورية وتقييمها بالكامل".
مسألة السلامة
سوف تتحوّل مسألة السلامة بلا شكّ إلى نقطة محوريّة أثناء تطوير اللقاحات المحتملة لمكافحة فيروس كورونا.
وأوضح الدكتور فريده من منظمة الصحة العالمية أنّه بغضّ النظر عن إجراء التجارب والاختبارات السريريّة، سيظلّ الاحتمال قائماً بظهور تعقيدات بعد إعطاء اللقاح لأعداد كبيرة من الناس.
وقال "وسط انتشار وباء، يمكننا اختبار اللقاح على 100، أو 1.000، أو 10.000 شخص من دون أن يظهر أيّ مؤشر إلى وجود خلل في السلامة، فيما يظهر هذا المؤشر بعد أن يتلقّى 100.000 شخص اللقاح".
"وبالنسبة للّقاحات التي تُطرح خارج أزمنة الأوبئة، تستغرق الاختبارات الموسّعة التي تُجرى عليها كلّ الوقت الذي تحتاجه- لكن مثل هذا الترف غير ممكن أثناء تفشّي الأوبئة. لا شكّ في أنّ اختبارات السلامة والأمان ستكون أساسيّة- لكننا لا نستطيع استغراق أربعة أو خمسة أعوام في إثبات السلامة المطلقة للقاح بينما تلقى نسبة 1 في المئة من السكّان حتفها".
ووافقته الرأي الدكتورة ميليشيتش من معهد جينر "قد لا تظهر بعض ردود الفعل العكسية النادرة سوى بعد إعطاء اللقاح لعشرات آلاف الأشخاص".
"تخضع اللقاحات كافة لاختبارات تسبق الاختبار السريري، تتبعها مرحلة اختبار سريري وهي تخضع للمراقبة الشديدة قبل أن تحصل على ترخيص يسمح بتعميم استخدامها".
وقال ستيفن إيفانز، بروفسور علم عقاقير الأوبئة في كلية الصحة العامة والطبّ المداري في لندن "إن السلامة هي غياب الخطر. لا نستطيع أن نختبر السلامة بل يمكننا أن نكتشف المخاطر فقط. ونحن نبحث عن المخاطر وعندما لا نعثر عليها نسميّ ذلك سلامة".
واعتبر أنّه ينبغي استخدام لقاح كوفيد-19 إقليمياً ضمن تجارب منضبطة على عينات عشوائية واسعة النطاق، كما حصل في السابق في باكستان، وهو أمر يصعب حدوثه في دول مثل المملكة المتحدة لأنها تفرض الحصول على الموافقة الفرديّة.
وفي غياب هذا النوع من الاختبار الجماعي، قال إن مراقبة أيّ آثار جانبية أمر جوهريّ.
ومن الضروري بالنسبة إلى أي لقاح أن يوليه الرأي العام ثقته. وكشف استطلاع للآراء أجرته الجمعية الملكية للصحة العامة أن شخصاً من بين كل خمسة أشخاص يفضّل إمّا عدم الحصول على التطعيم أو لم يحسم قراره بَعد.
وتتراجع معدلات التطعيم في كل أنحاء إنجلترا كما خسرت المملكة المتحدة العام الماضي تصنيفها كمكان خالٍ من الإصابة بالحصبة بسبب معدلات الإصابة بالمرض وانخفاض نسب التلقيح.
وقال الدكتور فريده "سوف نحصل على لقاح أو لقاحات عدة على الأرجح، من خلال تقنيات مختلفة. والسؤال الذي لا تجيب عنه بلورتي السحرية هو متى ستجمع هذه اللقاحات معلومات كافية تمكّن السلطات التنظيمية من السماح بتعميم استخدامها على السكّان".
وأبلغ ناطق باسم وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية التي يجب أن توافق على تعميم استخدام أي لقاح جديد، الاندبندنت أنّ الوكالة تتصرف "بأقصى الدرجات الممكنة من المرونة والعمليّة في ما يعني المتطلبات التنظيمية التي تحكم التجارب السريرية، مع الحفاظ على اعتبار سلامة المرضى أولويتنا المطلقة".
وأشار الناطق إلى أنّ الوكالة تعمل مع العلماء لمساعدتهم على اجتياز العملية التنظيمية، مضيفاً "كما هو الحال بالنسبة للقاحات الجديدة كافة، سوف تُفرض الإجراءات للحرص على المراقبة المستمرة لسلامة أي لقاح يُستخدم".
إنتاج ما يكفي لحماية الكوكب
وفي حال تطوير لقاح ناجح والموافقة على استخدامه، تدور المرحلة المقبلة حول إنتاج جرعات كافية لكل السكان- ليس داخل المملكة المتحدة وحدها بل في العالم أجمع.
ومع وجود هذا العدد من اللقاحات المُرشّحة والتقنيات المختلفة، يتعذر التنبؤ بأيّ اللقاحات سينجح. ويُجمع معظم الخبراء على استخدام لقاحات عدّة على الأرجح في الوقت نفسه. وقال البروفسور آدريان هيل"لن تقدر شركة واحدة على إمداد العالم بأسره باللقاحات".
وأوضح أنّ المناقشات جارية بين التحالفات والمنظمات الدولية حول أفضل الطرق لتنظيم توريد اللقاحات لكنه أضاف أن "ليس بيد أحد الحلّ في الوقت الراهن".
وقالت الدكتورة ميليشيتش "بالنسبة للقاحات التي تبلغ مرحلة الاختبارات السريرية، وفي حال جرت الاختبارات كافة على ما يرام وحُدِّد مرشّح قوي، ستعتمد عملية الإنتاج والتوزيع الكثيف بشكل أساسي على مختلف سلاسل التوريد وسيقتضي إنجازها الوقت. ولذا، تُرتجى فائدة من توفر أكثر من لقاح واحد بين أيدينا ولا سيّما إن اختلفت مكوّنات هذه اللقاحات واختلفت طرق تصنيعها".
واعتبر الدكتور ريتشارد توربيت، المدير التنفيذي للجمعيّة البريطانية لقطاع صناعة المستحضرات الصيدلانية "نريد للمملكة المتحدة أن ترفع قدرتها على إنتاج اللقاحات لكن هذه المسألة منفصلة بعض الشيء عن الوضع الذي نواجهه في ظل هذه الجائحة".
"يجري التحرّي عن عدد من التكنولوجيات المتباينة في خضم السباق إلى اكتشاف لقاح لكوفيد-19. ولكلّ من هذه التكنولوجيات عملية تصنيع مختلفة، ولم يتضح بعد ما سينجح منها وأيّ تقنية تصنيع ينبغي زيادة العمل بها".
"إنّ سلاسل توريد اللقاحات والأدوية عالميّة، وعلى المملكة المتحدة أن تدعو إلى التعاون الدولي والتوزيع العادل لأيّ لقاح حول العالم".
© The Independent