وجّه عدد من التونسيين العالقين في الجانب الليبي من معبر الذهيبة - وازن، الواقع في محافظة تطاوين جنوب تونس، نداء استغاثة من أجل التعجيل بفتح المعبر وتسهيل عودتهم إلى بلادهم، مناشدين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة الياس الفخفاخ، بالإسراع بإجلائهم وإنقاذ حياتهم، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا والخطر الذي أصبح يهدّد حياتهم.
"سلبونا أموالنا... نحن في العراء"
واتصلت "اندبندنت عربية" بأحمد الحاجي، (من محافظة سيدي بوزيد) أحد التونسيين العالقين في الرحيبات، الواقعة في الجبل الغـربي، منذ شهر ونصف الشهر تقريباً، فتحدث بلوعة عن ظروفهم الصعبة في الجانب الليبي، حيث يبيتون في العراء من دون أكل ولا شرب، عدا ما يقدّمه لهم أهالي المنطقة، كاشفاً عن أن أموالهم سُلبت، وهم يرغبون في العودة إلى تونس في أقرب الآجال لإنقاذ أرواحهم.
ودعا الحاجي السلطات التونسية إلى التدخل بشكل عاجل، "لإنقاذ أرواح مئات التونسيين العالقين في الجانب الليبي، الذين يحاصرهم الجوع والخوف من بطش عصابات الإجرام من المجموعات الليبية المسلّحة"، مؤكداً عجزهم عن التنقل إلى معبر رأس الجدير، نظراً إلى المخاطر المحدقة بالطريق.
"أين الحكومة؟ نحن نشرب من الأودية"
وتساءل عن سلبية الموقف الرسمي التونسي، تجاه أزمة مواطنيهم العالقين في ليبيا، معتبراً أنهم في خطر ولا يمكن للدولة التونسية أن تتخلّى عنهم في مثل هذه الظروف.
وأوضح أن هؤلاء من مختلف الولايات، "وهم في وضعيات حرجة، خصوصاً أننا في شهر التسامح والتضامن".
من جهته أكد سامي الجابري، تونسي آخر عالق في الرحيبات (من سيدي بوزيد) "ضرورة تدخّل الرئيس لفكّ عزلة العالقين في ليبيا والمهدّدين في حياتهم، بعد تعرضهم للسلب من مجموعات إجرامية، منوّهاً بجهود الأهالي الليبيين، الذين يقدمون المساعدة حسب إمكانياتهم".
وكان خميس السعدلي، أحد العالقين صرّح في حديث لإذاعة "نزاهة" (تابعة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد) أن المحاصرين في الجانب الليبي من المعبر يشربون من الأودية ويتعرّضون يومياً للسلب والنهب من قبل المجموعات الإجرامية في البلاد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونشر عدد من التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات تصوّر حالتهم النفسية والاجتماعية الصعبة في الجهة الليبية من المعبر، وتعرّضهم للابتزاز والاستغلال من قبل تنظيمات مسلّحة.
إدخال 150 تونسياً من أصل المئات
وفي حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أكد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، المتابع لأوضاع التونسيين في ليبيا، أنه في اتصال مباشر مع الهلال الأحمر الليبي، الذي يقدّم المساعدات اللازمة لهم، مشيراً إلى أنه لا يمكنهم التحول إلى معبر رأس الجدير الذي يبعد حوالى 250 كلم عن معبر الذهيبة - وازن للدخول إلى التراب التونسي، بسبب حدّة المعارك في منطقة الجبل الغربي الممتدة من الزنتان إلى حدود وازن بين طرفَيْ النزاع.
وأوضح أن السلطات التونسية تأخّرت في فتح المعبر، على الرغم من أن المرصد تدخّل في مناسبتين سابقتين وجرى إدخال 35 عاملاً تونسياً في ليبيا بقوا عالقين هناك لأكثر من أسبوعين، بعدها أُدخلت مجموعة أخرى من 45 عاملاً ظلوا عالقين لأكثر من شهر.
وأردف أنه منذ أكثر من شهر ونصف الشهر وحتى الآن، لم يدخل أي تونسي عبر معبر الذهيبة - وازن، بالتالي تعكّرت وضعية العمال التونسيين هناك والمقدر عددهم بنحو 500 عامل، منهم 150 عاملاً توجهوا صوب الحدود، عبّروا عن استعدادهم للدخول إلى تونس، مؤكداً أن كل التونسيين في ليبيا ينوون المغادرة بسبب تدهور الوضع الأمني هناك.
وانتقد عبد الكبير الموقف الرسمي التونسي الذي تأخر كثيراً في إيجاد حل لهؤلاء العالقين .
ويشار إلى أنّ الهلال الأحمر الليبي كان قد وجّه نداء استغاثة إلى رئيس الحكومة، دعاه فيه إلى تسوية وضع العالقين وإجلائهم عبر معبر ذهيبة - وازن مع تعهّده بنقلهم إلى المعبر على متن حافلات.
البرلمان يبحث الملف
في غضون ذلك، قال النائب ثامر سعد، رئيس لجنة التونسيين في الخارج في مجلس نواب الشعب، في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، إن اللجنة ستلتقي يوم الاثنين 4 مايو (أيار) ممثلين عن وزارة الخارجية، للبحث في السبل الممكنة لإجلاء كل التونسيين العالقين في مختلف البلدان والتعجيل بإجلائهم من ليبيا، نظراً إلى الأوضاع الأمنية المتدهورة هناك .
وأضاف أن وضع التونسيين في ليبيا معقد بسبب التوتر الأمني هناك، لكنه لا يقلّ أهمية عن حال آخرين عالقين، من بينهم طلبة في دول عدّة، معرباً عن ثقته في أن وزارة الخارجية التونسية ستجد الحل المناسب لهم بسرعة.
وكان معبر ذهيبة قد أُغلق أمام حركة المسافرين في الاتجاهين، منذ مارس (آذار) 2020، في إطار التدابير التي اتّخذتها الحكومة التونسية لمواجهة خطر انتشار فيروس كورونا .
وتدخل تونس بدايةً من يوم الاثنين مرحلة الحجر الصحي الموجه، الذي يشمل بعض القطاعات ووفق إجراءات صحية ولوجيستية محدّدة بهدف التحكم أكثر في انتشار الوباء.