دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الاثنين، إلى التحقيق في حفرة عميقة تحولت خلال سنوات، وخصوصاً خلال فترة سيطرة تنظيم "داعش"، إلى موقع لرمي الجثث في شمال سوريا.
وسيطر التنظيم المتطرف على المنطقة التي تتواجد فيها الحفرة، وهي بعمق 50 متراً، بين العامين 2013 و2015 في أقصى ريف الرقة الشمالي، قبل أن يطرده منها المقاتلون الأكراد، ثم تسيطر عليها أخيراً قوات تركية وفصائل سورية موالية لها.
وبدأت المنظمة تحقيقات حول الحفرة بعد طرد التنظيم المتطرف من محافظة الرقة في عام 2017 وتبيّن لها أنه جرى رمي جثث فيها خلال وبعد حكم التنظيم المتطرف.
وأجرت المنظمة مقابلات مع سكان وراجعت مقاطع فيديو لـ "داعش"، فضلاً عن تحليل صور ملتقطة بالأقمار الصناعية، وإدخال طائرة من دون طيار في الحفرة.
سوريا: "داعش" ألقى جثثا في "الهوتة" https://t.co/8eBNMtGm9O
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) May 4, 2020
مكان مرعب
وقالت الباحثة في "هيومن رايتس ووتش" سارة كيالي، إن "حفرة الهوتة، التي كانت ذات يوم موقعاً طبيعياً جميلاً، أصبحت مكاناً للرعب والاقتصاص". وأضافت أن "فَضْح ما حدث هناك، وفي المقابر الجماعية الأخرى في سوريا، أمر أساسي لتحديد مصير آلاف الأشخاص الذين أعدمهم داعش ومحاسبة قتَلَتهم".
والهوتة هي واحدة من 20 مقبرة جماعية، عُثر عليها في مناطق سيطر عليها سابقاً التنظيم في سوريا، وفق المنظمة، التي أشارت إلى أن عدد الجثث في الحفرة غير معلوم حتى الآن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فضح جرائم داعش
وأوضحت "هيومن رايتس ووتش" أنه عُلم بوجود الحفرة حين ذهب عنصر من التنظيم إلى محل أجهزة إلكترونية لتصليح حاسوبه في بلدة تل أبيض، الحدودية مع تركيا. وبهدف فضح جرائم "داعش"، عمد عامل في المحل إلى تفريغ محتويات الحاسوب والتي كانت تتضمن شريط فيديو لمتشددين يرمون جثثاً في الحفرة.
ونقلت المنظمة عن سكان محليين قولهم إن التنظيم المتطرف كان يهدد الناس بإلقائهم في الحفرة، كما قال البعض إنهم رأوا "جثثاً" مرمية حول حافتها.
وأرسلت المنظمة طائرة من دون طيار إلى داخل الحفرة، ورصدت فيها "ست جثث تطفو على سطح المياه". وأوضحت المنظمة أن هذه الجثث "أُلقيت هناك بعد وقت طويل من مغادرة داعش المنطقة. ولا تزال هوية هؤلاء الضحايا وأسباب وفاتهم مجهولة".
وبحسب المنظمة أيضاً "الحفرة أعمق مما كانت الطائرة قادرة على رؤيته، لذلك يُرجَح وجود مزيد من الرفات البشرية تحت سطح المياه".
وقالت كيالي "أياً كانت السلطات التي تسيطر على منطقة الهوتة فهي مُلزمة حماية الموقع والمحافظة عليه". وأضافت "عليها تسهيل جمع الأدلة لمحاسبة أعضاء داعش على جرائمهم المروعة، وكذلك محاسبة أولئك الذين ألقوا الجثث في الهوتة قبل حكم داعش أو بعده".
برصاص مجهولين
في سياق آخر، قُتل تسعة عناصر من قوات الأمن السورية الإثنين برصاص مجهولين هاجموا مديرية حكومية في محافظة درعا جنوب سوريا، في آخر فصل من اعتداءات تشهدها المنطقة منذ استعادة النظام السيطرة عليها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية الاثنين إن "مجهولين هاجموا مديرية ناحية المزيريب في ريف درعا الغربي، وخطفوا تسعة عناصر من القوات الأمنية فيها قبل أن يقتلوهم رمياً بالرصاص ويرموا جثثهم في ميدان في البلدة".
وفي وقت لاحق، أوردت وزارة الداخلية السورية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سانا" أن "تسعة من عناصر قيادة شرطة درعا-ناحية المزيريب استُشهدوا إثر اعتداء مجموعة ارهابية عليهم أثناء قيامهم بعملهم".
ومنذ استعادة قوات النظام السيطرة على محافظة درعا في صيف عام 2018، تشهد المنطقة تفجيرات واغتيالات تستهدف بشكل خاص قوات النظام أو مدنيين موالين لها او معارضين سابقين، وأودت بحياة مئات الأشخاص. وتبنى تنظيم "داعش" عمليات عدة، إلا أن هجمات أخرى بقي منفذوها مجهولين.
وأوضح عبد الرحمن أن "هجوم الإثنين يُعد نادراً من حيث حصيلة القتلى المرتفعة"، موضحاً أن "الهجمات ضد قوات النظام عادةً ما تستهدف حواجز تابعة لها أو دوريات وليس مديرية حكومية كما حصل اليوم".
وشكّلت درعا مهد الاحتجاجات ضد النظام في مارس (آذار) 2011 ومنها انطلقت التظاهرات التي طالبت بإسقاط النظام وتمت مواجهتها بالقمع، قبل اندلاع نزاعٍ دامٍ في البلاد لا يزال مستمراً. وهي المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها كل عناصر المعارضة بعد استعادة النظام السيطرة عليها في يوليو (تموز) 2018.
ووضع اتفاق تسوية رعته موسكو حداً للعمليات العسكرية بين قوات النظام والفصائل المعارِضة. ونصّ على أن تسلم الفصائل سلاحها الثقيل، لكن عدداً كبيراً من عناصرها بقوا في مناطقهم على عكس ما حصل في مناطق أخرى استعادها النظام، واحتفظوا بأسلحة خفيفة، فيما لم تنتشر قوات النظام في كل أنحاء المحافظة.