بيّنت دراسة تجريبية استمرت سنتين أن إعطاء دخل أساسي شامل للناس يحسن صحتهم العقلية، ويولّد أثراً صغيراً لكنه إيجابي، في احتمال قبولهم تولي الوظائف.
واقترحت رئيسة وزراء إسكتلندا نيكولا ستيرجن هذا الأسبوع أن الوقت قد حان لتطبيق سياسة في هذا الشأن. وأشار استطلاع جديد للرأي إلى أن تطبيق هذه السياسة بعد انحسار فيروس كورونا يحظى الآن بدعم 71 في المئة من الأوروبيين، فضلاً عن دعم متزايد في البرلمان البريطاني.
وحظيت الدراسة التجريبية التي أُجرِيت بتكليف من الحكومة الفنلندية، بمتابعة وثيقة عالمياً. وصدرت نتائجها في خضم اهتمام أكبر بسياسة الدخل الأساسي الشامل، باعتبارها وسيلة لدعم الناس خلال جائحة فيروس كورونا وبعدها.
وأشارت الدراسة التي تُعَد الأشمل حتى الآن، إلى أن ألفي شخص اختيروا عشوائياً من بين عاطلين من العمل، تلقوا دخلاً شهرياً منتظماً يبلغ 560 يورو (606 دولارات) من قبل الدولة لسنتين من دون التزامات أو خفض للمدفوعات إذا عثروا على عمل، على النقيض من الإعانات التقليدية للعاطلين من العمل.
وذكر معدّو الدراسة الذين يعملون في "مؤسسة التأمين الاجتماعي" في فنلندا، "أن المشاركين في الدراسة الذين تلقوا دخلاً أساسياً وصفوا حُسْنَ أحوالهم في شكل أكثر إيجابية مما أورده مشاركون في مجموعة المقارنة.
"لقد كانوا أكثر رضا عن حياتهم، وواجهوا مستويات أدنى من الضغط العقلي والاكتئاب والحزن والشعور بالوحدة. كذلك كانت لديهم نظرة أكثر إيجابية إلى قدراتهم الإدراكية، أي الذاكرة والتعلم والقدرة على التركيز".
ويبدو أن للدخل الأساسي أثراً معتدلاً في تشجيع الناس على العثور على وظائف. وثمة من يرى أنه أثر قد يحصل لأن من يتلقون هذا الدعم لا يخسرونه حين يتولون وظيفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يتلقون الدخل تولوا وظائف لفترة أطول بستة أيام في المتوسط، بالمقارنة مع الأشخاص في مجموعة المقارنة التي ضمّت من لا ينالون هذا الدخل.
وأضافت الدراسة "أن معدل العمالة للمستفيدين من الدخل الأساسي تحسّن خلال هذه الفترة بقدر أكبر قليلاً مما لدى مجموعة المقارنة".
وتتناقض النتيجة الأخيرة مع الحجج التي يسوقها معارضو سياسة الدخل الأساسي الشامل، كوزير العمل ومعاشات التقاعد السابق إيان دانكان سميث، الذي اقترح أن هذه السياسة سوف "تثبط" الرغبة في العمل إذا لم تتضمن عقوبات.
وفي العقود الأخيرة، عدّلت بلدان غربية متقدمة كثيرة كالمملكة المتحدة والولايات المتحدة، مفاهيمها عن دولة الضمان الاجتماعي عبر فرض عقوبات أكبر، وأرفقت قيوداً وشروطاً للاستفادة من المدفوعات بهدف معلن يتلخص في تشجيع الناس على العودة إلى العمل.
وسأل استطلاع للرأي، أجراه "مركز الدراسات الأوروبية" في "كلية سانت أنتوني" بجامعة أكسفورد، أكثر من 12 ألف شخص عن وجهة نظرهم في ما يتصل بهذه السياسة، وذلك بين 5 و25 مارس (آذار) الحالي.
ووجد الباحثون أن 71 في المئة من المشاركين يؤيدون اعتماد هذه السياسة. وجاء المشاركون من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومن المملكة المتحدة.
وفي مقال منشور عن النتائج، ذكر المؤلفان تيموثي غارتون آش وأنتونيا زيمرمان، أن "هذا رقم لافت بالنسبة إلى فكرة كثيراً ما تعرضت إلى الرفض باعتبارها غير واقعية ومثالية إلى حد كبير". وتبيّن لهما أيضاً أن الدعم كان قوياً بالقدر نفسه في كل الفئات العمرية.
وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، أشارت رئيسة وزراء إسكتلندا نيكولا ستيرجن في إدنبرة، إلى إنه "في الواقع، جعلتني تجربة الفيروس والعواقب الاقتصادية المترتبة عليه، أؤيد بقوة أكبر بكثير الرأي القائل إن الأوان قد آن لتطبيق هذه الفكرة".
ويحظى هذا الموقف بدعم عديد من أعضاء مجلسي العموم واللوردات، إذ وقع أكثر من 170 من هؤلاء رسالة نشرتها الـ"اندبندنت" في أوائل مارس (آذار)، تطالب بتطبيق هذه السياسة في سياق الاستجابة لأزمة فيروس كورونا.
وكذلك اتخذ حزب العمال بعض الخطوات نحو المشاركة في هذه السياسة في عهد وزير المالية السابق في حكومة الظل السابق جون ماكدونيل، الذي وعد بإجراء دراسات تجريبية في حال انتخابه. بيد أن الزعيم الجديد كير ستارمر نأى بنفسه عن تأييد السياسة. وتحظى سياسة الدخل الأساسي الشامل بدعم "حزب الخضر"، منذ فترة طويلة.
وفي الشهر الماضي، رفض وزير الخارجية دومينيك راب هذه السياسة، وأخبر أعضاء مجلس العموم، "أعتقد بأننا في حاجة إلى نهج شديد التركيز، يقدم الموارد التي نحتاج إليها، إلى أولئك الأكثر حاجة إليها".
© The Independent