يُعَد رئيس "تيسلا" إيلون ماسك أحد رجال الأعمال النجوم وملهماً في الدفاع عن البيئة ورائد فضاء وعبقرياً (ربما)، لكنه يبدو مصمماً على إضافة صفة "الترمبي" إلى قائمة صفاته من خلال سلوكه فيما يخص "كوفيد-19".
ولطالما امتلك الرجلان صفات مشتركة. فكلاهما رجلا أعمال (كان ترمب كذلك نوعاً ما)، ومتبجحان قلما يتحملان النقد، ونجمان على "تويتر"، ومتبنيان أحياناً لمبالغات وأكاذيب فيبدوان مقيمَين في واقعين بديلين من صنعهما.
وبالطبع، يعتبر ترمب محتالاً ذا نطاق واسع أصبحت فوراته جزءاً من النمط اليومي فلا يكون لها أثر إلا حين يبالغ (انظروا إلى اللامبالاة التي قابلت تغريداته عن فضيحة مزعومة في عهد سلفه باراك أوباما).
أما ماسك فهو مبتكر غريب الأطوار. وليست فوراته كثيرة، وهي أحياناً مشهدية، تكفي بالتأكيد للتسلية في الأيام الهادئة على صعيد الأخبار، لأسباب ليس أقلها المشكلات القانونية التي تسببت بها له أحياناً. لكنها تتضمن مراحل يتقن فيها عمله كمغير لوجه صناعة السيارات.
ويحيط جدال بمنتجات "تيسلا" والاحتمالات أمامها كشركة، لكن الأثر الذي تركه ماسك في الشركة لا يمكن نكرانه. فسلاحف القطاع تعاني للحاق بالأرنب المتسابق المجنون، فالشركة تصنع سيارات أكثر نظافة واخضراراً (صديقة للبيئة).
وتعطل الجائحة الحالية كل هذا العمل الناجح، فقد أثارت مقارنة غير جذابة أخرى مع ترمب. فالاثنان يحملان على القيود المفروضة من قبل حكام الولايات الأميركيين الأعقل، ويضعان مصالح الأعمال فوق حيوات الناس التي بدا أن أعمالهما تستخف بها أشد استخفاف.
فقد غرد ماسك قائلاً، "أطلقوا سراح أميركا الآن"، متبنياً أحد عناوين ترمب ومستخدماً الأحرف الكبيرة من دون داعٍ مثله.
وبعدما ولول في شأن القيود التي تفرضها كاليفورنيا بهدف إبقاء سكانها آمنين، وهدد بسحب أعمال التصنيع الخاصة بـ"تيسلا" من الولاية، أعاد ماسك فتح المعمل في تحدٍّ لمقاطعة ألاميدا، التي سعت الاثنين إلى تذكيره بأنه غير مخوّلٍ بتجاوز العمليات الأساسية الدنيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبات مسؤولو المقاطعة في موقع صعب، فقد هب وزير مالية ترمب المسؤول السابق في "غولدمان ساكس"، ستيف منوشين، للدفاع عن ماسك، إذ حض الولاية على القيام "بكل ما عليها القيام به لحل المسائل الصحية هذه لكي يتمكن من فتح أعماله سريعاً وبأمان".
ويبدو أن "السرعة" أهم من "الأمان". ولم يصغِ إلا قلائل إلى صوت الخبراء الطبيين في خضم الجدال.
ويمكن لنوبة الغضب التي انتابت ماسك أن تكون لها تداعيات جدية، وسيكون محظوظاً إن لم يحدث ذلك.
وبغض النظر عن أي تداعيات، فقد سلط الأمر الضوء على جانب غير جذاب في شكل قاطع على رجل الأعمال النجم، الذي تجتذب نجوميته مريدين بقدر ما تجتذب عملاء.
وبالطبع، عبر ترمب الحدود في شكل كامل إلى عالم النجومية قبل مدة طويلة من تحوله إلى رجل سياسي. فقد أثبت أنه ناجح في توليد الاهتمام به أكثر من توليد المال، وهذا قد يفسر هوسه المفرط في معدلات المشاهدة التلفزيونية. وبلغ الأمر ذروته حين فاخر بنسبة مشاهدة مؤتمره الصحافي اليومي حول فيروس كورونا في وقت كان الأميركيون، كما تعلمون، يموتون.
وبدرجة أكبر، يشبه ماسك أشخاصاً مثل السير ريتشارد برانسون، وهو رائد أعمال آخر ذو هالة نجومية تلطخت صورته خلال مسار الجائحة، لا سيما حين عرض وضع جزيرته الفارهة كضمان في مقابل قرض حكومي يسعى إليه لدعم شركة الطيران التي يمتلكها.
لقد كان أداء قادة الأعمال الأقل حيوية والأكثر تقليدية أفضل، فهؤلاء يستحقون الثناء أكثر من رجال الأعمال الساعين إلى الثناء من خلال تبني صفات النجوم والسعي إلى استغلال شهرتهم لمخالفة ليس فقط القواعد بل كذلك المعايير الإنسانية الأساسية.
© The Independent