دفع تفشي فيروس كورونا أكبر اقتصاد في أوروبا إلى التراجع، حيث تُظهر الأرقام الرسمية انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 2.2 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، مما يمثّل أكبر انخفاض فصلي منذ عام 2009 عندما أوجعت الأزمة المالية العالمية اقتصاد البلاد، وفقاً للبيانات الصادرة أخيراً عن هيئة الإحصاء الألمانية.
كما تم تعديل أرقام الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2019 لإظهار انكماش، مما يعني أن النمو الاقتصادي كان سلبياً لربعين متتاليين، وهو التعريف الفني للركود. ويتوقع الاقتصاديون تراجعاً أعمق في الربع الثاني مع ظهور الآثار الكاملة لعملية الإغلاق.
مثل الدول الأوروبية الأخرى التي تضرّرت بشدة من الوباء، أغلقت ألمانيا المصانع والمتاجر والمطاعم، مما أجبر العديد من العمال على البقاء في منازلهم منذ منتصف مارس (آذار) لإبطاء انتشار الوباء. وتقدم نحو نصف الشركات الألمانية بطلبات للحصول على "كورزاربيت"، وهو برنامج حكومي يسمح للشركات بتقليص ساعات العمل وتلقي الإعانات الحكومية للمساعدة في دفع 60 في المئة في الأقل من رواتب العمال. كما أن اعتماد ألمانيا الشديد على الصادرات جعلها عرضة للخطر، حيث تم تقليص التجارة الدولية والسفر.
تأتي هذه الأرقام بينما تتخذ ألمانيا خطواتها الأولى للخروج من الإغلاق. في معظم أنحاء البلاد، يتم إعادة فتح الحانات والمطاعم نهاية هذا الأسبوع. ويعود الطلاب أيضاً إلى الفصول الدراسية، واستأنف دوري كرة القدم في البلاد "البوندسليغا" موسمه بداية هذا الأسبوع داخل ملاعب فارغة. وحذرت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، من أنه إذا تفاقم معدل انتقال الفيروس، فقد تعود البلاد إلى إجراءات الإغلاق التي عرقلت اقتصادها في المقام الأول.
تراجع الاقتصاد الألماني
يعكس تراجع الاقتصاد الألماني أكبر انخفاض فصلي منذ الانهيار المالي والاقتصادي العالمي لعام 2009 وثاني أكبر انخفاض منذ توحيد ألمانيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أبلغت دول أخرى في المنطقة الأوروبية أخيراً عن بيانات اقتصادية مروعة، حيث انخفض اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 2 في المئة في الربع الأول من العام، وفرنسا وإسبانيا 5.8 في المئة و5.2 في المئة على التوالي. وانكمش اقتصاد منطقة اليورو ككل 3.8 في المئة في نفس الفترة.
قال أرتور بالوزينسكي، رئيس قسم الأبحاث في هندرسون رو، لـ"ماركتس إنسيدر"، إن "الانكماش في الربع الأول بنسبة 3.8 في المئة في الربع الأول هو الأكثر حدة".
"ومع ذلك، تقلّصت ألمانيا بنسبة 2.2 في المئة فقط، واعتبرت أن فرنسا وإيطاليا قد انكمشتا بمقدار الضعف تقريباً، وينبغي أن نتوقع ظهور بعض الاحتكاك عندما يتعلق الأمر بالإسهامات المستقبلية في أي هياكل انتعاش في الاتحاد الأوروبي".
أظهرت البيانات أن نفقات الأسرة في ألمانيا انخفضت بشكل حاد في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، في حين شهدت الصادرات والواردات انخفاضات قوية في الربع الرابع من عام 2019.
وقالت هيئة الإحصاء الألمانية إن الإنفاق الحكومي العام والنفقات المتعلقة بصناعة البناء كان لها تأثير "استقرار" وحالت دون انخفاض إجمالي الناتج المحلي المحتمل.
يعود أي أداء اقتصادي تم تحقيقه في الربع الأول إلى حد كبير إلى 45 مليون شخص ما زالوا يعملون. يمثل هذا الرقم زيادة قدرها 147 ألف شخص فقط، أو 0.3 في المئة، مقارنة بالعام الماضي.
وقالت الهيئة إن "وباء كورونا لم يكن له سوى تأثير معتدل على عدد الأشخاص العاملين في الربع الأول من عام 2020، أحد الأسباب هو احتساب العمال لفترات قصيرة كأشخاص في العمل".
ووفقاً لأحدث الأرقام، يوجد في ألمانيا 174975 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا و7928 حالة وفاة.