قبل أيام، كانت التوقعات الخاصة بسوق النفط أكثر من صادمة، حيث كانت البيانات والأرقام تشير إلى أن أكبر شركات النفط الأميركية على موعد مع موجة صعبة من الإفلاس، بدأت بالفعل مع تهاوي الخام الأميركي إلى مستوى دون الصفر في جلسة عاصفة، كبدت كبار الشركات المنتجة خسائر حادة وعنيفة.
وخلال تعاملات اليوم، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 8 في المئة، ليسجل خام "نايمكس" أعلى مستوى في شهرين بدعم خفض الإمدادات الحالي إضافة إلى إشارات التعافي التدريجي في الطلب على الوقود.
وتلقى السوق دعماً قوياً من إشارات إضافية تؤكد عودة تدريجية للطلب على الوقود في ظل حقيقة أن المزيد من الدول تعمل على تخفيف القيود المفروضة لمكافحة انتشار وباء كورونا. كما استفادت أسعار النفط من آمال إيجاد لقاح ضد الفيروس الذي أصاب الطلب على الخام بالشلل.
وبداية الشهر الحالي، بدأ تنفيذ اتفاق تاريخي لخفض مستويات إنتاج النفط من جانب الدول الأعضاء في أوبك وحلفاء من خارج المنظمة بقيادة روسيا.
وعند التسوية، زاد سعر العقود الآجلة لخام "نايمكس" الأميركي تسليم يونيو (حزيران) بنحو 8.1 في المئة مسجلاً 31.82 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى لهذا العقد الأكثر نشاطاً منذ 11 مارس (آذار) الماضي. كما ارتفع سعر العقود المستقبلية لخام "برنت" القياسي تسليم يوليو (تموز) إلى 35.01 دولار للبرميل، بزيادة 7.7 في المئة.
الشركات قد تلجأ لإعادة هيكلة خططها وفق الأسعار الجديدة
وربما تدفع هذه القفزة في الأسعار، شركات النفط الكبرى إلى إعادة ترتيب أوراقها من جديد، فعقب التوجه إلى ميزانيات مخفضة وترشيد الإنفاق العام مع تهاوي أسعار النفط، فمن المتوقع أن تعيد الشركات الكبرى هيكلة خططها في ضوء الارتفاعات الأخيرة في أسعار النفط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يرى محلل الاقتصاد الكلي، عماد كمال، أن سوق النفط تتجه بالفعل نحو المزيد من الاستقرار بدعم قوي من تنفيذ اتفاق أوبك + الذي تضمن خفضاً تاريخياً في الإنتاج، وبالفعل استوعبت السوق صدمة الانهيار بعد تدني سعر البرميل إلى ما دون الصفر وتعافت بشكل سريع.
وتوقع أن تدفع هذه الارتفاعات في الأسعار إلى تقليل التوقعات السلبية والمتشائمة بشأن مستقبل شركات النفط الكبرى التي كانت بالفعل تقترب من الإفلاس، وهو ما حدث بالفعل بداية الشهر الماضي حينما أعلنت شركة نفط أميركية إفلاسها بسبب تهاوي الأسعار وانهيار الطلب العالمي على النفط.
لكن وفق هذه الأسعار الجديدة، فإن الشركات قادرة على التعايش مع أزمة تراجع الطلب، بخاصة أنها تخلصت من الأزمة السابقة المتعلقة بتهاوي الأسعار، في ما تبقى الآمال معلقة على تحسن تدريجي في الطلب العالمي على النفط مع إعادة فتح الاقتصادات خلال الفترة المقبلة.
آلاف الشركات تواجه الإفلاس عند 10 دولارات لبرميل النفط
وفي تقرير سابق لشركة "ريستاد إنرجي"، أوضح أن " 30 دولاراً سيئة بالفعل، ولكن بمجرد أن تصل إلى 20 دولاراً أو حتى 10 دولارات، يصبح كابوساً كاملاً". وتحملت العديد من شركات النفط الكثير من الديون خلال الأوقات الجيدة، ما يعني أن بعضها لن يتمكن من النجاة من هذا الانكماش التاريخي.
وذكر التقرير أنه في بيئة نفطية بقيمة 20 دولاراً للبرميل، ستقدم 533 شركة للتنقيب عن النفط الصخري الأميركي وإنتاجها ملفاً للإفلاس بحلول نهاية 2021، وفقاً لـ "ريستاد إنرجي". وتقدر الشركة أنه عندما يكون سعر البرميل 10 دولارات، سيكون هناك أكثر من 1100 حالة إفلاس.
وعند سعر 10 دولارات، فإن كل شركة أميركية للاستكشاف والإنتاج لديها ديون تقريباً سوف تضطر إلى تقديم طلب إعلان خاص بالفصل 11 - وهو فصل من قانون الإفلاس في الولايات المتحدة - أو التفكير في الفرص الإستراتيجية، على حد قول أرتام أبراموف، رئيس أبحاث النفط الصخري في "ريستاد إنرجي".
القيمة السوقية لكبرى الشركات تهوي بشدة
في الوقت نفسه، فإن البيانات والأرقام تشير إلى أن شركات "نوبل إينرجي" و"هاليبرتون" و"ماراثون أويل" و"أوكسيدنتال" فقدت أكثر من ثلثي قيمتها السوقية، حتى أن القيمة السوقية لشركة "إكسون موبيل" المدرجة في مؤشر "داو جونز" الصناعي هبطت بنحو 38 في المئة.
وأصبحت شركة "وايتنج بتروليوم" أول قطعة دومينو في السقوط عندما تقدمت نجمة النفط الصخري السابقة بطلب حماية الفصل 11 يوم 2 أبريل (نيسان) الماضي، لكن من المؤكد أنها لن تكون الأخيرة.
وبالنسبةإلى سيناريو الـ 20 دولاراً كسعر لبرميل النفط، فإن 70 مليار دولار من ديون شركات النفط ستدخل حيز التعثر عن السداد وتتجه إلى الإفلاس، يليها ديونها بنحو 177 مليار دولار في عام 2021، وذلك وفقاً لتقرير "ريستاد إنرجي".
ويسري ذلك فقط على شركات الاستكشاف والإنتاج، وليس شركات خدمات الصناعة والتي توفر الأدوات والأيدي العاملة للحفارات. وستتمثل المسألة الرئيسية في إلى متى ستظل أسعار النفط بمثل قيمة التراب، كما أن التعافي في الأسعار يمكن أن يسمح للعديد من الشركات بتفادي سيناريو الإفلاس.