انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر خلال الأيام الماضية بصور تظهر التصاق عمارات سكنية بكوبري قيد الإنشاء في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة (شرقي القاهرة)، يقع ضمن محور "الملك سلمان" المروري وهو الاسم الرسمي للمشروع أو محور الزمر نسبة إلى ترعة الزمر (قناة مائية متفرعة من نهر النيل)، التي كانت في الموقع نفسه، وهو المحور الذي يتم إنشاؤه حالياً لربط شمال محافظة الجيزة بجنوبها.
وإلى جانب حالة الجدل التي تسببت فيها الصور، انطلقت شكاوى أهالي هذه العمارات من أنهم حُرموا من ضوء الشمس والهواء بسبب الكوبري الذي يسد عليهم المنافذ، ولا يبعد عن شرفات بيوتهم سوى أقل من متر في بعض العمارات، وأحيانا بضعة سنتيمترات في عمارات أخرى، كما يشكل باقترابه الشديد منهم فرصة بالنسبة إلى اللصوص للوصول إلى شققهم السكنية، إلى جانب خوفهم من وقوع حوادث مرورية على الكوبري قد تؤدي لدخول سيارة داخل المنزل، لكن الجهات الحكومية ردت بأن هذه العمارات مخالِفة، ووجودها غير قانوني في هذا الموقع.
طلبات الأهالي
نحو 15 عمارة ملاصقة للكوبري الجديد، ويؤكد هاني صبحي، الذي يسكن في واحدة منها إلى جانب عشرات الأسر أن وضعهم القانوني سليم، من حيث رخصة الأرض والمباني والدليل سماح الدولة بتوصيل المرافق إليهم مثل مياه الشرب والكهرباء طوال السنوات الماضية، خصوصاً أن معظم العمارات مقامة منذ عام 2008، بالتالي لا صحة لما ردده المسؤولون الحكوميون في وسائل الإعلام حول عدم أحقية سكان هذه العمارات في التعويضات.
وكشف صبحي لـ"اندبندنت عربية" عن قيام محمود نصار، رئيس الجهاز المركزي للتعمير، بزيارة المنطقة الثلاثاء الماضي، بصحبة عضوي مجلس النواب عن المنطقة، حيث استمع إلى أهالي العمارات المتضررين الذين طالبوا بتقليل عرض الكوبري مترين من الجانبين، بما يمنع الضرر عن السكان وفي الوقت نفسه لا يؤثر في إنشاء المحور المروري، لكن الأمر لم يُحسم حيث تم الاتفاق على عقد جلسة بين الأهالي المتضررين ورئيس الجهاز المركزي للتعمير الثلاثاء المقبل، لبحث حلول للمشكلة.
التعويض هو الحل
مقترح تقليل عرض الكوبري مُستبعدٌ تماماً بحسب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب المصري عن دائرة الهرم، الذي أوضح أنه لا يمكن معارضة إنشاء مشروع قومي، خصوصاً أن الجزء الأكبر منه جرى إنشاؤه بالفعل، مشيراً إلى أن الحديث حالياً يدور حول كيفية تعويض الأهالي المتضررين من الكوبري، بعد نزع ملكيتهم، شريطة إثبات صحة موقفهم القانوني من خلال تراخيص البناء والأراضي، أما العمارات المخالفة فلن يكون من حق سكانها التعويض، لأنه يجب إزالتها من الأساس، حتى في حالة عدم وجود الكوبري. وتوقع أن يُحسم الملف خلال الجلسة التي ستُعقد مع الأهالي الأسبوع المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد النائب البرلماني أن الحديث عن تعويض الأهالي تأخر كثيراً، وكان يجب أن يتم قبل تنفيذ الكوبري، ولا يتفاجأ الناس بفرض أمر واقع، مؤكداً أن ما يتم حالياً من الحديث عن التعويض يعد خطوة متأخرة. وأشار إلى أنه فور متابعته الصور المتداولة للكوبري أجرى اتصالات بمسؤولي محافظة الجيزة وحي العمرانية ووزارة النقل ووزارة التنمية المحلية لاستيضاح الأمر، وتبين وجود تضارب في الردود، حيث رد مسؤولو الحي بأن المسافة بين العمارات والكوبري 4 أمتار، بينما أشار مسؤولو وزارة الإسكان إلى أن العمارات وضعها مخالف للقانون. وأوضح فؤاد أنه عرض نتاج هذه الاتصالات خلال مناقشة المسألة في لجنة الإسكان بمجلس النواب.
مشروع قومي
وكان محمود نصار رئيس الجهاز المركزي للتعمير، أعلن في تصريحات تلفزيونية أنه لن يضار أحد من المحور المروري إلا وسيتم تعويضه. وأكد أن هناك لجنة جرى تشكيلها لتعويض أصحاب العقارات، ومرصود لها 250 مليون جنيه كمبالغ للتعويضات، مشدداً على أنها ستكون لأصحاب الحقوق غير المخالفين فقط.
وأكد وزير النقل المصري، كامل الوزير، أن المتضررين من الكوبري يمكنهم إخلاء وحداتهم السكنية وتعويضهم بأخرى، مشدداً على أن الكوبري لا بد من تنفيذه وأن هناك لجنة ستدرس أوضاع العقارات السكنية هناك، ولفت إلى أن شركات التخطيط لم تجد حلاً أفضل من إنشاء الكوبري بهذا الشكل".
وأضاف أن هذا الكوبري هو مشروع قومي، ولا يصح إهمال مصلحة مخافظة كاملة، حيث سيربط الجسر شمال الجيزة بجنوبها.
وكانت محافظة الجيزة بدأت في ديسمبر (كانون الأول) 2019 في أعمال إنشاء محور الملك سلمان، بتكلفة نحو 4.2 مليار جنيه مصري (266 مليون دولار)، بامتداد 12 كيلومتراً، وينتهى تنفيذه خلال 18 شهراً تقريباً.