مثلما كان متوقعاً، بعد حسم القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية معركة الوطية، بدأت الحشد للمعركة الآتية، التي تستهدف مدينة ترهونة، مركز عمليات الجيش الوطني، وشريانه اللوجستي في معارك غرب ليبيا.
ونشرت وسائل إعلام مقربة من الوفاق، صوراً ومقاطع فيديو لتعزيزات عسكرية إلى المناطق المحيطة بترهونة، ضاربة ما يشبه الحصار على مداخل ومخارج المدينة.
في المقابل، قالت مصادر عسكرية مقربة من القيادة العسكرية لحكومة الوفاق إن سلاح الجو التابع لها، (يصفه الجيش الوطني الليبي بالطيران التركي)، شن سلسلة غارات جوية على مراكز للاتصالات والتنسيق والقيادة داخل ترهونة، تهيئة لهجوم بري موسع، من المتوقع أن ينطلق في أي ساعة، خلال الأيام القليلة المقبلة.
تحييد المنظومات الدفاعية
الحملة الجوية التي أطلقتها القيادة العسكرية لقوات حكومة الوفاق، ركزت على تحييد منظومات الدفاع الجوي، التابعة للجيش الوطني الليبي في ترهونة، وخطوط إمدادها الشرقية غرب سرت، كما بينت أشرطة فيديو بثتها وسائل إعلام مقربة من حكومة طرابلس وتصريحات لمسؤولين عسكريين تابعين لها.
وأعلن الناطق باسم قوات الوفاق محمد قنونو، "تدمير منظومة دفاع جوي روسية الصنع، نوع بانتسير، في محور الوشكة شرق مصراتة، فضلاً عن تدمير 3 منظومات مشابهة في ترهونة، بغارات جوية، منذ فجر الأربعاء 20 مايو (أيار)".
في الأثناء، كشف آمر غرفة عمليات سرت الجفرة، التابعة لقوات الوفاق، العميد إبراهيم بيت المال، عن "قصف سلاح الجو التابع لقواتهم عدداً من الآليات والتمركزات للجيش، غرب سرت"، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية، أن "هذه الغارات أسفرت عن تدمير 5 عربات عسكرية متنوعة الاستخدام، وقتل وجرح العديد من العناصر التابعة للجيش".
أم المعارك
معركة ترهونة، هي أم المعارك وموقعة الحسم في غرب البلاد، وهي واقعة تحت حصار عسكري حالياً، لا طاقة لها بمقاومته، وفق وصف المستشار السياسي السابق لحكومة الوفاق، سامي الأطرش، في حديث إلى "اندبندنت عربية".
واعتبر الأطرش أن "ارتدادات هذه المعركة لن تقف عند ترهونة، بل ستمتد إلى جنوب طرابلس، كونها مركز قيادة عمليات الجيش، في غرب البلاد بالكامل، وتحوي أهم كتائبه العسكرية وأضخم مخازن السلاح والذخيرة، لهذا فإن دخولها يعني حسم المعركة بشكل نهائي".
أضاف أن "المدينة ستسقط، بسبب خلافات داخلية بين قوات الجيش في ترهونة، لكونها غير متجانسة وقد تشكّلت من كتائب وبقايا عسكرية تابعة للنظام السابق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخالف عضو شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش محمد العزومي، هذا الرأي، جازماً أن "قوات الوفاق لن ستنجح في السيطرة قريباً على ترهونة".
ويبرر إخفاق محاولات قوات الوفاق السيطرة على المدينة المهمة، بالقول إن "السبب هو حجم القوة العسكرية التي ترابط في ترهونة، والتي لا تقارن بحجم القوة التي كانت موجودة في المدن التي دخلتها الوفاق". ويستدرك أن "قيادة الجيش الوطني تدرك معنى سقوط ترهونة وتأثيره ونتائجه، لذلك هي مستعدة لهذه المعركة بشكل جيد".
ويؤكد العزومي، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن "الجيش لم ولن ينسحب من غرب البلاد. فعلى الرغم من التراجعات الميدانية، ما زال موجوداً في طرابلس وترهونة وبني وليد والمنطقة الممتدة من شرق مصراتة حتى سرت. وهذه المناطق هي ضمن المنطقة الغربية لليبيا".
في الأثناء، نفى آمر محور عين زارة التابع للجيش الوطني اللواء فوزي المنصوري، أي نية للانسحاب من طرابلس، قائلاً إن "ما يحدث هو إعادة تمركز للقوات، استعداداً لاستئناف القتال".
ترمب وماكرون قلقان
على الرغم من انشغال العالم، بأزمة كورونا وتداعياتها، فإن دولاً كبرى وهيئات دولية وإقليمية عبرت عن قلقها من التطورات الأخيرة في ليبيا. وقد دعت مجموعة الاتصال التابعة للجنة الاتحاد الأفريقي في شأن ليبيا، إلى "احترام حظر توريد السلاح، وفرض وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا". وأسفت لمخالفة الالتزامات التي تعهد بها المشاركون في مؤتمر برلين الذي عقد في يناير (كانون الثاني) الماضي"، معتبرةً أن "استمرار القتال وتدفق الأسلحة والتجنيد الجماعي والمستمر للمقاتلين، دليل على ذلك".
من جهة أخرى، أعلن البيت الأبيض، في بيان، أن "الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، عبّرا خلال اتصال هاتفي الأربعاء، عن قلقهما من التدخل الأجنبي المتزايد في ليبيا، واتفقا على الحاجة الماسة إلى وقف التصعيد".
وكانت المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز، حذرت من "سيطرة قوات حكومة الوفاق على قاعدة الوطية غرب البلاد"، معتبرة أن ذلك "قد يؤدي إلى نشوب حرب بالوكالة في المنطقة".
وقالت ويليامز في جلسة إحاطة بمجلس الأمن الثلاثاء إن "قوات فائز السراج خرقت الهدنة الإنسانية المعلنة في رمضان".
تجاهل تركي
ولا تبدو تركيا آبهة بالتلميحات الواردة في البيانات والتعليقات الدولية في شأن التطورات الأخيرة في ليبيا، التي تدين تدخلها المتزايد في البلد الشمال أفريقي.
فقد بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال اجتماع أمني عقده، الأربعاء، في مدينة إسطنبول بحضور عدد من القادة العسكريين والأمنيين "التطورات الإقليمية المتعلقة بأمن تركيا، وعلى رأسها الأوضاع في ليبيا سوريا والعراق".
وسبق هذا الاجتماع، تصريح لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار، اعتز خلاله بالدور الذي لعبته بلاده في تغيير الموازين العسكرية في المعارك الدائرة غرب ليبيا.
وقال أكار، في تصريحات إلى وكالة الأنباء التركية الرسمية، إن "تغيير التوازنات في المعارك غرب ليبيا، جاء بعد تقديم أنقرة خدمات استشارية وتدريبات لقوات حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج"، مؤكداً "استمرار أنقرة في تقديم الدعم لحكومة الوفاق ورئيسها، المعترف بهما من الأمم المتحدة".