حدّد مجلس النواب التونسي 3 يونيو (حزيران) المقبل، موعد عقد جلسة حوار مع رئيسه راشد الغنوشي، حول ما وصفته بعض الكتل النيابية بأنه "تجاوز لصلاحياته" التي نصّ عليها الدستور والنظام الداخلي للبرلمان.
وجاء القرار على خلفية الاتصال الهاتفي بينه ورئيس مجلس الرئاسة الليبي فايز السراج لتهنئته باستعادة قاعدة الوطية الجوية، الذي رأت فيه بعض الأطراف السياسية داخل المجلس تسجيل موقف باسم البرلمان من دون استشارة مكوّناته أو العودة إلى رؤساء الكتل.
تحركات موازية
ونظراً إلى اختلاف توصيفات الجلسة المنتظرة بين مساءلة أو حوار، يقول نائب رئيس الحزب الدستوري الحر ثامر سعد إن الهدف واحد منها، هو تقديم رئيس المجلس توضيحاً حول تحركاته الدبلوماسية الموازية لسياسة الدولة التونسية.
وأكد سعد لـ"اندبندنت عربية" أن "الحزب الدستوري ذاهب نحو الأبعد، وهو سحب الثقة من راشد الغنوشي"، موضحاً أنهم يسعون إلى جمع 73 توقيعاً لضمان تحديد جلسة تصويت على سحب الثقة من عدمه.
وأضاف "المجلس سينظر في لائحة الحزب الدستوري الحر التي ستتضمّن ثلاث نقاط مهمة، أولها مطالبة مجلس نواب الشعب بعدم التدخّل في الشأن الخارجي باعتباره من اختصاص رئيس الجمهورية. ثانياً، المطالبة بعدم تقديم مشاريع قوانين تخصّ الشأن الليبي على غرار الاتفاقيات بكل أشكالها. والنقطة الثالثة تتعلّق برفض الدستوري الحر أن تكون تونس قاعدة لوجستية أو عسكرية لأطراف أجنبية من أجل التدخل في الشأن الليبي".
وجاء قرار تحديد جلسة الحوار بعد الاعتصام الذي نفّذته كتلة الدستوري الحر المعارضة، لمدة عشرة أيام في باحة البرلمان.
جلسة ساخنة
وقال الصحافي المتخصص في الشأن البرلماني سرحان الشيخاوي إن "هذا الملف يمكن قراءته عبر سياقين. الأول قانوني، من خلاله يمكن التأكيد أن النظام الداخلي والدستور لا يتضمّنان مصطلح المساءلة". أما السياق الثاني، فهو سياسي، إذ إنّ هذه الجلسة انطلقت بمعركة سياسية بين الحزب الدستوري الحر ورئيس حركة النهضة والبرلمان راشد الغنوشي، على خلفية اتصاله بأردوغان، ثم امتدت إلى غالبية الكتل النيابية التي استنكرت الاتصال الأخير الذي أجراه الغنوشي مع السراج".
وأضاف أن "مكتب المجلس وجد مخرجاً يقي من تفاقم التوتر في البرلمان، ويمكّن من عدم تجاوز القانون، فأقرّ جلسة حوار حول الدبلوماسية البرلمانية بالتوازي مع جلسة مناقشة لائحة برلمانية تقدّم بها الحزب الدستوري الحر لإدانة التدخل الخارجي في ليبيا".
كما أعرب الشيخاوي عن اعتقاده بأنّ "الجلسة المقبلة ستكون ساخنة وسهام نواب المعارضة وحتى الصديقة ستصيب الغنوشي لا محالة وستكون محرجة له". لكن من الزاوية القانونية، رأى أن الجلسة لن يكون لها أي تبعات.
ويواجه الغنوشي غضب نواب المجلس للمرة الثانية في أقل من خمسة أشهر، إذ عُقدت جلسة في 15 يناير (كانون الثاني) الماضي لمساءلته حول لقائه غير المعلن مع الرئيس التركي في اسطنبول.
اعتصامات متعددة
من جانبه، أعرب النائب عن التيار الديمقراطي محمد عمار في تصريح لـ"اندبندنت عربية" عن أسفه لما أسماه تبادل سباب بين الدستوري الحر وائتلاف الكرامة المعارضَيْن، خلال الجلسة العامة الأخيرة، موضحاً أن "المساءلة غير موجودة نهائياً في النظام الداخلي، إنما القانون ينصّ بصريح العبارة على سحب ثقة من الرئيس أو أحد نائبَيْه بتقديم عريضة موقّعة من قبل 73 نائباً أي ثلث النواب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقّع عمار أن "يونيو المقبل سيشهد بداية اعتصامات متعددة منها سياسية تدعو إلى حل البرلمان وأخرى اجتماعية". بالتالي، ستتجه "الأنظار نحو الغنوشي، وهذا قد يؤثر في مؤسسة البرلمان التي تعيش صراعات متتالية نتيجة تنوّع المشهد السياسي خلال الفترة الأخيرة وعدم الانكباب على المشكلات الحقيقية".
ورجّح أن "ما سيحصل في الجلسة المنتظرة سيشوّش على عمل الحكومة، بخاصة بعد الخروج التدريجي من الحجر الصحي وعودة الحياة إلى طبيعتها".
في المقابل، قال محمد القوماني، وهو نائب عن حركة النهضة، لـ"اندبندنت عربية"، إنه لا وجود لمصطلح مساءلة في القانون الداخلي للبرلمان، بالتالي الجلسة ستكون حوارية لتبادل الآراء وإنارة الرأي العام حول موقف البرلمان من التدخّل في ملفات خارجية على غرار الملف الليبي.
وأكد أنه باستثناء اللائحة التي سيصدرها الحزب الدستوري الحر، التي يمكن أن يوافق عليها المجلس أو يرفضها عبر التصويت، لن يكون للجلسة أي آثار قانونية.