عاد رجل من اعتكاف مارَسَ فيه التأمل الصامت مدة 75 يومياً ليجد أحوال البلاد قد تغيرت بشكل جذري خلال غيابه نتيجة وباء فيروس كورونا ووفاة جورج فلويد.
كان دانييل ثورسون البالغ من العمر33 سنةً من ولاية فيرمونت، قد دخل الأكاديمية الرهبانية البوذية، التي ينتسب إليها، في منتصف مارس (آذار).
وفي 23 مايو (أيار)، أي بعد شهرين ونصف الشهر، عاد ثورسون من عزلته وكتب على تويتر: "لقد عدت من صمت دام 75 يوماً. هل فاتني شيء؟".
ما علمه ثورسون لاحقاً، أن الكثير قد فاته عندما كان يقطن مقصورة في جزء قصي من شمال غربي ولاية فيرمونت، ومن تلك الأحداث انتشار فيروس كورونا، وتأكيد 6.29 مليون إصابة حول العالم، ووقوع أكثر من 100 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة جراء ذلك (لدى كتابة هذا المقال).
بحسب ما ذكر ثورسون، فإن أول لمحة أدركها عن التغييرات التي فاتته كانت خلال زيارته المتجر الاستهلاكي من دون علم مسبق بتوجيهات التباعد الاجتماعي.
وكتب في تغريدة يوم 25 مايو: "يبدو التوتر على الناس الموجودين في المتجر الاستهلاكي أكثر مما أتذكر".
وأخبر صحيفة نيويورك تايمز: "كنت عندما أصل إلى إحدى الزوايا في المتجر، أجد شخصاً واقفاً هناك وما يلبث أن يبتعد، لم تكن فكرة كوفيد قد ترسخت في ذهني جيداً. كنت أقول لنفسي في بادئ الأمر أووه، ما الذي فعلته أنا؟".
عندما استأنف ثورنسون استخدام الإنترنت، أدرك الضخامة التي وصل إليها موضوع فيروس كورونا، وكيف بات يطغى تقريباً على كل الأمور الأخرى أو يحيق بها، سواء في الأخبار أو في محادثات الناس اليومية.
وقال: "لقد غابت كل المواضيع الأخرى، ليس هناك ما يتعلق بالانتخابات! إنه أمر مذهل! حرائق الغابات الأسترالية، ما الذي حدث هناك؟ ألم تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟، كل شخص يمتلك آراء متشددة للغاية ومختلفة تمام الاختلاف حول كل ما يتعلق بالفيروس: ما هي درجة خطورته، ما هو شكل الاستجابة التي كان يفترض أن تتم، كيف تسير الأوضاع، ما إذا كنا بحاجة إلى عزل أنفسنا أم لا، وكيف يمكنك علاج المرض إن أُصبتَ به، يبدو لي أن هناك إجماعاً على فكرة واحدة يتبناها الجميع. وهي أن ما جرى خلال الأشهر الثلاثة الماضية هو أحد أهم الأحداث في التاريخ الحديث".
وبعد يومين من عودة ثورسون، قُتل فلويد، وهو رجل أسود، على يد ضابط شرطة سابق أبيض في ولاية مينيسوتا، مما أضرم الاحتجاجات ضد وحشية الشرطة والعنصرية في أرجاء المعمورة كافة.
وقال في اليوم الثاني من عودته: "عندما كنت في المعتكف، كانت هناك تجربة عاطفية جماعية مؤلمة لم أكن أنا جزءاً منها، إلى أي حد يتوجب عليّ إعادة تجميعها؟".
كما تبين ثورسون أن الناس كانوا فضوليين بخصوص تجربته أيضاً.
وتراوحت الردود على استفساره عبر تويتر بين الطريفة، التي قال أصحابها إنه لم يفوّت عليه الكثير، وتعليقات من قبيل: "أشعر بأننا يجب أن نوجه هذا السؤال إليك".
وقال ثورسون موضحاً لصحيفة الـ تايمز: "أشعر بأنني غريب، بأنني أثير الفضول، لا أعلم ما الذي توقعوا مني أن أقول".
© The Independent