حذر حزب العمال البريطاني من تنامي خطر "قومية اللقاح" (لقاح وطني)، وذلك تزامناً مع احتدام السباق العالمي لتطوير نوعٍ من التلقيح، أو التحصين، ضد كورونا.
وقامت حكومات عدة حول العالم، من بينها حكومتا بريطانيا والولايات المتحدة، بعقد صفقات إنتاج سَلفاً لأبرز اللقاحات المُرشحة والتي يقوم بتطويرها عمالقة شركات الدواء الدوليين. وكان ألوك شارما، وزير التجارة والأعمال البريطاني، أعلن الشهر الفائت عن اتفاق بقيمة 65.5 مليون جنيه إسترليني (حوالي 80 مليون دولار أميركي) مع شركة أسترازينيكا AstraZeneca، التي سبق منحها تراخيص إنتاج لقاح جامعة أكسفورد الواعد، وهذا اتفاق ستقوم الشركة على أساسه بإنتاج ما مقداره 100 مليون جرعة للشعب البريطاني.
وشركة أسترازينيكا، المُتمركزة في كامبريدج، تقوم في الوقت الراهن بتأسيس سلاسل إمداد دولية إلى الأميركتين وأوروبا والهند والصين وبقية أنحاء العالم، ودعا متحدث باسم الشركة "اندبندنت" إلى "المتابعة في هذا المجال"، حيث سيتم الإعلان عن اتفاقيات إضافية خلال الأسابيع المقبلة.
وفي الولايات المتحدة، اختارت إدارة ترمب خمسة لقاحات مُرشحة للمشاركة في "عملية سرعة الضوء" Operation Warp Speed (لإنتاج لقاح باسرع وقت ممكن)، وهي العملية التي انطلقت بشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي تلقت دعماً بمليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب بهدف إجراء الأبحاث والتوصل إلى لقاح. كما قامت الولايات المتحدة وبصفقة مع أسترازينيكا قيمتها 969 مليون جنيه إسترليني (حوالي 1.2 مليار دولار أميركي) بتأمين 300 مليون جرعة للمواطنين الأميركيين، حيث قد تتوافر الجرعة الأولى منها في مطلع أوكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
إضافة إلى هذا وافقت "دائرة الصحة والخدمات الإنسانية" في الولايات المتحدة على توفير مبلغ يناهز 385 مليون جنيه إسترليني (حوالي 450 مليون دولار أميركي) لشركة التكنولوجيا الحيوية "موديرنا" Moderna، ومبلغ 399 مليون جنيه إسترليني (حوالي 480 مليون دولار أميركي) لـ "جونسون أند جونسون" Johnson & Johnson، وذلك لما تبذله الشركتان من جهود منفصلة لإنتاج لقاح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بيد أنه ووسط هذه التطورات، حيث يجري الآن اختبار لقاحات تجريبية كثيرة على البشر، برزت مخاوف تتعلق بـ"قومية اللقاح"، وباحتمال هرولة الحكومات نحو تأمين اللقاح إلى مواطنيها حصراً، بدل إعطاء الأولوية للجهود العالمية المبذولة لمكافحة كوفيد 19.
وأطلقت مؤسسات ومنتديات صحية كبرى، كمنظمة الصحة العالمية WHO، و"جافي" Gavi، و"تحالف الدواء" The Vaccine Alliance، و"الائتلاف من أجل مواجهة الوباء والابتكار" CEPI، دعواتها للتعاون ولنشرٍ عادلٍ للقاح، لكن الخشية تتعاظم من أن يقوم بعض الفاعلين على المسرح العالمي باختيار المضي قدماً في معزل عن الآخرين.
وقبيل انعقاد "قمة اللقاح العالمية" Gavi التي ستستضيفها المملكة المتحدة، والهادفة إلى تأمين دعم لإنتاج اللقاحات مقداره 5.9 مليار جنيه إسترليني (حوالي 7.5 مليار دولار أميركي)، حثت وزيرة الخارجية في حكومة الظل البريطانية المعارضة، ليزا ناندي، الحكومة البريطانية على "تولي دور قيادي" في تشجيع التضامن الدولي ورفض "قومية اللقاح". وقالت ناندي لـ"بي بي سي"، إن "إقامة هذا المؤتمر المهم حيث تلتقي الدول كي تحاول جمع المال، ليست من أجل لقاح كوفيد 19 فقط، بل لجميع اللقاحات حول العالم". ورأت ناندي أن "الولايات المتحدة مرة أخرى تثير الريبة بغيابها (عن المؤتمر). وهذا تكرر مرات عدة خلال الأسابيع القليلة الماضية. فقمة (الدول) السبع لن تعقد الآن، وقمة (الدول) العشرين لن تعقد في الوقت الراهن. وكل تلك المنتديات العالمية التي يلتقي فيها قادة العالم كي يعملوا معاً لضمان حصولنا على كميات كافية من تلك اللقاحات فور التوصل إليها... لن تحصل". وتابعت ناندي حديثها قائلة، "إننا، في الوقت نفسه، نشهد بروزاً لما يُسميه البعض "قومية اللقاح"، حيث تحاول الدول تأمين إمداداً حصرياً من اللقاح المحتمل لمواطنيها. ونحن نعلم أن القضاء على كوفيد 19 يتطلب منا ضمان وصول ذلك اللقاح إلى كثير من الدول حول العالم. ومن دون تعاون دولي فإننا سنُبطئ وتيرة اكتشاف اللقاح ولن نؤمنه لأكثر الناس حاجة إليه، وهذا ما يجعلنا نطلب من بريطانيا أن تتولى دوراً قيادياً". وأشارت ناندي إلى أن الحكومة البريطانية يبدو أنها "تعلق آمالها" على لقاح أسترازينيكا- جامعة أكسفورد، الأمر الذي اعتبرته وزيرة الظل "مجازفة خطرة". إذ على الرغم من إعلان شركة الأدوية العملاقة أسترازينيكا الأسبوع الماضي عن تعاونها مع الشركة البريطانية لعلاج الخلايا "أكسفورد بيوميديكا" Oxford Biomedica من أجل تعزيز قدراتها التصنيعية لإنتاج مليار جرعة على نطاق عالمي، فقد طرحت وزيرة الخارجية في حكومة الظل البريطانية المعارضة تساؤلات حول قدرة المملكة المتحدة في الوصول إلى الكميات المطلوبة. وقالت ليزا ناندي عن هذا الأمر إن "الحكومة البريطانية خصصت قليلاً من المال لمحاولة رفع قدراتنا الإنتاجية، بيد أننا لمسنا خلال هذه الأزمة مقدار اعتمادنا الكبير على دول كالهند، للحصول على البراسيتامول paracetamol، والصين، للحصول على معدات الوقاية الشخصية، فنحن ببساطة لا نملك القدرات الإنتاجية التي نحتاجها هنا في بريطانيا كي نقوم بإنتاج كميات اللقاح المطلوبة". كما حثت ناندي الحكومة على تعيين "مستشار أو منسق شؤون اللقاح"، والذي يمكنه المساعدة في تنسيق تلك الجهود الدولية لضمان "عدم قيام الدول بملاءمة إنتاج اللقاح"، تماشياً مع حاجتها حصراً، ولضمان "الإنتاج على نطاق عالمي".
© The Independent