بعد أربع سنوات من المداولات في المحاكم، أبطلت المحكمة العليا الفلسطينية قرارين لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يتعلقان بالعلاقة مع روسيا.
وقضت المحكمة العليا بإبطال قرارين لعباس باستملاك وقف تميم الداري في مدينة الخليل ومنحها للبطريركية الروسية. ويُعد القرار نهائياً وغير قابل للطعن، ويقضي بإعادة ملكية قطعة الأرض البالغة مساحتها 85 ألف متر مربع إلى الوقف الصحابي تميم الداري، وسد كل النزاعات بشأنه.
علاقات تاريخية
وتقوم فوق هذه الأراضي الكنيسة المسكوبية التابعة للكنيسة الروسية الأرثوذكسية ومساحتها عشرة آلاف متر من أراضي وقف تميم الداري.
وكان عباس أصدر قراراً في عام 2017 لنقل قطعة الأرض لمصلحة البعثة الروسية البطريركية، والإيعاز لسلطة الأراضي لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنح التفويض اللازم ونقل الملكية. وتتواجد كنيسة المسكوبية على تلة مرتفعة في منطقة الجلدة غرب الخليل، وهي الكنيسة الوحيدة في مدينة الخليل التي لا تسكنها عائلات مسيحية.
وكان عقد استئجار تلك الأراضي بين الكنيسة ووقف آل تميمي انتهت صلاحيته، قبل أن يتدخل عباس ويمنحها كهبة إلى روسيا كدلالة على العلاقات التاريخية مع موسكو.
وستبقى الكنيسة موجودة على نحو عشرة آلاف متر فقط من تلك الأراضي بصيغة قانونية لم تُحدد بحسب متولي الوقف أحمد سعيد بيوض التميمي، الذي أعلن منح الأراضي المتبقية ومساحتها 75 ألف متر مربع لجامعة "بوليتكنك فلسطين" لبناء كلية للطب عليها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فرحة الإبطال
وعبّر التميمي في حوار مع "اندبندنت عربية"، عن فرحته من إبطال قرار الرئيس الفلسطيني منح أراضي الوقف إلى الكنيسة الروسية، مضيفاً أن ذلك يدل على استقلال القضاء الفلسطيني.
وشدد التميمي على أن "الفلسطينيين سيحافظون على الكنيسة ولن يُسمح لأحد بالمساس بها، مثلما كانت الحال منذ 150 سنةً"، مضيفاً أن محامي الوقف سيستكمل إجراءات نقل ملكية تلك الأراضي إلى الجامعة في أسرع وقت ممكن.
من جهته، قال محامي الدفاع عن الوقف ساهر الرفاعي، إن "القرار يعني بطلان كل قرارات مجلس الوزراء باستملاك قطعة الأرض وقرار مصادقة الرئيس على ذلك وقرار الرئيس بتفويض قطعة الأرض وتسجيلها على سبيل الهبة لمصلحة البطريركية الروسية".
وأكد الرفاعي أن "القرار يعني أن قطعة الأرض لا يجوز بيعها أو منحها سوى من متولي الوقف، وهو الوحيد الذي يملك حق تحكيرها أو تأجيرها".
قرار "غير متوقع"
في السياق، وصف المدير التنفيذي للهيئة الأهلية لاستقلال القضاء ماجد العاروري، قرار المحكمة العليا بـ "غير المتوقع"، وبأنه "واحد من أهم قرارات المحكمة منذ إنشائها"، مضيفاً أن "القضايا التي تتعلق بالسلطة التنفيذية وعلاقتها بالدول الأخرى تكون لها حساسية كبيرة عادةً".
وقال العاروري لـ "اندبندنت عربية"، إن "المحكمة تصرفت باستقلالية كاملة عند النظر في هذه القضية"، مشيراً إلى أن "الرئيس عباس يحترم القرارات القضائية. والحكم حل معضلة كانت تهدد علاقة السلطة الفلسطينية بجنوب الضفة الغربية في ظل مرحلة سياسية حساسة".