اِتكأ السير كير ستارمر زعيم حزب العمال ونائبته أنجيلا رينر أرضاً على ركبته، تضامناً مع "أولئك المعارضين للعنصرية المعادية للسود".
واتخذ البرلمانيان المعارضان البارزان هذه الوضعية تعبيراً عن تأييدهما حركة "أرواح السود تهم" Black Lives Matter، فيما تجمع المتظاهرون في ساحة البرلمان للتذكير بجنازة جورج فلويد التي جرت الثلاثاء (9 يونيو) الساعة الخامسة مساءً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجاءت هذه المبادرة بعد التزام البرلمان البريطاني دقيقة صمت حداداً على فلويد، الذي أثار موته، خلال اعتقاله في ولاية مينيابوليس، احتجاجات عالمية عارمة ضد العنصرية المنتظمة وفظاظة الشرطة الأميركية.
بعد دقيقة الصمت، تحدث السير كير عن جورج فلويد قائلاً "يجب ألا يصبح مجرد اسم آخر. موته يجب أن يكون محفزاً للتغيير".
في المقابل، كشف المتحدث باسم داونينغ ستريت (مقر الحكومة البريطانية) أن رئيس الوزراء وأعضاء حكومته لم يشاركوا في دقيقة الصمت، لكن بوريس جونسون قال للوزراء قبل ذلك إن هناك "الكثير مما يلزم القيام به لإزالة مشاعر التحامل وخلق فرص العمل".
وأشار المتحدث إلى أن "رئيس الوزراء ابتدأ الاجتماع الحكومي بمناقشة مشاعر الغضب والأسى التي لم تقتصر على الولايات المتحدة فقط، بل انتشرت في شتى أنحاء العالم، بما فيها المملكة المتحدة بعد موت جورج فلويد".
ونقل المتحدث على لسان بوريس جونسون ما ردده في الاجتماع إذ قال إن "أولئك الذين يقودون ويحكمون لا يستطيعون ببساطة تجاهل عمق المشاعر التي أثارها هذا الحدث". وقال رئيس الوزراء "إن هناك شعوراً لا يمكن نكرانه بالظلم، وإن السود والأقليات الإثنية يواجهون تمييزاً في التعليم والتشغيل وفي تطبيق القانون الجنائي. إننا مجتمع أقل عنصرية بكثير مما كنا عليه، لكن علينا أن نقر بصراحة أن هناك الكثير مما يجب فعله لإزالة مشاعر التحامل وخلق فرص العمل".
وعلى الرغم من مخاوف تفشي فيروس كورونا، شارك عشرات الآلاف في الاحتجاجات داخل المملكة المتحدة، إثر وفاة فلويد خلال اعتقاله من قبل شرطة مينيابوليس بعد أن ضغط الضابط ديرك تشوفين بركبته على رقبة الأميركي الأفريقي وهو مقيد اليدين لما يقرب من 9 دقائق، على الرغم من استغاثات فلويد المتكررة: "لا أستطيع التنفس"، قبل فقدانه الوعي.
وقد شدّد المتظاهرون على أن العنصرية المؤسساتية ليست وقفاً على الولايات المتحدة فقط، مشيرين إلى معدلات الوفاة العالية بسبب الإصابة بفيروس كورونا بين الأقليات الإثنية، في بريطانيا، ومعدلات الإيقاف والتفتيش غير المتناسبة مع عدد السود فيها، والاعتقالات واستخدام العنف الذي يواجهه السود على يد الشرطة الإنجليزية.
وفي هذا السياق، واجه مات هانكوك، وزير الصحة البريطاني اتهامات بـ "الجهل" بعد تعليقه على الاحتجاجات: "لحسن الحظ، هذا كله قائم رداً على أحداث جرت في أميركا وليس هنا".
أما رئيس الوزراء - الذي استخدم لغة في أكثر من مناسبة أستُنكرت باعتبارها عنصرية - فقد أصر الإثنين الماضي على أن المملكة المتحدة "ليست بلداً عنصرياً"، وحذَّر من أن التظاهرات "أُفسِدت بأعمال البلطجة".
وجاءت تعليقاته رداً على المشاجرات التي وقعت مع الشرطة وسط لندن، ما دفع الأخيرة إلى مهاجمة المحتجين، وعلى إسقاط تمثال إدوارد كولستون، تاجر العبيد الشهير، في بريستول.
واعتبرت بريتي باتيل، وزيرة الداخلية هذا الفعل "المخزي تماماً" مثالاً على "روح التخريب والفوضى المحض"، وأجرت كما أفيد لاحقاً نقاشاً "حاداً" مع أندي مارش، رئيس شرطة أفون وسومرست، لقراره بعدم التدخل.
وإذا كان "داونينغ ستريت" قد توعد كل من أسقط نُصُباً أخرى، "سيواجه قوة القانون بالكامل"، فإن رمي تمثال كولستون في قناة ميناء بريستول أثار نقاشاً واسعاً حول ماضي بريطانيا الاستعماري.
وبعد ساعات قلائل، كشف صديق خان، عمدة لندن، عن تشكيل لجنة لمراجعة كل تماثيل لندن، وأعلن أن كل مجالس البلدية العمالية في شتى أنحاء إنجلترا وويلز ستبدأ بالعمل مع كياناتها المجتمعية لمراجعة "مدى ملاءمة" النصب والتماثيل في مناطقها.
وفي هذه الأثناء، قطع متظاهرون سلميون في مدينة أكسفورد الطرق الثلاثاء داعين الجامعة إلى إزالة تمثال المتعصب عرقياً، سيسل رودس.
غير أن السير كير أثار معارضة داخل حزبه له بعد تصريحه إلى محطة "أل بي سي" بأن تمثال كولستون "كان يجب إزالته من شوارعنا منذ فترة طويلة... لكن ما كان يجب القيام بذلك بهذه الطريقة"، إذ اعتبر التصرف على حد قوله "خطأ تماماً".
في المقابل، حثّ كير رئيس الوزراء البريطاني على السعي إلى حماية المحتجين في الولايات المتحدة، داعياً جونسون إلى مواجهة دونالد ترمب كي "يحترم حقوق الإنسان".
في رسالته إلى جونسون، تساءل زعيم حزب العمال عما تقوم به الحكومة لضمان عدم استخدام صادرات المملكة المتحدة "لقمع الحقوق الديمقراطية" وسط نداءات متصاعدة للوزراء لإنهاء بيع المعدات الخاصة لمكافحة الشغب والرصاص المطاطي إلى الولايات المتحدة.
وقال رئيس الوزراء أمام مجلس العموم إن "المملكة المتحدة ربما هي أكثر البلدان صرامة" في العالم في ما يخص صادرات السلاح، مضيفاً أنه "على استعداد لتدارس أي شكاوى".
© The Independent