هل يمكنك جذب الصحة والنجاح والمال؟ لا تبدو الإجابة عن هذا السؤال محددة وبالإيجاب، لكنها في علم الطاقة تبدو منطقية، أي أنك قادر على جذب كل ما تفكر فيه، هذا العلم لا تزال الشكوك تحوم حوله في الأوطان العربية، منهم من اعتبره نوعاً من السحر، وآخرون قالوا إنه معتقدات بوذية لا يتماشى مع ما جاء به الإسلام، فيما يعتبره المتخصصون في علم النفس "خرافة ودجلاً"، فما حقيقته؟ وهل يصل إلى مرحلة العلم والاعتراف به كعلم مستقل؟ ولماذا لم تقرّه منظمة الصحة العالمية؟
للإجابة عن هذا السؤال تقول هدى السالم التي نفد كتابها (العلاج الذاتي بالطاقة الحيوية) من المكتبات في السعودية، "لعلم الطاقة وأثره في الصحة النفسية، كالرقية الشرعية، نتائج مختلفة لأنه يتأثر بحالة كل من الراقي والمريض. وعلى الرغم من اعتراف منظمة الصحة العالمية به، إلا أنها لا تمنح تراخيص للعلاج به لأنه يعتمد على سياسة معينة لأي علاج".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الوقت الذي يرفض المتخصصون في علم النفس ادعاءات علم الطاقة وجدوى علاجه، تتهم واحدة من أشهر مدربات علم الطاقة الدكتورة سمية الناصر المتخصصين في علم النفس بأنهم يحملون أدوات قديمة ولم يعملوا على تطوير أنفسهم، وذكرت في حديث شائع لها أن مدربي علم الطاقة أفضل بكثير من أطباء علم النفس لأنهم يستندون إلى معلومات ونظريات قديمة، بينما نحن وعلى الرغم من أننا لم ندرس علم النفس لكننا نعمل على تطوير مجال علم الطاقة لمساعدة الناس بما يتناسب مع واقعهم.
قانون الجذب
ففي الباب الذي يعد من أبواب علم الطاقة، وهو "قانون الجذب" تقول الناصر"نعم، يمكنك أن تصبح ثرياً حتى لو كنت معدماً وفقيراً، كل ما عليك هو أن تطبق ثلاثة قوانين "قانون الوفرة، وقانون الاختيار، وقانون الإيمان، وتفسر ذلك قائلة" أولاً، لا بد أن تؤمن بأن هناك وفرة في الكون لأن تصبح ثرياً على الرغم من ظروفك، وثانياً الاختيار، لأن الأثرياء اختاروا هذا الأمر، وأخيراً قانون الإيمان، وهو أن تؤمن بهذا وهو جانب أساسي".
وعلى الرغم من أننا حاولنا كثيراً الوصول إلى الناصر للمشاركة في هذا التقرير، والحديث حول هذا العلم وقوانينه، إلا أنها فضّلت الصمت، وعدم الإجابة عن المحاور المطروحة، لكن أستاذة الأدب والتحليل النفسي في جامعة الكويت هيفاء السنعوسي، اعتبرت هذا العلم "وهماً ودجلاً، وأنه غير مثبت علمياً".
وتضيف السنعوسي، علم الطاقة مبنيّ على تصورات عقلية، وخيالات من طقوس، ومعتقدات آسيوية من الشرق الأقصى تم اختطافه من مساره العلمي الصحيح الذي هو في الأصل يعود إلى، "الطاقة الشمسية والكهربائية والحرارية" واستخدموه ليأخذ صبغة علمية، ولينخرط الناس في دوراتهم والهدف بحسب قولها "مادي".
وتضيف "المهتمون بعلم الطاقة غالباً ما يلعبون على وتر العاطفة من أجل المال، لذلك تجد أن مواضيعهم تتمحور حول الحب، والزواج، والمال وهذا ما جعلهم ينجحون في المقام الأول في جذب النساء لسهولة التأثير فيهنّ، اللاتي غالباً ما يبحثن عن عاطفة الحب".
تجربتي واحدة من البراهين
بعكس ذلك ترفض الماستر هدى السالم القول، إنه علم مبنيّ على أوهام وتعرّفه، بأنه أحد العلوم التي تعتمد على الشفاء بواسطة تقنيات معينة تحفّز المعنيّ داخلياً. وهذا العلم يؤمن بأن الإنسان الأصلي خلقه الله في أحسن صورة متكاملة، ولا يحتاج إلى أدوية، أو علاج خارجي مصنع إنما علاجه في ذاته.
وتحكي السالم عن تجربتها شارحة "شفيت من مرضي بفضل العلاج بالطاقة وهذا أحد الدلائل على جدواه"، وتضيف "أصبت بكسل في الغدة الدرقية، وقرّر الأطباء حينها وصف دواء "الثيروكسين 150 مليجراماً" مدى الحياة، فبدأت أفكر في طريق آخر للنجاة من هذا المرض وهكذا قررت التوجه نحو علم الطاقة.
وقبل الشروع في دراسة هذا العلم، سألت معلمي الماستر الدكتور محمد حسكي "هل الطاقة تشفي غدتي الكسولة، فأستغني عن الدواء؟ أجابني، نعم الطاقة تشفي بأمر الله. وتضيف "شعرت بالأمل وبدأت بالخضوع لجلسات عديدة تستغرق 20 دقيقة، وبحد أقصى ساعة، مدة 40 يوماً، وبعدها ذهبت إلى المستشفى لإجراء الفحوصات فقرر الطبيب تقليل الجرعة إلى 100 مللجرام. واستمرت السالم بحسب قولها في الخضوع لجلسات أخرى حتى تخلّت عن الدواء، وشفيت غدتها بشكل طبيعي، وتقول "ما حدث معي معجزة، معجزة".
هل يترك المعتلون النفسيون أدويتهم؟
قد تتساءل، هل يترك المصابون بعلل نفسية، أو عضوية أدويتهم، والتوجه نحو العلاج بالطاقة؟ تجيب السالم "لا، نحن لا ندعو إلى ترك الأدوية، لأن هذا العلم له تقنياته وتحكمه معايير ومستويات المستفيد التي قد لا يستفيد منها الجميع".
وتضيف "بُعد الإنسان عن الطبيعة، والتواصل مع الموجات الكونية المفيدة التي تنبعث من الهواء النقي، والماء الطبيعي، وكل ما في الكون جعلته يضطرب ويصاب بالأمراض".
كيف لا يعترفون بالطاقة وهم يتداوون بالإبر الصينية؟
وتتعجب "الماستر هدى" كما تعرّف بنفسها، ممن يعترفون بالإبر الصينية وينكرون العلاج بالطاقة، في حين أن كلاً منهما يعمل على مراكز الطاقة ومساراتها، وتقول "يبدو أننا لا نؤمن إلا بما اعتدنا عليه" لكنها تبدو متفائلة من أن هذا العلم سيجد الاعتراف والقبول يوماً.
يقوم العلاج بالطاقة (ريكي) على تفريغ الطاقة السلبية لدى المريض وشحنه بطاقة إيجابية عبر جمل ومفردات تحفيزية ذات طابع ومعانٍ تفاؤلية، تنعكس بحسب المتخصّصين على الحالة النفسية للشخص، وعادة ما تكون عبر جلسات لا تقل عن20 دقيقة، ولا تتجاوز 60 دقيقة، وأحياناً تستمر بحسب الحالة التي يتم علاجها.
الطاقة في داخل خلايا الإنسان
الطاقة بحسب المتخصّصين هي قوة الحياة الموجودة داخل خلايا الإنسان، فالإنسان لا يحمل طاقة سلبية فقط، بل يحمل طاقتين إحداهما سلبية، وأخرى إيجابية، والغلبة لمن تنعكس على مشاعره. بحسب محمد عبد الفتاح صادق، وهو مؤلف كتاب "الطاقة الإيجابية مفتاح نجاحك".
"وحدة التكوين الأساسية في الكون هي الذرّة، ونحن جزء من الكون نسبح في عالم مزدحم بالموجات" كما تقول ذلك هدى السالم، وتتساءل، هل يعقل ألا تتأثر أجسادنا بتلك التردّدات من حولنا؟ لا، لا يمكن أبداً، فنحن جزء من منظومة كونية متناهية الدقة، متكاملة المهام، مختلفة القدرات، نحن نتأثر بكل شيء".
هذه أدلتي
لكن ما إثبات ذلك علمياً، أو شرعياً؟ تجيب السالم بسؤال آخر، ألمْ يأمرنا ديننا الإسلامي بصيام أيام البيض؟ وهي الأيام التي يكون فيها القمر بدراً كاملاً في منتصف الشهر، ثم تضيف "ما علاقتنا بالقمر إن صار هلالاً أو بدراً؟ وتجيب" اكتشفت الدراسات الحديثة، وذلك جاء في كتابها، أن أحد الأسباب يعود إلى تمدّد واضطراب دمائنا. إذن ما علاقة دمائنا بالأمر؟ تقول "نحن نعلم أن الماء يمثل 70 في المئة من دمائنا، ونعلم أيضاً أن القمر حين يكون بدراً، وهي أيام الصيام، تحصل بحسب العلوم الجيولوجية عملية المد والجزر للبحار، أو بمعنى أصح للمسطحات المائية التي تتأثر بدورها بجاذبية القمر، وبخاصة حين يكون بدراً، وهذا يعني أن ثمة هيجاناً وتوتراً وقت المد، إذاً نحن على علاقة وطيدة بالمجرات والكواكب شئنا أم أبينا.
الأمر أيضاً بحسب علم الطاقة ينطبق على المفردات، والكلام السلبي والإيجابي، فالكلام عبارة عن ذبذبات تتأثر بها حتى الحيوانات، فكيف إذاً بالإنسان؟" كما تقول السالم. وتضيف "هل تعرف قصة الإعرابية التي لعنت ناقتها؟ وهي مأثورة في الأثر الإسلامي حين أمر النبي بأن تتركها بعد أن تأخذ متاعها، لأن تلك الناقة امتصت آثار وكلمات اللعن، وهي "ترددات سلبية" تأثرت بها، وبالتالي تنعكس تلك الموجات على صاحبتها على الرغم من أن الناقة كانت تعد في ذلك العصر شيئاً ثميناً إلا أن النبي أمرها بأن تتركها".
"خرافة ودجل وبيع للوهم"
لا يبدو هذا الحديث مقنعاً بالنسبة إلى المتخصّصين في علم النفس، ففي وصف حاد تطلق أستاذة الأدب والتحليل النفسي هيفاء السنعوسي على المهتمين بعلم الطاقة، بأنهم مشعوذون ومحتالون يبيعون الوهم، وتقول "يحدث هذا في ظل غياب الرقابة من الحكومات، وهذا الغياب ساهم في انتشارهم، ودعت في حديثها إلى تجريمهم بسبب ما تصفه بالممارسات "الشاذة التي تستهدف العقيدة والثوابت المجتمعية"".
وتنفي السنعوسي أن تكون الطاقة مصدراً للعلاج الجسدي أو النفسي، لأنها بحسب قولها "أفكار مجردة وأوهام، وخرافات، وطقوس عقائدية، وممارسات متوارثة". وتضيف "تأثيرها عقلي بالإيحاء، وزرع الأوهام التي يتخيلها الإنسان ويراها حقيقة".
كما تشّبه طقوس العلاج بالطاقة، بأنها أشبه ما تكون بطقوس "السحرة والعرافين" البعيدة كل البعد عن العلم والمنطق، وتقول "إنهم يمارسون حرفة الكلام، ويتلاعبون بالألفاظ والصيغ، ويزعمون بأنها حكمة تنطق بها أفواههم بينما هي فخّ وقعوا فيها، وانبهار بعقائد غير سماوية تؤمن بعبادة التماثيل والبهائم".
لم تأبه هدى السالم بهذه الاتهامات، وردّت بحديث نبوي "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحقّ بها"، وتضيف "نحن نرتدي ملابس غير المسلمين، ونستخدم أدوية غير المسلمين، فلماذا لا نأخذ منهم ما نستفيد منه أيضاً؟".
هذا سبب أغلب أمراضنا النفسية
المدرّبة المهتمة في علم الطاقة "queen" ترفض ذكر اسمها "تقول إننا نستطيع علاج بعض الأمراض النفسية، كما لو أننا أطباء في علم النفس فلو شاهدت كيف نتعامل مع الشخص الذي نقوم بالقراءة له، للاحظت مدى تأثره بنا "والقراءة كما تقول لا تتم وجهاً لوجه مع المريض فهي تتم عبر جلسات عن بعد." بحسب قولها.
وتؤكد queen التي تتقاضى مقابل كل جلسة قراءة (علاج) ما يقارب 260 ريالاً (70 دولاراً أميركياً) أن أغلب الأمراض الجسدية أساسها عدم وجود اتزان في "الطاقة والشاكرات" بشكل أساسي.
وتعرف الشاكرات في علم الطاقة بأنها مفاتيح، أو مراكز الطاقة السبعة في جسم الإنسان، وهي مراكز تتحكّم بالطاقة العقلية والروحية والعاطفية، ومن خلالها يستطيع المعالج الوصول إلى نتيجة مع مريضه.
ما الفرق بين علم الطاقة وعلم النفس؟
يبدو أن لا خط التقاء بين المهتمين في الطاقة، والمتخصّصين في علم النفس، على الرغم من أن كلاً منهما يسعى إلى الوصول للنتائج ذاتها، فمتخصّصو علم النفس يقولون إنهم يستندون إلى علم من خلاله يستطيعون تشخيص المرض وعلاجه، بعكس التنمية البشرية (الطاقة)، فهي تعتمد على تدريبات وتجارب شخصية، ونتائجها "غامضة" ولا يمكن التكهّن بمآلاتها.