لا تزال العائلات التي فقدت منازلها نتيجة احتراق برج "غرينفل" غرب العاصمة البريطانية لندن، تنتظر بعد ثلاثة أعوام من المأساة، الإسكان الدائم الذي وُعدت به. وكان الحريق الذي وقع في الرابع عشر من يونيو (حزيران) عام 2017، قد أتى على نحو 200 مسكن، وأدى إلى مقتل 72 شخصاً في البرج وممر المشاة الواقع في أسفله.
مئات الأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى على أثر الحريق الهائل، بمَن فيهم عدد من الأطفال، وُضعوا منذ ذلك الحين إما في الفنادق التي تقدّم خدمة المبيت والإفطار، أو في شقق مؤقتة، في انتظار تأمين سكن دائم لهم.
وتشير أرقام صدرت حديثاً عن "المجلس البلدي في كينسينغتون وتشيلسي"، إلى أنه لا تزال توجد 7 أسر تعيش في سكن مؤقت. وتردد أيضاً أن هناك نحو 10 عائلات ما زالت تعيش في البرج منذ ذلك الحين، قد طلبت نقلها مرة أخرى، بعدما وُضعت في مساكن دائمة غير مناسبة.
ويوضح "مركز الخدمات القانونية في شمال كينسنغتون" North Kensington Law Centre وهو مؤسسة حقوقية غير ربحية، أن نصف عدد طلبات إعادة الإسكان المقدمة، لقي طريقه إلى النجاح، في حين أن الطلبات الأخرى، إما أنها أخفقت في التوصل إلى نتائج مرضية، أو أنها لا تزال معلقة.
سبايك ويسترن، المساعد القانوني في "مركز الخدمات القانونية في شمال كينسنغتون"، عزا في حديث مع صحيفة "اندبندنت" التأخير، إلى فشل الحكومات البريطانية المتعاقبة في تأمين السكن الاجتماعي الملائم للعائلات المنكوبة.
وأضاف ويسترن شارحاً، أن "الأسر التي ما زالت بحاجة إلى إعادة إسكان دائم على أثر كارثة "غرينفل"، هي من أكثر الناجين ضعفاً. فأفرادها يتألفّون إما من ذوي الاحتياجات السكنية الخاصة، كتلك الناشئة عن إعاقة، أو أولئك الذين لا يمكن الاستعجال في نقلهم إلى سكن دائم، ويتعين في المقابل الانتظار إلى حين يكونون قد أصبحوا على استعداد للإقدام على تلك الخطوة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار المساعد القانوني إلى أن "الضرر قد وقع، ويتمثل في النقص الحاد في الاستثمار بالإسكان الاجتماعي ذي الكلفة المعقولة على مدى فترة طويلة، ما يعني أنه لا يوجد الكثير من الخيارات المناسبة".
ودعا سبايك ويسترن إلى "وجوب تذكّر أن المتضررين من حريق برج غرينفل، ما زالوا ينتظرون العدالة التي أسهم وباء كوفيد - 19 في إطالة أمد تحقّقها".
وفي المقابل، أكد متحدث باسم "المجلس البلدي في كينسينغتون وتشيلسي"، أن خمساً من الأسر السبع التي ما زالت تنتظر إعادة إسكانها بشكل دائم، قد قبلت منزلاً دائماً لكنها لم تنتقل إليه بعد، وأن المجلس يواصل مساعدة العائلتين المتبقيتين في العثور على مسكنٍ يُؤوي أفرادهما. وأشار إلى أن المجلس كان يعمل مع الأسر بالسرعة التي تناسبها، كي تتمكن من العثور على منزل جديد يناسبها، بدلاً من العمل في اتجاه مواعيد نهائية مصطنعة.
واعترف ناطق باسم الحكومة البريطانية بأن، "حريق برج غرينفل كان مأساة مدمرة"، قائلاً، "سنضمن أن يحصل جميع الذين تأثروا به على الدعم الذي يحتاجونه، خصوصاً مع التزامنا تأمين أكثر من 158 مليون جنيه إسترليني لدعم المجتمع حتى الآن، بما في ذلك تكاليف إعادة الإسكان".
وأضاف، "نحن ملتزمون بضمان توفير مكان سكن آمن ذي كلفة ميسرة كي يتمكن هؤلاء الناس من العيش فيه".
وذكّر بأن الحكومة البريطانية "قدّمت منذ عام 2010 أكثر من464.500 منزل جديد بأسعار معقولة، بما في ذلك منازل الإيجار التابعة للسلطات المحلية". وأردف بالقول، "نحن نقدّم كذلك أكبر استثمار نقدي في الإسكان ذي الكلفة المعقولة، لعقدٍ من الزمن، مع تخصيص مبلغ 12 مليار جنيه إسترليني (15 مليار دولار أميركي) لهذا القطاع اعتباراً من السنة المقبلة حتى السنة 2026".
يأتي هذا الموقف في وقت سادت فيه مخاوف على نطاق واسع في البلاد، من أن تكون الحكومة قد فشلت في التصرف على أثر تحذيرات نبهت إلى خطورة طبقة الطلاء الخارجية، التي لا تزال تكسو الآلاف من كتل الأبراج السكنية في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وكان وزير الإسكان البريطاني جيمس بروكينشير قد توقع في الصيف الماضي، إزالة جميع مواد كسوة الأبنية المصنوعة من مركب الألومنيوم على غرار برج "غرينفل"، بحلول شهر يونيو (حزيران) 2020.
وعلى الرغم من ذلك، تشير أحدث الأرقام الصادرة عن "وزارة الإسكان والمجتمعات والحكم المحلي" في بريطانيا، إلى أنه لا يزال هناك على الأقل في إنجلترا، نحو 300 من المباني السكنية عالية الارتفاع والمملوكة من القطاع العام، صُنعت كسوتها الخارجية من المواد المركّبة من الألومنيوم ACM، ولم يتم العمل على إصلاحها بعد.
ويُقدر أن هناك قرابة 1700 مبنى آخر مغطى بشكل آخر من أشكال الكسوات الخطرة، مثل الأخشاب أو الصفائح عالية الضغط.
ومن المتوقع أن يتم في السادس من يوليو (تموز) المقبل، الشروع في المرحلة الثانية من التحقيق في احتراق برج "غرينفل"، الذي كان الرئيس السير مارتن مور- بيك قد أوقفه في السادس عشر من مارس (آذار) الماضي، بسبب تفشي فيروس كورونا في المملكة المتحدة، على الرغم من وجوب الحرص على تطبيق ممارسة التباعد الاجتماعي، من خلال أن يكون هناك عدد محدود من الأشخاص في أمكنة العمل.
© The Independent