تراجعت الأمم المتحدة في تقريرها السنوي بشأن الأطفال والنزاع المسلح، عن تصنيف التحالف العربي في اليمن ضمن قائمتها السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال، بعد إدراجه فيها طيلة السنوات الثلاث الماضية، على خلفية اتهامات تطال المنظومة العسكرية التي تقودها السعودية في إطار دعمها مساعي الحكومة اليمنية، لاستعادة السلطة من جماعة الحوثي.
إبقاء طرفي النزاع
واستبعد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش في تقريره، يوم الإثنين، التحالف العربي من القائمة السوداء، في خطوة نوّه خلالها بإجراءاته لحماية الأطفال، غير أنه أكد خضوع التحالف للمراقبة مدة عام كامل، وهو ما يعني أن "أي فشل" في خفض عدد الضحايا سيسفر عن إعادة إدراجه مرة أخرى، على حد تعبيره.
وعلى الرغم من التغيير الذي طرأ على القائمة السنوية، فإن الأمم المتحدة أبقت على طرفي النزاع الرئيسيين في اليمن، إذ حمّل غوتيريش، من أمام مجلس الأمن، الحكومة اليمنية مسؤولية مقتل وإصابة 96 طفلاً، بالإضافة إلى مقتل وإصابة 313 طفلاً على يد الحوثيين.
ترحيب ودعوة
وعدَّ التحالف العربي، قرار الأمين العام للأمم المتحدة، بإخراج اسم المنظومة العسكرية من مرفقات تقريره حول الأطفال والنزاع المسلح، اعترافاً بالتزام الدول الأعضاء حماية المدنيين، حيث نوّه التحالف عن تخصيصه "تدابير وقائية إضافية"، لتعزيز حماية الأطفال اليمنيين، وسط الصراع الذي تشهده بلادهم.
وأوضح التحالف العربي في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس"، إن جهوده شملت "إنشاء وحدة لحماية الطفل، واعتماد تدابير وقائية إضافية، ولمّ شمل الأطفال مع أسرهم الذين جندهم الحوثيون، وتزويدهم بالخدمات الصحية والنفسية والتعليمية"، كما أكد مواصلة العمل الوثيق مع المبعوث الخاص بشأن حقوق الأطفال والنزاع المسلح، فرجينيا غامبا، التي تشرف على مكتب حماية الأطفال في اليمن وحول العالم.
ولم يقتصر البيان على الترحيب بمخرجات التقرير فحسب، بل شمل دعوة الأمم المتحدة إلى تبادل المعلومات حول الادعاءات المنسوبة إلى التحالف للتحقيق فيها، رداً على ما أورده الأمين العام، حول سقوط 222 طفلاً ما بين قتيل وجريح بسبب عمليات عسكرية العام الماضي.
وجددت الدول الأعضاء تمسكها "بالتزامات التحالف بموجب القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحماية الأطفال في النزاعات المسلحة، إلى جانب تأكيد التزامها الصارم بالمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي".
اتهامات وضغوط
وفي سياق متصل، قوبل تقرير الأمم المتحدة المتضمن إزالة التحالف من القائمة السوداء، بغضب من النشطاء الذين قالوا إن هذه الخطوة "تترك الأطفال اليمنيين عرضة للهجمات المستقبلية"، ووصفت رئيسة منظمة أنقذوا الأطفال، إنغر آشينغ، القرار بـ "الصادم".
وأُدرج التحالف العربي، في قائمة منتهكي حقوق الأطفال عام 2016 لفترة وجيزة، قبل أن يستبعده الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، إلى حين المراجعة، واتهم حينها السعودية بممارسة ضغوط "غير مقبولة"، وأنها هددت بقطع جزء من تمويل المنظمة الأممية، وفقاً لـ "رويترز"، وهو ما نفته الرياض آنذاك.
وبعد الإعلان الأخير المتضمن رفع اسم التحالف عن القائمة، جددت الأوساط الحقوقية مزاعمها بتعرض الأمم المتحدة إلى ضغوط دفعتها إلى الإقدام على القرار، الذي عدّته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، "تجاهلاً لأدلة الأمم المتحدة نفسها على استمرار الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت جو بيكر، مديرة قسم حقوق الأطفال في المنظمة الحقوقية إن "الأمين العام باستبعاد التحالف يضيف مستوى جديداً من العار إلى قائمة العار".
ونفت غامبا وجود أي ضغوط، وقالت "يمكنني الرد على ذلك بكل وضوح، لا على الإطلاق"، واعتبرت القرار "مبنياً على ما ورد من معلومات".
وتتهم جماعة الحوثي التحالف العربي بأنه يستهدف المدنيين في اليمن، ونددت بما وصفته بـ "تواطؤ" الأمم المتحدة، وأنها "غير جديرة برعاية أي حل سياسي لا في اليمن ولا في غيره"، في تصريحات نقلتها قناة المسيرة، على لسان رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام.
وحمّل ما يعرف بـ "المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية بصعدة" الأمم المتحدة وأمينها العام "كامل المسؤولية عن أي جرائم أو انتهاكات يتعرض لها أطفال اليمن."، وأضاف بأن القرار "وضع صدقية المنظمة الأممية على المحك".
القائمة السوداء
وتهدف القائمة السوداء بشكلها العلني، إلى حض البلدان والجماعات، على الحد من الانتهاكات المتمثلة في قتل الأطفال أو إصابتهم أو استغلالهم أو خطفهم، أو منع وصول المساعدة إليهم، واستهداف المدارس والمستشفيات.
ويتعرض أطراف النزاع اليمني إلى انتقادات متكررة من قبل منظمات حقوق الإنسان، وكانت الأمم المتحدة توقعت أن يصل العدد الإجمالي للقتلى بحلول 2020، بسبب عوامل عدة مثل أمراض سوء التغذية والكوليرا إلى أكثر من 230 ألف شخص.
وتُصنف جماعة الحوثي ضمن قائمة منتهكي حقوق الأطفال، بسبب اتهامات باستغلال الأطفال في النزاعات المسلحة، وحذر نشطاء يمنيون في حديث إلى قناة العربية من خطورة الأمر، ولفتوا إلى أن "هناك أكثر من 30 ألف طفل في صفوف الحوثيين، جميعهم لا يتجاوزون الـ 15 سنة، فضلاً عن استغلال المدارس لتخزين الأسلحة، وتدريب الأطفال على القتال والعنف".
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة جنباً إلى جنب مع منظمات حماية الطفولة، بالتحرك لوقف استغلال جماعة الحوثي في اليمن للأطفال وتجنيدهم، إذ تسببت ممارساتهم في مقتل مدنيين، وإصابة آلاف الأطفال بإعاقات نفسية وجسدية.
واندلعت الأزمة اليمنية، منذ أكثر من خمسة أعوام، بعد انقلاب الحوثيين على الحكومة اليمنية التي يرأسها عبدربه هادي منصور، واستيلاء الجماعة المدعومة من إيران على العاصمة صنعاء، ما دفع بالسعودية في عام 2015، إلى التدخل الفوري تحت مظلة التحالف العربي، لمساعدة الحكومة اليمنية على استعادة السلطة.