تشكلت طوابير طويلة خارج المتاجر البارزة (في بريطانيا) مطلع الأسبوع مع إعادة فتح المتاجر غير الأساسية للمرة الأولى منذ بدء الإغلاق في مارس (آذار) الماضي.
وواجه المتسوقون بيئة مختلفة تماماً، فيما صارع بائعو التجزئة لتذليل المصاعب الخاصة في الحفاظ على سلامة الناس مع تشجيعهم على الإنفاق.
وشملت التغييرات إغلاق غرف تبديل الملابس، ونصب الكثير من الألواح البلاستيكية الشفافة، وعزل الأحذية بعد ملامستها.
نهج حذر
وبقيت متاجر كثيرة مغلقة مع اختبار البائعين بالتجزئة لكيفية عمل متاجرهم في ظل تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي.
فشركة "نكست"NEXT، مثلاً، فتحت في اليوم الأول 25 متجراً فقط من متاجرها الـ500 في المملكة المتحدة، وأعادت "جون لويس" John Lewis افتتاح فرعين في بوول، وكينغستون أبون تايمز، في حين فتحت "أرغوس" Argos" 145 متجرا من أصل أكثر من800 متجر.
أما "بريمارك" فاتبعت نهجاً مختلفاً، إذ أعادت فتح كل متاجرها الـ153، واستقبلت حشوداً في كثير منها، بما في ذلك متجرها الرئيس في شارع أوكسفورد وسط لندن. وتضررت هذه الشركة المتخصصة في الملابس الرخيصة أكثر من معظم الشركات الأخرى بسبب الإغلاق، فهي لا تملك متجراً إلكترونياً، ما أدى إلى تراكم بضائعها في المستودعات أو على الرفوف.
قالت متسوقة في متجر"بريمارك" ببرمنغهام إن العودة إلى المخزن الواقع في قلب المدينة كانت "ممتعة"، وقد شهد على غرار متاجر أخرى تشكيل طوابير في الصباح.
وأضافت لوكالة "بي إيه" الإخبارية، "أمضيت وقتاً طويلاً لكنني اشتريت كثيراً من الفساتين، وملابس النوم، وحمالات الصدر. لقد فاتني الكثير وأنا سعيدة حقاً".
وكان متسوقون آخرون أقل سعادة في الطوابير الطويلة. وقالت كريستينا تايلور، 40 سنة، التي تعمل في القطاع المالي، لـ"بي إيه" موضحة "أحتاج إلى تبديل الطبقة الواقية لشاشة هاتفي المحمول، وهذا كل شيء. وهذا ما يزعجني منذ اليوم الأول للإغلاق".
وحين سُئِلت عما إذا كانت إعادة فتح المحال أسعدتها، قالت "نعم ولا… سألقي نظرة على بريمارك وأرى الطابور. وباعتبار أن الوقوف هكذا في الطوابير لا يعجبني على الإطلاق، فإنه سيجعلني أفكر مرتين حول حاجتي إلى شيء من المتجر".
وتواجه بعض المتاجر تحديات خاصة في الامتثال للتوجيهات الحكومية، مثل محال بيع الأحذية بالتجزئة التي تضطر الآن إلى "عزل" أزواج جربها عملاء.
وظلت غرف تغيير الملابس في معظم مخازن الملابس مغلقة، في حين أبعدت المكتبات أشياء من الرفوف بعدما لمسها الناس. ولن تعيد مكتبة "ووترستونز" Waterstones المواد المعزولة إلى المتجر إلا بعد 72 ساعة.
يجب على المحال تثبيت ألواح عند صناديق الدفع، وتحديد مسافات بطول مترين على الأرض لمساعدة العملاء على البقاء متباعدين. وعينت متاجر للبيع بالتجزئة، بما في ذلك "إيكيا"، و"جون لويس"، موظفين للتباعد الاجتماعي مهمتهم المساعدة على تطبيق القواعد المرعية في هذا المجال.
وعلى غرار محال السوبرماركت، ستكون الأعداد داخل المتاجر غير الأساسية محدودة للغاية، ما يعني أن المتسوقين سيواجهون طوابير في الخارج.
السلامة أولاً
وحثت المجالس البلدية المتسوقين على اتخاذ احتياطات إضافية حين يزورون المتاجر البارزة، ومراكز المدن لتجنب قفزة ثانية في حالات العدوى بفيروس كورونا.
ولجعل الزيارات إلى مراكز المدن والمتاجر البارزة آمنة، تنظف المجالس البلدية الشوارع في شكل أكثر تواتراً، وتوفر مواقع لمعقم اليدين، وتعمل على جعل المقاعد العامة ووسائل الراحة مناسبة للوضع الجديد، كما تخصص مزيداً من الأماكن للمشاة في الشوارع، وتنشر موظفين بلديين، أو متطوعين لتقديم المساعدة والمشورة.
بذل وزراء جهدهم لمساعدة الناس على اكتساب الثقة الكافية للعودة إلى المتاجر البارزة، ومراكز التسوق. وقال بول سكالي ، وهو وزير الدولة لشؤون الأعمال الصغيرة، لبرنامج "بريكفاست" الذي تبثه "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) "ستكون المتاجر البارزة مختلفة عما كانت عليه سابقاً، مع ممرات الاتجاه الواحد، ومعقمات اليدين، وعدم تمكن الناس من تجربة الملابس مثلما كانوا يفعلون". وكرر موقف رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي قال الأحد في 14 يونيو إن الناس "يجب أن يتسوقوا، وأن يتسوقوا بثقة".
وطُلِب من المحال أن تشجع الناس على التسوق فرادى، ما لم يحتاجوا إلى مساعدة إضافية، وأن تعدل المسارات حول المحال للتخفيف من الازدحام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مستهلكون قلقون
في ضوء الضوابط الموجودة، يواجه البائعون بالتجزئة تحدياً قاسياً لجهة تشجيع بعض المستهلكين المترددين، على العودة إلى المتاجر.
ففي حين أن المرجح حصول قفزة في الطلب بسبب الفرصة المتوفرة للناس لاستعراض البضائع، والتسوق في شكل لم يتوفر لهم منذ مارس، يبقى ملايين المستهلكين قلقين من المساحات العامة، في حين يخشى آخرون على أوضاعهم المالية.
وتدل المؤشرات من بلدان أخرى، على أن عدد زوار المتاجر البارزة، سيزيد في شكل غير مفاجئ مع إعادة فتح المحال، لكن ذلك قد لا يُترجَم إلى مبيعات.
وهذا يضع المتاجر البارزة البريطانية التي تعاني أصلاً من وضع حتى أكثر خطورة، إذ تواجه المحال تكاليف أعلى على صعيد الإيجارات والأجور، مثلاً، في مقابل تراجع كبير في العوائد.
قال ديفيد فوكس، الرئيس المشارك لشركة "كوليرز" للاستشارات العقارية "بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي، والأنظمة الحكومية الصارمة التي ينبغي التزامها من البائعين بالتجزئة، لن يكون هناك تطابق بين رغبة العملاء في التبضع، وقدرة الأعمال على تلبية الطلب… وستتمثل الصعوبة أمام البائعين بالتجزئة في اللوجستيات الخاصة بالسياسات الجديدة المتعلقة بالصحة والسلامة، والنظافة في المحال، إلى جانب توفر الحد الأدنى من الموظفين لإدارة الطوابير، والقيام بمهامهم في البيع".
صفقات
قد يتمكن المشترون الذين يغامرون بالخروج من الفوز بصفقات، لاسيما إذا أجلوا المشتريات لأسبوعين.
وكشفت "بريمارك" أخيراً أن لديها بضائعَ بقيمة 1.9 مليار جنيه إسترليني (2.4 مليار دولار) في مخازنها، وهذا أكثر من ضعفي ما تخزنه عادة. ووفق أحد التقديرات، يملك بائعو الملابس بالتجزئة ملابس غير مباعة بقيمة نحو 15 مليار جنيه إسترليني. وقد يتمكن المتبضعون من استغلال فرصة وجود حسوم كبيرة فيما تحاول سلاسل المتاجر بيع هذا الفائض قبل أن تنتهي موضته.
لكن بعض الخبراء يظنون أن بائعي التجزئة سيؤجلون تخفيض الأسعار. قالت ليزا هوكر، وهي المسؤولة عن أسواق المستهلكين في شركة "برايس ووترهاوس كوبر" الاستشارية، إن من المستبعد حصول "حسوم شاملة" هذا الأسبوع.
في هذه الأثناء، قدمت مؤسسات كثيرة للبيع بالتجزئة بالفعل حسوماً كبيرة عبر الإنترنت، ووصلت العروض الترويجية إلى مستويات لا تبلغها عادة إلا "يوم الجمعة الأسود".
وتتوقع هوكر قفزة في المبيعات هذا الشهر. وترى أنه "إذا لم تنفد كمية كبيرة بما يكفي من المخزونات بسبب مبيعات يونيو، فإننا نتوقع دفقاً من الحملات الترويجية، والحسوم في وقت لاحق من الصيف".
وأفادت منظمة "أوكسفام" الخيرية بأن محالها ستغصّ على الأرجح بكثير من "المغريات" عندما تعيد فتح أبوابها هذا الأسبوع، وهي مليئة بأشياء تخلص منها الناس خلال الإغلاق.
© The Independent