بعد نحو الثلاثة أعوام على اعتقال رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين بتهمة التفلت من العقوبات الأميركية لمصلحة تمويل "حزب الله"، علمت "اندبندنت عربية" من مصادر أمنية لبنانية، أن الإدارة الأميركية تعتزم إطلاق سراحه.
ويأتي هذا القرار وفق المعلومات المتوافرة، على خلفية صفقة تبادل أسرى ومعتقلين بين واشنطن وطهران، على الرغم من مناخات التصعيد القائمة بين البلدين. وهو أيضاً يأتي تتويجاً لمسار طويل من المفاوضات الحاصلة، وشارك في جانب منها المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، مع الجانب السوري. وكان لبنان أبلغ بالقرار الأميركي منذ أسبوع تقريباً.
إطلاقه خلال أسبوع
وثمة ترابط وثيق في هذا المسار بدأ مع إطلاق نزار زكا من السجون الإيرانية، وأعقبه إطلاق الموقوف لدى لبنان بتهمة التعامل مع إسرائيل عامر الفاخوري، مقابل الإفراج عن عالمَين إيرانيين. وليس معروفاً بعد إلى أي مدى يمكن أن تبلغه هذه الصفقة.
وكانت وزارة العدل الأميركية حكمت في أغسطس (آب) الماضي، على تاج الدين بالحبس خمسة أعوام، وبدفع غرامة مالية قدرها 50 مليون دولار أميركي. ورجل الأعمال اللبناني أقر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بما نُسب إليه من تهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية.
يذكر أن تاج الدين وُصف منذ العام 2009 بأنه مساهم مالي مهم في دعم "حزب الله" اللبناني، ومُنع عليه التعامل مع الشركات الأميركية. وأوقف في العام 2017 في الدار البيضاء بناء لطلب واشنطن.
ويأتي إطلاق سراحه المرتقب خلال أسبوع بعد أن أمضى نحو ثلاثة أعوام ونصف العام من عقوبته في السجن.
خفايا "صفقة" الفاخوري
وكان السفير الدولي للمؤسسة الأميركية للسلام من أجل التكنولوجيا نزار زكا، كشف عن خفايا "صفقة" إطلاق سراح العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري، قائلاً إن عملية الإفراج ذات بعد إقليمي وليست فقط تسوية داخلية لبنانية، مشيراً إلى تزامن إجراءات عدّة اتخذتها إيران ولا سيما الإفراج عن الرهينة الأميركي مايكل وايت ونقله إلى السفارة السويسرية في طهران في اليوم ذاته من نقل الفاخوري إلى السفارة الأميركية في لبنان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى أن هذه الإجراءات سبقت الكشف عن وفاة أقدم وأهم رهينة في تاريخ الولايات المتحدة بوب ليفنسون الذي كان قد اختُطف في جزيرة كيش الإيرانية منذ 13 عاماً بعدما كان عميلاً متقاعداً للـ FBI والـ CIA والـ DEA، فكان أبرز عقبة أمام أي تحسن في العلاقات الأميركية الإيرانية، مشدّداً على أنّ تعيين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، روبرت أوبراين، مستشاراً جديداً للأمن القومي الذي كان يمسك ملف الرهائن الأميركيين في الخارج، دليل قاطع على اهتمام ترمب بالإفراج عن كل الرهائن الأميركيين وهو قطع وعداً يريد أن يحققه قبل الانتخابات المقبلة.
"حزب الله" خضع لأميركا
واعتبر أن الإفراج عن الفاخوري في بيروت ووايت في طهران مهّدا للإعلان عن وفاة بوب ليفنسون، وأنه لولا ذلك لكان لخبر إعلان وفاة ليفنسون تداعيات كبيرة على مستوى الإدارة الأميركية.
وأعلن زكا أنه وآخرين سعوا إلى إدخال لبنان بشكل رسمي على خط المفاوضات لتحقيق مكاسب للسلطة الرسمية اللبنانية، مؤكداً أن كل الأطراف في بيروت كانت على علم بخلفيات الموضوع، جازماً بأنّ حزب الله أُبلغ محلياً بكل المعطيات ووافق على إتمام عملية الإفراج، ومشدداً على أن إيران أنجزت كل التسهيلات الممكنة بما في ذلك الطلب من حزب الله عدم الاعتراض. وأضاف "لولا الضغوط المحلية والخارجية التي تعرّض لها الحزب لما كان وضع نفسه في مواجهة مع عقيدته وبيئته وخطاباته الرافضة لأي صفقة مع الولايات المتحدة الأميركية".
مسار جديد وتحول جذري!
وأكد زكا أن هذه الصفقة غيّرت جذرياً منحى العلاقات اللبنانية الأميركية، وأعادت رسم الحدود بين الحكومة وحزب الله، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة كانت تعتبر أن حكومة حسان دياب هي حكومة حزب الله وأن لبنان دولة حاضنة للإرهاب، مضيفاً "العلاقات اليوم بين لبنان وأميركا باتت أفضل وتراجعت إمكانية فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين تعتبرهم أميركا متورطين باعتقال مواطن أميركي من دون مسوغ قانوني".
ولفت إلى القانون الذي أعدته السيناتور الديمقراطية جين شاهين وهي في لجنة الشؤون الخارجية بالتنسيق مع السيناتور الجمهوري تيد كروز حول معاقبة المسؤولين عن اعتقال الفاخوري وتوقيف كل برامج المساعدات للبنان ومن ضمنها مساعدات الجيش اللبناني، مؤكداً أن النظرة الأميركية إلى لبنان متساوية مع النظرة إلى إيران، ولا سيما أنّ اعتقال الفاخوري أعطى انطباعاً عن لبنان أنه يخطف رهائن.
السجون السورية
وكشف زكا عن أنه وبصفته السفير الدولي للمؤسسة الأميركية للسلام من أجل التكنولوجيا، يعمل مع الإدارة الأميركية على الإفراج عن كثيرين من المعتقلين في العالم وعلى تحضير الأرضية السياسية، معلناً أن من ضمن خطة عمله معرفة مصير 630 مخطوفاً لبنانياً في السجون السورية "لأنه من غير المعقول أن تظل أمهات هؤلاء لأكثر من 40 سنة يجهلن مصيرهم".
وعن تجربته في السجون الإيرانية، قال زكا إنه استحصل على حكم ضد النظام الإيراني من المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، مطالباً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعدم التقاعس والمماطلة بتنفيذ الحكم الدولي بحق طهران.