أظهر التقرير الصادر عن البنك المركزي الأوروبي، الخميس الـ18 من يونيو (حزيران) الحالي، اقتراض 742 بنكاً أوروبيّاً عبر الآلية الأوروبية للإقراض الطويلة الأجل LTRO، وبلغت القيمة الإجمالية لهذه القروض 1.47 تريليون دولار (1.3 تريليون يورو).
برنامج الإقراض أطلقه البنك المركزي الأوروبي في أثناء الأزمة المالية العالمية مارس (آذار) 2008 بأجل ستة أشهر للمرة الأولى، استفاد منه وقتها 177 بنكاً، ثم توسَّع في طول فترة الإقراض إلى عام في يونيو 2009، ثم في ديسمبر (كانون الأول) 2011. للمرة الأولى المركزي الأوروبي يطلق برنامج الإقراض الطويل الأجل بأجل ثلاثة أعوام، وبسعر فائدة واحد في المئة.
وفي فبراير (شباط) 2012 أطلق البنك النسخة الثانية من البرنامج نفسه LTRO2 بأجل ثلاثة أعوام، بلغ حجمه 598.3 مليار دولار (529 مليار يورو)، واستفاد منه نحو 800 بنك أوروبي. ويهدُف البنك المركزي الأوروبي من هذا البرنامج إلى المحافظة على مستوى السيولة في النظام المصرفي الأوروبي، الذي اُختبر فترات صعبة خلال العشرة أعوام الماضية، لذا استمرّ البرنامج في رفد الاقتصاد بسيولة منخفضة التكلفة وطويلة الأجل.
بعد الأزمة المالية العالمية واجهت منطقة اليورو أزمة ديون سيادية، تفجَّرت في اليونان، ثم أزمة مصرفية حادة بإيطاليا. المصارف الأوروبية تأثرت سلباً بهذه الأزمات، وكان هذا البرنامج ضرورياً للمحافظة على سلامة الجهاز المصرفي في منطقة اليورو.
إقراض بفائدة سلبية يُسيل لعاب المصارف الأوروبية
الفائدة على الودائع في البنك المركزي الأوروبي هي - 0.5 في المئة (فائدة سلبية). وبرنامج الإقراض LTRO طرح بفائدة - 1.0 في المئة، وتستفيد منه 742 بنكاً أوروبياً، ومتوقع أن تقوم هذه المصارف بتسديد استحقاقات سابقة تبلغ 858 مليار دولار (760 مليار يورو)، وسوف تشتري سندات سيادية أوروبية، وتتوسَّع في إقراض الشركات الأوروبية التي تواجه التداعيات الاقتصادية بسبب انتشار فيروس "كوفيد 19" على اقتصاد منطقة اليورو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتلجأ المصارف إلى استخدام السيولة المنخفضة التكلفة والانكشاف على أدوات مالية ذات عائد مرتفع، وتسمّي هذه الاستراتيجية الـCarry Trade، وكانت تستخدم سنوات طويلة في سوق العملات الأجنبية عبر الاقتراض بعملة ذات فائدة منخفضة (الين الياباني)، وشراء عملات مرتفعة (الدولار الأسترالي)، والتكسُّب من فرق الفائدة بين العملتين.
الآن، البنوك الأوروبية سوف تستخدم الـLTRO آلية تمويل وشراء السندات السيادية الأوروبية ذات العائد المرتفع والتكسُّب من فرق سعر الفائدة بينهما، مقارنة بحجم برنامج الإقراض الجديد مع آخر نسخة في 2012. والحجم الآن يتجاوز ضعف ما كان عليه حينها 598 مليار دولار (529 مليار يورو). في مايو الماضي أعلنت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، إطلاق هذا البرنامج بعد التوقعات المتشائمة بانكماش نمو الناتج المحلي الإجمالي بـ - 12 في المئة هذا العام.
هذه التسهيلات الائتمانية من قِبل البنك المركزي الأوروبي تضاف إلى برنامج شراء السندات الذي أقرّه البنك أخيراً لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا الذي أعلنه البنك في مارس الماضي، ويبلغ حجمه 847 مليار دولار (750 مليار يورو)، وأطلق عليه اسم ''برنامج التحفيز الطارئ للجائحة''، وسوف يستمر حتى نهاية 2020، ويشمل طيفاً واسعاً من الأصول والسندات السيادية وسندات الشركات، وعليه يأتي برنامج الإقراض للبنوك متناغماً مع تعهّد مجلس البنك واستعداده المطلق لمساعدة الاقتصاد ضمن حدود التفويض الممنوح له.
اليورو يرتفع مقابل الدولار
العملة الأوروبية الموحّدة ارتفعت مقابل الدولار خلال تداولات ما بين مايو ويونيو، وارتفع اليورو من مستوى 1.08 إلى 1.14، بارتفاع بلغ 600 نقطة في أقل من شهرين، وتداول هذه الارتفاعات في اليورو يعكس تأثير التدابير التي يقوم بها البنك المركزي الأوروبي في مساعدة الاقتصاد لمواجهة تداعيات أزمة كورونا على منطقة اليورو. وكما هو معلوم أن أوروبا كانت البؤرة الثانية لانتشار الجائحة بعد الصين.
من جانب آخر استفاد اليورو من الضغوط التي تعرّض لها الدولار بعد تخفيف شروط الإغلاق على نطاق واسع منذ منتصف مايو، بالنسبة إلى المؤشرات الأوروبية لسوق الأسهم، مثلاً مؤشر الداكس الألماني بلغت مكاسبه 12 في المئة خلال شهر، ويتداول عند 12,385، ومؤشر CAC الفرنسي وصلت مكاسبه إلى 11.3 في الفترة نفسها، ويتداول الآن عند 5,009، وعليه ارتفاع اليورو ومؤشرات الأسهم الأوربية تزامنت مع إطلاق برامج التحفيز وتوفير القروض المنخفضة التكاليف للبنوك الأوروبية.