أحيا آلاف الأميركيين الذكرى 155 لإنهاء العبودية عبر تظاهرات حملت طابعاً احتفالياً في بعض الأحيان، أُسقط خلالها التمثال الوحيد في واشنطن لجنرال كونفيدرالي، بينما تهزّ البلاد توترات عرقية منذ وفاة جورج فلويد أواخر مايو (أيار).
وقالت تابيثا برنارد البالغة من العمر 38 سنةً والمتحدرة من ترينيداد، لوكالة الصحافة الفرنسية خلال مشاركتها في تظاهرة الجمعة في نيويورك، "أنا امرأة سوداء، أعيش في هذا البلد منذ 20 عاماً، وأنا هنا لأقول إن حياة السود مهمة، حياة أولادي وأشقائي، لنتمكّن من العيش في بلد آمن".
وعمّت احتفالات الذكرى التي تعرف بـ"جونتينث" (Juneteenth، دمج يونيو و19)، وهو "يوم التحرير" الذي أدرك خلاله "العبيد" في غالفستون في تكساس أنّهم صاروا أحراراً، وفي مناطق البلاد كلها.
ترمب يندّد بإسقاط تمثال ألبرت بايك
في واشنطن، أسقط متظاهرون ليل الجمعة السبت تمثال الجنرال الكونفيدرالي ألبرت بايك، وهو التمثال الوحيد لشخصية كونيفدرالية في العاصمة.
وندّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على تويتر بالحادث الذي وصفه "بالعار على بلادنا"، بعدما نشر بياناً مشتركاً مع زوجته ميلانيا في مناسبة ذكرى إنهاء العبودية أشاد فيه "بالتحرير". واتهم شرطة واشنطن بأنها "لم تقم بعملها ووقفت متفرجةً على التمثال وهو يسقط ويحرق".
وتركّزت التظاهرات المنددة بـ"العنصرية والقمع وعنف الشرطة"، التي تم تنظيمها بدعوة من النوادي المحلية لكرة السلة، في محيط النصب التذكاري لمارتن لوثر كينغ في العاصمة.
وكانت التظاهرة التي خرجت قرب البيت الأبيض احتفاليةً، إذ رقص المئات على وقع موسيقى "غو غو" الشعبية التي نشأت في واشنطن في الستينيات والسبعينيات، قبل أن يسيروا في شوارع وسط المدينة.
مطالبات بمحاسبة الشرطة
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح جوشوا هاغر البالغ من العمر 29 سنةً، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه "لا يمكن لنا أن نزيل عناصر الشرطة العنصريين كافةً"، لكن "نريد أن يطرد غالبيتهم ويحاسبوا". وأعربت صديقته يمينا بن قريرة، عن أملها في أن يتعلم الأميركيون الأفارقة التاريخ بشكل أفضل، كي "يدرك" الجيل الجديد حقيقة التمييز العنصري.
وفي الأسابيع الماضية، تكثّفت الدعوات إلى إزالة النصب التذكارية لشخصيات لعبت دوراً في معسكر الفيدراليين خلال الحرب الأهلية (1861-1865)، والمنتشرة في جنوب البلاد.
حوادث تؤجّج الغضب رفضاً للعنصرية
وشكّلت وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد (46 سنةً) اختناقاً في نهاية مايو في مدينة مينيابوليس، بعدما جثا الشرطي الأبيض ديرك شوفين على عنقه لأكثر من ثماني دقائق وسط مناشداته المتكرّرة بعبارة "أعجز عن التنفس"، الدافع الرئيسي خلف الحركة الاحتجاجية المناهضة للعنصرية.
وبعد 60 عاماً على حركة الحقوق المدنية، تبقى الأقلية السوداء (13 في المئة من السكان)، مهملةً إلى حد كبير. وفضلاً عن كونها تعاني أكثر من الفقر والإهمال الصحي، فهي غير ممثلة بما يكفي سياسياً، بينما يشكّل السود الغالبية في السجون.
وأجّج الغضب أيضاً حادثة شهدتها مدينة أتلانتا في 12 يونيو، حين أطلق شرطي أبيض رصاصتين على ظهر الأميركي الأسود رايشارد بروكس، الذي كان يحمل آلة صعق كهربائي بيده ويحاول الفرار من الشرطة. وكما في مينيابوليس، أقيل الشرطي واتّهم بالقتل.
وفي قضية أخرى، أعلنت بلدية لويسفيل في كنتاكي تسريح شرطي متورّط في وفاة الممرضة السوداء بريونا تايلور، التي قتلت في شقتها في مارس (آذار).
العنصرية مادة أساسية في المعركة الرئاسية
وعلى الرغم من أن الرئيس ترمب ندّد بمقتل فلويد وبروكس، لكنّه أضاع فرصة الظهور كرئيس جامع، إذ انتقد المتظاهرين مستخدماً عبارات نُظِر إليها على أنّها تحمل إيحاءات عنصرية.
وصبّ الملياردير الجمهوري الزيت على النار من خلال دعوته إلى تجمّع انتخابي واسع في تالسا في ولاية أوكلاهوما، تزامناً مع ذكرى إنهاء العبودية. ولا تزال هذه المدينة مرتبطةً بذكرى واحدة من أسوأ أعمال الشغب العنصرية، إذ شهدت عام 1921 مقتل ما يصل إلى 300 أميركي من أصول أفريقية على يد حشد من البيض.
وخشية حصول فوضى في وقت ينتظر مشاركة 100 ألف شخص في التجمّع في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 650 ألفاً، فرض رئيس البلدية حظر تجوّل جزئياً حتى الأحد، لكن ترمب نجح في إلغائه، وغرّد على تويتر قائلاً "استمتعوا جيداً".
وعشية هذا التجمّع الذي أراد الرئيس من خلاله إعطاء زخم لحملته الانتخابية، شهدت المدينة احتفالات في مناسبة ذكرى إنهاء العبودية. وسخر كريس، وهو رجل أسود يبلغ من العمر 30 سنةً، من ترمب، قائلاً إنه سبب جعل هذه المناسبة "شهيرة جداً". وأكّد كريس "لا يمكن لأحد من مؤيديه التظاهر بتجاهل الماضي العنصري لأميركا العظيمة التي يريدها" ترمب.
واعتبر المرشّح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن تصريحات خصمه "مشينة"، معرباً عن "ثقته" بتحقيق عدالة عرقية في الولايات المتحدة.