أبقت أحزاب في المعارضة الجزائرية سقف مطالبها عالياً إزاء مصير الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بعد ساعات من رابع المسيرات المليونية، التي تشهدها البلاد منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، في مقابل حديث عن "تعديل" في الخطة الرئاسية بإعلان محتمل عن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية ثم الانتقال إلى مشروع "المؤتمر التأسيسي".
حنون تطلب "الانسحاب الفوري"
أعلنت لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، السبت، أن حزبها يؤكد أن "انسحاب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في نهاية عهدته الدستورية أضحى ضرورة قصوى". وكانت حنون موضوع هتافات "متفرقة" بين متظاهرين في المسيرات التي شاركت فيها. ويقول مساعدوها إن "مرسلين عن دائرة النظام هم من يحاولون شيطنة حنون بإرسال من يهاجمها في التظاهرات".
وقالت حنون، في مؤتمر صحافي في مقر الحزب في العاصمة، إنها تنفي بشدة أنباء صحافية تحدثت عن لقاء "سري" جمعها بالأخضر الإبراهيمي، الموجود في الجزائر منذ حوالي أسبوع. ويتداول إعلاميون أخباراً غير مؤكدة عن لقاءات يعقدها الإبراهيمي مع وجوه سياسية من المعارضة، ما أجج شعوراً بين أنصار الحراك الشعبي بـ"وجود خيانة" من أحزاب "رفضت مشاركتها من البداية في المسيرات".
وأشارت حنون إلى أن "السلطة لا يجب أن تستمر في تعنتها من أجل إنقاذ بعض الأطراف التي تعد أساس النظام... بهذه الطريقة هم يحاولون إنقاذ الأحزاب التي تجسد النظام والأوليغارشية المفترسة ونمط حكم رئاسوي مناقض للديمقراطية". وأضافت "عليهم الاستجابة لمطالب الملايين من الشعب".
وطالبت حنون رئاسة الجمهورية بالإعلان الفوري "عن حكومة جديدة مع حل البرلمان وانسحاب الرئيس بوتفليقة من الواجهة"، مشيرة إلى ضرورة "استحداث حكومة تقنية".
بن فليس: "الندوة الوطنية مرفوضة"
يدفع علي بن فليس، رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب طلائع الحريات، إلى "رفض تام لجميع المقترحات التي وردت في رسالة بوتفليقة في 11 مارس (آذار) الحالي". وقال الحزب بعد اجتماع مكتبه السياسي، السبت، إن "محتوى الرسالة يعتبر مناورة مفضوحة لإنقاذ النظام السياسي القائم وتمكينه من ربح الوقت لتحضير نفسه للانتخابات المقبلة".
وأضاف إن "القوى غير الدستورية التي كانت وراء الرسائل الموجهة إلى الأمة والمنسوبة إلى الرئيس المريض، انتهجت الخداع المكشوف والتلاعبات المفضوحة التي بلغت ذروتها، خصوصاً إذا صدقنا مضمون الرسالة المعلنة عن ترشيح الرئيس الغائب إلى أعلى منصب في الدولة من دون علمه".
وعن قرارات اتخذها بوتفليقة، منذ أسبوع، ولا تزال سارية قال بن فليس "إننا نقف ضد التحايل المتمثل في إعلان تغييرات جذرية في الحكومة، بينما جاءت التعيينات الأولى، معبرة عن إرادة استفزازية بعيدة كل البعد من تطلعات الجماهير الشعبية ومناقضة لها"، وهي "تنفي كل شرعية للندوة الوطنية المعلن عنها والموصوفة بالمستقلة لصوغ دستور جديد، وهو الدستور الذي لا يمكن أن يصدر سوى عن مجلس منتخب، يحمل تكليفاً وتفويضاً من الشعب".
الجبهة الوطنية: "تجاوب السلطة مأساوي"
ضمن ردود الفعل أيضاً، قال موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، إن "تجاوب السلطة مع مطالب الحراك الشعبي للجزائريين مأساة حقيقية. الوطن حالياً يحتاج إلى شخصيات جزائرية، وليست دخيلة بحماية أجنبية".
وأشار تواتي، السبت، إلى أن حزبه "كان يود أن يستجيب النظام بسرعة ويمنح الشعب قرار تسيير البلد، منذ المسيرة الأولى في 22 فبراير الماضي". وكشف عن أن حزبه "لم يتلقّ أي اتصال في شأن الندوة الوطنية الجامعة المنتظرة، وأنه "لا معنى لها ولا معنى بالتالي للمشاركة فيها".
لقاءات الإبراهيمي
على الرغم من مرور حوالي أسبوع على وجود الإبراهيمي في الجزائر، من دون منحه صفة رسمية كرئيس مفترض للندوة الوطنية التي يقترحها بوتفليقة، إلا أن أنباءً عن لقاءات يعقدها في فندق الأوراسي في العاصمة الجزائرية تتوالى تباعاً.
وعلمت "اندبندنت عربية" أن الإبراهيمي باشر لقاءاته قبل لقائه بوتفليقة، واختار في البداية لقاء شخصيات معارضة لديه صداقات معها. وكان الإبراهيمي دعا، الأحد في 10 مارس، (أي قبل يوم من لقائه بوتفليقة)، الدبلوماسي الجزائري السابق عبد العزيز رحابي، وهو شخصية معارضة تشارك في الحراك منذ البداية ومدير ديوان الإبراهيمي حين كان وزيراً للخارجية، إلى لقاء. وأُفيد بأن الإبراهيمي نفى خلال اللقاء أن يكون قد كُلف بأي دور رسمي. ومما قاله رحابي للإبراهيمي إن "النظام الحالي عليه الرحيل فوراً بإقرار انسحاب بوتفليقة فوراً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وطلب الإبراهيمي، في اليوم ذاته، لقاء سعيد سعدي، الرئيس السابق للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وهو شخصية معارضة تنتقد نظام بوتفليقة بحدة، وكان للرجلين حديث مطوّل، وفق المصادر ذاتها، "من دون أن يؤكد الإبراهيمي تأديته دور الوسيط".
ومما أبلغ الإبراهيمي به ضيوفه، أنه طلب لقاء الكاتب الجزائري المقيم في فرنسا كمال داود، وهو كاتب مثير للجدل في الجزائر، بسبب انتقادات يتلقاها في العادة من التيار الإسلامي، نظراً إلى ما يسميه الأخير "جرأة داود في استهداف المقدسات الدينية للجزائريين".
هل يمضي بدوي في حكومة "التسريبات"؟
يتوقّع كثير من المراقبين أن يلجأ رئيس الوزراء الجزائري نور الدين بدوي إلى تغيير حكومي في الساعات المقبلة. لكن ما تسرّب عن قائمة الشخصيات المرشحة إلى الوزارة، أثار موجة غضب، ما قد يفهم أنه "بالون اختبار". وهو سلوك تسيير بات راسخاً في الأيام الماضية من مسؤولين في أعلى هرم السلطة.
وأول ما يلاحظ في القائمة، انتقال منصب الفريق أحمد قايد صالح إلى وزير للدفاع الوطني، بدل نائب لوزير الدفاع. وبمقتضى الدستور الجزائري، فإن الرئيس هو من يتولى منصب وزير الدفاع، ويمكنه تفويض شخصية بذلك. لكن أحداً لم يشغل هذا المنصب منذ فترة الجنرال خالد نزار، الذي كان وزيراً للدفاع في بداية التسعينيات.
ويبدو من قائمة الوزراء في المناصب السيادية، احتفاظ بوتفليقة بكل من الطيب لوح ويوسف يوسفي لكن في مناصب وزراء دولة، فيما يحتفظ بنور الدين بدوي وزيراً أولَ، فيما وزعت الوزارات الأخرى على شخصيات "شبابية" لكنها من أحزاب التحالف الرئاسي.
وتأتي هذه التطورات عشية انتقال وزير الخارجية رمطان لعمامرة إلى موسكو للقاء مسؤولين كبار. وقالت مسؤولة روسية إن "موسكو يهمها أن تستمع إلى ما يحدث في الجزائر من مصدر رسمي".