أكد تقرير برلماني صادم أن "جائحة من المعلومات المضللة " عبر الإنترنت تمثّل تهديداً وجودياً للديمقراطية، وأسلوب الحياة في المملكة المتحدة. واتهم وزراء في الحكومة البريطانية بالفشل في استيعاب إلحاح التحديات التي يمثلها العصر الرقمي.
ودعا إلى اتخاذ إجراءات فورية للجم الشركات التكنولوجية العملاقة، يشمل إعطاء هيئة "أوفكوم" صلاحيات جديدة مقترحة في مجال ضبط الأضرار عبر الإنترنت، بهدف تغريم الشركات الرقمية ما يصل إلى 4 في المئة من مبيعاتها العالمية، أو إلزام الجهات المزودة لخدمات الإنترنت فرض حظر على المنتهكين المتسلسلين.
وحض التقرير الصادر عن لجنة "الديمقراطية والتكنولوجيات الرقمية" التابعة لمجلس اللوردات على منح "أوفكوم" صلاحية تحميل المنصات الرقمية مسؤولية قانونية عن المحتوى الذي تعرضه على جمهور واسع، أو ذاك الذي ينتجه مستخدمون يتمتعون بمتابعة كبيرة.
واعتبر أن من الضروري مطالبة منصات الإنترنت بالشفافية بشأن كيفية عمل خوارزمياتها، فلا تعمل هذه الأخيرة بطرق تمييزية في شأن الأقليات.
وحثت اللجنة العابرة للأحزاب الحكومة على المضي قدماً من دون تأخير في نشر مشروع القانون الموعود لمكافحة الأضرار عبر الإنترنت بهدف إعطاء "أوفكوم" صلاحيات لتنظيم العالم الإلكتروني.
وأفاد تقريرها أن المنصات عبر الإنترنت ليست "غير قابلة للحوكمة في شكل متأصل"، لكنها حذرت من أن الصلاحيات ممنوحة "لبعض الشركات الرقمية غير المنتخبة وغير الخاضعة للمحاسبة" بما في ذلك "فيسبوك" و"غوغل"، واعتبرت أن السياسيين يجب أن يعملوا الآن لمحاسبة هذه الشركات حين يثبت أنها تؤثر سلباً في النقاش العام وتزعزع الديمقراطية.
وطالب التقرير أيضاً بإخضاع الدعاية السياسية لمتطلبات الصحة والدقة التي تخضع لها الإعلانات الأخرى.
ولفت إلى وجوب عمل الأحزاب السياسية مع "هيئة المعايير الإعلانية" وغيرها من الجهات التنظيمية لتطوير تعليمات، أو نظم للممارسات تحظر الإعلان "غير الدقيق في شكل أساسي" خلال الانتخابات والاستفتاءات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال رئيس اللجنة اللورد بوتنام "نعيش في زمن تتهاوى فيه الثقة. فالناس لم يعودوا يؤمنون بأن في مقدورهم الاعتماد على المعلومات التي يتلقونها، أو يصدقون ما يُقَال لهم. وهذا يضعف الديمقراطية في شكل مطلق… ويعود جزء من السبب وراء التراجع في الثقة إلى السلطة غير الخاضعة لمراقبة المنصات الرقمية. وتمارس هذه الشركات الدولية العملاقة سلطة كبيرة من دون أي محاسبة موازية، وتنكر في الأغلب المسؤولية عن أي ضرر قد يترتب على بعض المحتوى الذي تستضيفه، في حين تواصل الكسب منه".
وأضاف رئيس اللجنة البرلمانية "ورأينا دليلاً واضحاً على ذلك في الأشهر الأخيرة من خلال القفزة الخطيرة في التضليل في شأن كوفيد-19. وأصبحنا نعي الطرق التي يمكن للتضليل أن يدمر بها صحة فرد ما، إلى جانب تزايد عدد الحالات التي تكون فيها صحتنا الديمقراطية الجماعية معرضة إلى الخطر… وهذا يجب أن يتوقف، لقد آن الأوان لتتولى الحكومة هذه المسألة. ويجب أن تبدأ باتخاذ خطوات لتطبيق مشروع قانون مكافحة الأضرار عبر الإنترنت. لقد سمعنا أن هذا التشريع قد لا يُدرَج قبل عام 2024 وفق البرنامج الحالي. وهذا بكل وضوح غير مقبول".
وتابع اللورد بوتنام "لقد وضعنا برنامجاً لتغيير الوضع بما يسمح في شكل عام لمؤسساتنا الديمقراطية بانتزاع الصلاحيات من شركات لا تخضع للمحاسبة، وبدء العملية البطيئة المؤدية إلى استرجاع الثقة. فالتكنولوجيا ليست قوة طبيعية ويمكن ترويضها من أجل الصالح العام. والوقت المناسب للقيام بذلك هو الآن".
© The Independent