على الرغم من توقيع اتفاقيات بشأن إنهاء الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، فإنّ الأيام المقبلة يبدو أنها ستحمل مفاجآت جديدة في هذا الملف، الذي تسببت جائحة كورونا في تأجيجه من جديد.
ففي تطوّر جديد للحرب التجارية القائمة بين واشنطن وبكين، ألقى رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، باللوم على الحكومة الصينية، لاستخدامها "التجسس والهجمات الإلكترونية ضد الولايات المتحدة الأميركية". وقال خلال خطابه في معهد "هدسون"، "المخاطر بالغة، والضرر الاقتصادي المحتمل الذي قد يلحق بالشركات الأميركية والاقتصاد ككل يتحدى الحسابات والخطط الأميركية".
وأضاف، "من أجل أن تحقق الصين أهدافها، وتتجاوز الولايات المتحدة، فهي بحاجة إلى تحقيق طفرات كبيرة في قطاع التكنولوجيا. لكن، الحقيقة المحزنة تكمن في أنه بدلاً تسرق الصين في الغالب الملكية الفكرية الأميركية، ثم تستخدمها في المنافسة ضد الشركات الأميركية التي تقع ضحية هذه السرقات. الحكومة الصينية تستهدف البحث في كل شيء، من المعدات العسكرية إلى توربينات الرياح".
ولدى سؤال رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية عمّا إذا كانت الولايات المتحدة لديها تقديرات للضرر المالي الذي خلّفته الحكومة الصينية على الاقتصاد الأميركي، قال إنه لا يعرف "رقماً محدداً"، لكنه أضاف أن كل رقم شاهده "كان مذهلاً".
وأشار إلى أن مواجهة هذا التهديد بشكل فعلي لا تعني أنه لا ينبغي علينا التعامل مع الصينيين، ولا تعني عدم استضافة الزوّار أو الطلاب من الصين، أو التعايش مع بكين على المسرح العالمي. لكنه شدد على أن هذا يعني أنه عندما تنتهك الصين القوانين الجنائية للولايات المتحدة والمعايير الدولية فإننا "لن نتسامح".
واشنطن تعتزم الانتقام من بكين
في الوقت نفسه، أفاد تقرير حديث بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تسعى للانتقام من الصين على خلفية القانون الأمني الجديد باستهداف بعض بنوك هونغ كونغ الداعمة هذا التشريع المثير الجدل.
وأوضح تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ"، نقلاً عن مصادر لم تسمها، أن بعض مستشاري الرئيس الأميركي ناقشوا إمكانية تقويض ربط عملة هونغ كونغ بالدولار. ويمكن أن تحدث هذه العملية من خلال الحدّ من كمية الدولارات التي يمكن لمصارف هونغ كونغ شراؤها، وفقاً للتقرير.
وتأتي هذه الخطوة في سياق نظر الإدارة الأميركية في عدد من الخيارات لمعاقبة الصين على التحرّكات الأخيرة تجاه تقييد الحريات في مدينة هونغ كونغ. لكن التقرير أكد أن المقترح لم يُصعَّد حتى الآن إلى مستوى كبار المسؤولين في البيت الأبيض، مع الإشارة إلى أنه يواجه معارضة قوية من آخرين في الإدارة، كونها قد تضر بنوك هونغ كونغ فقط والولايات المتحدة لا الصين.
وتراجع الدولار مقابل معظم العملات، إذ قلّصت موجة ارتفاع على أصول أعلى مخاطرة، مثل الأسهم العالمية والسلع الأولية، الطلب على الملاذ الآمن في العملة الأميركية.
وصعد اليوان الصيني إلى أعلى مستوى في أربعة أشهر مقابل الدولار، مواصلاً مكاسبه التي حققها في الآونة الأخيرة، إذ عزز مستثمرون من كل القطاعات مراكزهم في الأسهم الصينية، بفعل مؤشرات متنامية على انتعاش في ثاني أكبر اقتصاد عالمي.
وقد تُبقي المخاوف المستمرة المتعلقة بانتشار فيروس كورونا تداول بعض العملات في نطاق محدود، لكن خسائر الدولار تزيد تدريجيّاً، حيث تميل المعنويات إلى رهانات أعلى مخاطرة بفضل النمو الاقتصادي في الأمد الطويل.
"هواوي" تنفي تأثرها بالعقوبات الأميركية
وفي سياق متصل، أكدت شركة "هواوي"، التي تعدُّ أحد أطراف النزاع التجاري بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، أن العقوبات الأميركية "لم يكن لها تأثير فوري" في قدرة الشركة على توريد معدات الجيل الخامس إلى بريطانيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحثّت الحكومة الأميركية حلفاءها على استبعاد عملاق الاتصالات الصينية من شبكات اتصالات الجيل المقبل، قائلة: "بكين قد تستخدمها في التجسس"، بينما أنكرت شركة هواوي الاتهامات، وتستعد المملكة المتحدة لبدء التخلص التدريجي من استخدام تقنية شركة "هواوي" في شبكات الجيل الخامس في وقت قريب من هذا العام، بسبب مخاوف أمنية، وذلك وفقاً لتقارير حديثة.
وقد يبدأ رئيس الوزراء البريطاني التخلص التدريجي من استخدام تقنية شركة "هواوي" الصينية العملاقة في مجال شبكات الجيل الخامس البريطانية هذا العام. وذكر التقرير أنه من المقرر أن يجري رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، تغييراً كبيراً في السياسة، بعد أن أعادت وكالة الاستخبارات البريطانية المعروفة باسم "مقر الاتصالات الحكومية" تقييم المخاطر التي تشكِّلها شركة التكنولوجيا الصينية.
وقال رئيس وكالة الأمن السيبراني الفرنسية، إنه لن يكون هناك "حظر تام" على استخدام معدات من شركة هواوي في ما يتعلق بتأسيس شبكات اتصالات الجيل الخامس الفرنسية، لكن الحكومة تشجِّع شركات الاتصالات الفرنسية على تجنُّب الانتقال إلى الشركة الصينية.
وأدرجت الولايات المتحدة بالفعل عملاق الاتصالات الصينية على قائمة الأمن القومي، بينما لن تحصل شركات الاتصالات الفرنسية التي تستخدم معدات الشركة الصينية إلا على "تراخيص محدودة المدة".
وقبل أيام، هدد الرئيس الأميركي بقطع العلاقات الاقتصادية بشكل كامل مع الصين، بعد يوم واحد من عقد كبار مستشاريه مباحثات غير مجدية مع بكين. وأثارت هذه التصريحات موجة جديدة من القلق بين المستثمرين من احتمال عودة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، التي كانت قد توقفت بعد توقيع الصفقة.
في المقابل، أكد المسؤولون الصينيون أنهم ينوون التزام الاتفاق، والاستمرار في شراء منتجات أميركية بقيمة 200 مليار دولار على مدى عامين. لكن الركود الاقتصادي الناجم عن الفيروس التاجي الذي ضرب العالم كله جعل الوصول إلى الأهداف أمراً مشكوكاً فيه.