خلُص تقرير إلى أن جائحة فيروس كورونا كشفت انقساماً ضخماً بين الأجيال لجهة ظروف الإقامة، فالأصغر سناً تحملوا إغلاقاً في نصف المساحة المتاحة للمجموعات العمرية الأكبر سناً.
وكان أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة في إنجلترا أكثر ميلاً بثلاثة أضعاف إلى العيش من منازل رطبة مقارنة بالمجموعات العمرية التي يتجاوز سن أفرادها 65 سنة، وأكثر ميلاً بضعف ونصف الضعف إلى عدم امتلاك حديقة أو العيش في حي متداع أو مكتظ، وفق بحوث أجرتها "مؤسسة القرار" Resolution Foundation.
وقال معدو التقرير إن نطاق التفاوت في ظروف السكن كان "صارخاً ومقلقاً" في وقت تدخل فيه بريطانيا مرحلة إعادة فتح الأعمال التي ستشهد استمرار كثير من الناس في العمل من المنازل، إلى جانب بروز مخاطر بفرض مزيد من الإغلاقات على المستويين المحلي والوطني.
وبين التقرير أن لكل من الشباب 26 متراً مربعاً يعيش فيه، مقارنة بـ50 متراً مربعاً لمن تزيد أعمارهم على 65 سنة.
وشهد المستأجرون الخاصون، وأغلبيتهم من الشباب، تدهوراً في صحتهم العقلية خلال الأزمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت زارا، 22 سنة، التي تعيش في مبنى يأوي 100 شخص تقريباً في جنوب غرب إنجلترا، لـ"اندبندنت" إن مصاعب مع المالكين جعلت الإغلاق تجربة مرهقة.
وأضافت، "عانينا مشكلة جدية على صعيد الرطوبة؛ فقد كانت الرطوبة تتسرب من جانب المبنى عبر جدار الطوب. وأظن أن عدداً لا بأس به من الشقق في هذا المبنى عانت الأمر نفسه. ولا يقر المالكون بالمسألة، ولا يفعلون شيئاً إزاءها. إن الأمر مقلق جداً وأرغب في حل له. وثمة جانب أخلاقي متصل بجهل المالكين بالمشكلة، لا سيما في هذا الوقت الذي تقيم فيه عائلات شابة في هذا المبنى وتعاني من أجل تسديد الإيجار ولا يتحدث بعض منهم الإنجليزية حتى ".
وتابعت زارا، "لا تعرف هذه العائلات ماذا سيحل بمداخيلها، وهي قد لا تتمكن من المطالبة بالائتمان الشامل. وربما توقفت أعمالها وهي لا تحصل على المدفوعات الخاصة بالموظفين الحاصلين على إجازات مفتوحة".
وقالت، إن برنامج الإجازات (او التسريح الحكومي) furlough يغطيها ما قلل من مخاوفها المالية إلى حد ما. لكنها أردفت "أخشى أنا وجيراني من الطرد بسبب دفاعنا عن حقوقنا. ونحن جميعاً قلقون من ذلك".
وثمة ترابط قوي بين الدخل والإثنية من جهة وبين ظروف العيش من جهة أخرى، وفق التقرير الذي مولته "مؤسسة نافيلد" Nuffield Foundation.
وأمضى واحد من كل خمسة أطفال ينتمون إلى أسر متدنية الدخل فترة الإغلاق في منزل مكتظ، مقارنة بـ3 في المئة فقط من الأطفال المنتمين إلى أسر ذات مداخيل أعلى.
وتبين أن نحو طفل من كل 10 كان يترعرع في ظروف رطبة، في حين لم يحصل 6 في المئة من الأطفال ذوي الخلفيات المتدنية الدخل على وصول إلى الإنترنت في منازلهم.
ولم تتوفر حدائق لنحو 40 في المئة من البالغين أقل من 16 سنة من الأسر السوداء والآسيوية والمنتمية إلى إثنيات مختلفة من الأقليات، مقارنة بـ17 في المئة من الأطفال البيض، وفق الباحثين.
ومع تحسن جودة السكن خلال العقود الثلاثة الماضية، ازداد الاكتظاظ بالنسبة إلى الفئات العمرية كلها، مع تعرض الأطفال والبالغين الشباب إلى العيش في ظروف مكتظة أكثر من غيرهم.
فواحد من كل ثمانية أطفال وواحد من كل 12 بالغاً شاباً يعيشون في منازل مكتظة.
وقالت محللة البحوث والسياسات في "مؤسسة القرار" فهميدة رحمان، إن "بريطانيا تعاني انقساماً ضخماً بين الأجيال لجهة ظروف العيش، وأبرز كوفيد-19 هذا الانقسام. فقد وجد ملايين الأطفال والبالغين الشباب أنفسهم يمضون وقتاً أطول في منازل مزدحمة بالسكان من دون حدائق".
وزادت، "وهذه المشكلات حادة في شكل خاص بالنسبة إلى الأسر ذات المدخول المتدني والسوداء والآسيوية والمنتمية إلى أقلية إثنية، التي تعاني أسوأ ظروف العيش على الإطلاق. وفي حين أن كثيراً من مسائل جودة السكن مثل الرطوبة تحسنت بمرور الوقت، فإن كثيراً غيرها، مثل الاكتظاظ، ازداد في الواقع. وهذا يعكس عقوداً من الزمن من عدم بناء مزيد من المنازل واعتماد معايير (بناء) محترمة، لا سيما في المساكن المؤجرة إيجاراً خاصاً".
وأضافت رحمان، "لهذه الانقسامات آثار كبيرة في رفاه الناس وصحتهم العقلية، وينبغي أن تكون في مقدم التفكير عند اتخاذ قرارات في شأن إعادة فتح الاقتصاد، أو بخصوص طبيعة أي إغلاق آخر في مواجهة موجة ثانية".
من جانبه، قال نائب مدير مجموعة الحملات "جيل الإيجار" Generation Rent دان ويلسون كراو، "لقد أضر الإغلاق بالمستأجرين أكثر من غيرهم: لم يكن لهم مفر من الظروف الرطبة والضيقة، وبالنسبة إلى أولئك الذين فقدوا دخلهم، لا يمنع نظام المساعدات متأخرات الإيجارات من التراكم. تستطيع الحكومة تسديد ديونها الضخمة للمستأجرين من خلال إنهاء أزمة ديون الإيجار، وإلغاء عمليات الإخلاء غير العادلة حتى يتمكن المستأجرون من ممارسة حقوقهم بالحصول على منزل آمن، وتوفير عدد أكبر بكثير من المساكن الاجتماعية حتى يتمكن الجميع من تحمل تكاليف المساحة الخاصة بهم".
وقال رئيس برنامج الرعاية الاجتماعية في "مؤسسة نافيلد" أليكس بير، "يجب على صانعي السياسات معالجة المشكلات المنهجية القائمة منذ فترة طويلة فيما يتعلق بكمية المنازل ونوعيتها في المملكة المتحدة، فضلاً عن النظر في الإجراءات التي يمكن اتخاذها في المدى القريب لتخفيف الضغوط على الأسر الأكثر تضرراً".
© The Independent