يبدو أنّ إسرائيل تريد صفقة تبادل أسرى جديدة مع حركة حماس، وفقاً لرغباتها وما يخدم مصالح رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو الذي قدم عرضاً جديداً لقيادة حماس، عبر طرف ثالث مفاوض لدراسته إذا كان يناسب شروطها والردّ عليه للدخول في مفاوضات حول صفقة شاملة.
ووافقت إسرائيل في إبريل (نيسان) الماضي، لأوّل مرة على الدخول في مفاوضات غير مباشرة (عبر وسطاء) مع حركة حماس، من أجل استعادة جنودها الأسرى في القطاع، بعدما طرح رئيس حماس في غزّة يحيى السنوار مبادرة لعقد صفقة تبادل أسرى جديدة وصفها بالإنسانية في ظل تفشي فيروس كورونا.
التفاوض لا زال في البداية
ووفقاً لمعلومات "اندبندنت عربية" فإنّ الطرفين دخلا في مرحلة التفاوض عبر وسطاء من أجل التوصل إلى شروط صفقة التبادل المرتقبة، ومن بين الوسطاء كان المبعوث الدبلوماسي السويسري إلى الشرق الأوسط رولاند شتايننغر، وقيادات من المخابرات الألمانية، وضباط في المخابرات المصرية.
لكن يبدو أنّ عملية التفاوض بين الطرفين لا زالت في بدايتها، ويظهر ذلك بوضوح في حديث نتنياهو، الذي قال خلال مراسيم إحياء الذكرى السادسة للعدوان على غزّة عام 2014، إنّه يواصل العمل من أجل استعادة رفات الجنود وكذلك الأحياء. وأضاف "من جهتنا نرى أنّ هناك نافذة، نحن مستعدون لإعطائها فرصة".
شروط حماس
وبحسب الباحث في الشأن الإسرائيلي عاهد فروانة فإنّ ثمّة خلافاً بين طرفَي صفقة التبادل حول العرض المناسب من أجل إبرامها، فإسرائيل ترغب في صفقة بأقل الأثمان لتخدم مصالح نتنياهو، بينما ترفض حماس التنازل عن شروطها.
ومن ضمن شروط الحركة لإبرام الصفقة الإنسانية، أن يُفرجَ عن جميع الأسرى الذين عادت إسرائيل إلى اعتقالهم بعد الإفراج عنهم ضمن صفقة شاليط 2011، ومن ثمّ الدخول في حوار حول الصفقة الجديدة التي تتكون من مراحل عدة، أهمها الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن والأطفال والنساء، مقابل تقديم تسهيلات من قبل حماس (لم تحدّد طبيعتها).
ويعتقد فروانة أن حماس عرضت تقديم معلومات حول وضع الأسرى الإسرائيليين لديها، بما في ذلك إمكانية الإفراج عن بعضهم، مقابل إفراج إسرائيل عن فئات محدّدة من الفلسطينيين، بانتظار صفقة نهائية وكبيرة.
مقترحات إسرائيل
في المقابل، تسعى تل أبيب إلى صفقة شاملة مرة واحدة، لذلك عرضت على حماس مقترحات جديدة، وصفتها قيادات الفصائل الفلسطينية بأنّها هزيلة، وكان العرض الجديد أن يتم تبادل جثامين القتلى الفلسطينيين، مقابل ما يعتقد أنها جثث لجنود إسرائيليين في غزة، إلى جانب عروض أخرى تتعلق بالإفراج عن عدد من الأسرى من دون أن يشمل أصحاب الأحكام العالية الذين تتهمهم إسرائيل بالوقوف خلف هجمات أسفرت عن قتلى إسرائيليين.
وتضمّنت مقترحات إسرائيل لحماس أسساً من أجل فتح مفاوضات غير مباشرة برعاية مصرية وجهات أخرى، وهو ما تطلبه حماس بالأساس، أن يكون طرف ثالث يجري عملية التفاوض مع إسرائيل في الصفقة المنتظرة، كون حماس لا تجلس مباشرة مع الجانب الإسرائيلي على اعتبار أنه عدو ومحتل للأراضي الفلسطينية.
ردّ
لكن الناطق باسم كتائب القسّام الجناح العسكري لحماس أبو عبيدة، قال إنّ "أي صفقة لتبادل الأسرى لن تمرّ من دون أن يتصدّرها القادة الكبار والأسرى، وإنّ هذا الثمن ستدفعه إسرائيل برضاها أو رغماً عن أنفها، وإنّ المحرّمات التي كُسرت في صفقة شاليط، ستكسر وأكثر في الصفقة المقبلة، ولن نُتعب أنفسنا في تفاوضٍ على أقلّ من هذا الثمن الذي سيكون غير مسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
واقعياً، يبدو أنّ إسرائيل تنوي أن تقتصر صفقة التبادل المقبلة على تبادل عشرات جثامين القتلى الفلسطينيين المدفونة في مقابر الأرقام منذ سنوات طويلة، في مقابل ما يُعتقد أنها جثث لجنود إسرائيليين في غزة، ويظهر ذلك واضحاً في حديث وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس بضرورة تسريع عملية البحث عن جثامين قتلى فلسطينيين، ووضعهم في مقابر أرقام، لاستخدامهم في صفقة التبادل المقبلة.
من جهة ثانية، يردّ القيادي في حركة حماس حماد الرقب إنّ مقترحات إسرائيل لا تلبي شروطهم، وفي الحقيقة على نتنياهو الاستجابة والرضوخ للشروط، لأنّ الحركة لن تقبل بأقلّ من شروطها التي تحدثت عنها علناً وسراً، ولدى نتنياهو علماً بها، موضحاً أنّ الحكومة الإسرائيلية تتلاعب بمشاعر أهالي الجنود الأسرى، وتمارس الخداع بحقّهم، بحجة أن هناك نافذة وفرصة لمثل هذه الصفقة.
ويشير الرقب إلى أنّ إسرائيل تدور في الدائرة نفسها، بينما مطالب حماس واضحة، وهي إطلاق سراح الأسرى المعاد اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة شاليط، وأيّ معلومات حول الأسرى في غزة ستكون مقابل ثمن.
الأسرى الإسرائيليون والفلسطينيون
في الواقع، لدى حركة حماس أربعة جنود إسرائيليين أسرى وهم هدار جولدن، آرون شاؤول، أبراهم منغستو، وهشام السيد، وفقاً للرواية الإسرائيلية ومنظمة العفو الدولية، فإنّ أوّل اثنين قتلا خلال عدوان 2014 أثناء العملية العسكرية على غزّة، في حين أن حماس لم تفصح عن أيّ معلومات عنهما، لكنها أشارت في أكثر من مرة إلى أنهما على قيد الحياة، وأنّ الحكومة الإسرائيلية تكذب على شعبها.
وبالنسبة إلى الآخريْن (أبراهم منغستو وهشام السيد) وهما يحملان الجنسية الإسرائيلية، الأول إثيوبي، والثاني عربي، فدخلا غزّة بمحض إرادتيهما بعد عدوان 2014، في وقتين مختلفين، ووقعا في الأسر.
وفي حال أصرّت حماس على موقفها، فإنّه يتوقّع أن يتمّ الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من الزنازين الإسرائيلية، فيما يبلغ عددهم حوالي خمسة آلاف موزعين على 23 سجناً، بينهم 55 معتقلاً من الذين أعيد اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة شاليط، وحوالى 41 أسيرة، و180 قاصراً، منهم 51 أسيراً تجاوز اعتقالهم 20 عاماً.