حذّر أعضاء في البرلمان البريطاني من أن تقوم حكومة المملكة المتّحدة بإقصاء نفسها من برنامج لقاح فيروس كورونا الأوروبي، وذلك بسبب رفضها المساهمة الماليّة في دعمه. وأطلقت "هيئة التدقيق الأوروبية" في مجلس العموم البريطاني تحذيرها هذا يوم الأربعاء المنصرم بعد أن أبدت الحكومة البريطانية إصراراً على عدم تسديد المساهمات المالية، التي شهدت زيادات، في ميزانية الاتحاد الأوروبي للعام 2020.
وترتبط تلك المساهمات الماليّة الإضافيّة ارتباطاً مباشراً ببرنامج اللقاح المرتقب الذي يهدف إلى منح أولوية الحصول على علاج كوفيد 19 لأعضاء الاتحاد الأوروبي. ومن حيث المبدأ ما زال بإمكان بريطانيا الاشتراك في هذا البرنامج كونها ما زالت ضمن المرحلة الانتقالية لـ"بركست". كما قالت الحكومة البريطانية في هذا الصدد إنّها مهتمة بالاشتراك في برنامج الاتحاد الأوروبي وإن "العمل جارٍ" كي يُقرر شكل اشتراكها، وإسهامها في البرنامج.
وكانت بروكسيل، منذ أن غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي، رفعت ميزانية العام 2020 بأكثر من 4 مليارات يورو بهدف تمويل عدد من البرامج والخطط لمكافحة كورونا، على أن يستخدم 2.7 مليار يورو من هذا المبلغ الإضافي في تمويل إنتاج، وشراء "معدات دعم الطوارئ". كما أن المبلغ "يمثّل أساساً دفعة أوليّة لإنتاج أيّ لقاح مستقبلي ضد كورونا، وتأمينه للدول الأعضاء في الاتحاد، عبر التعويل على القدرة الشرائيّة الجماعية لتلك الدول"، بحسب تقرير "هيئة التدقيق الأوروبية" في مجلس العموم البريطاني.
في هذا السياق، قالت المفوضية الأوروبية إن على بريطانيا تسديد ما يتوجّب عليها من مال لإنتاج وشراء "معدات دعم الطوارئ"، وإنّه يمكن لبريطانيا أيضاً الاستفادة من النتائج. ويذكر هنا استطراداً، أنّه استناداً إلى شروط المرحلة الانتقالية لـ"بريكست"، التي فاوض عليها بوريس جونسون، يتوجّب على بريطانيا التزام قوانين الاتحاد الأوروبي وسياساته من دون أيّ اعتراض. بيد أن الحكومة البريطانية تقول في هذا الصدد إنّه، بسبب التعديل القانوني على حدود الإنفاق في ميزانية الاتحاد الأوروبي للعام 2020، ذاك التعديل الذي لم يُتفق عليه إلّا بعد أن غادرت بريطانيا الاتحاد، فإنّ الأمر "لا يلزم لندن الدفع والمساهمة في هذه الميزانية وفق شروط اتفاقية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي". الوزراء البريطانيون من جهتهم قالوا إنّهم "يناقشون" المسألة مع الاتحاد الأوروبي.
أمّا "هيئة التدقيق الأوروبية" في مجلس العموم فترى أن "هذه النقاشات لم تنتهِ بعد إلى نتائج واضحة مع الاتحاد، ومن غير الواضح كيف ستؤثر في مشاركة محتملة لبريطانيا في خطط الاتحاد الأوروبي لاتفاقيات الشراء المتطوّرة المشتركة، والجماعية للقاح كورونا العتيد، التي خُصص لها مبلغ 2 مليار يورو، وبالتالي لا تتضح حصّة بريطانيا المفترضة في ذلك". وتابع تقرير "هيئة التدقيق الأوروبية" في مجلس العموم البريطاني قائلاً إن "الحكومة كما يظهر تساجل ما إذا كان ثمة واجب قانونيّ ضمن الاتفاقية يُلزمها المساهمة والاشتراك في تأمين مبلغ 2 مليار يورو (1.8 جنيه إسترليني) الذي أضيف إلى ميزانية إنفاق الاتحاد الأوروبي في إطار مشروع "معدات دعم الطوارئ"، وهو الأمر الذي من شأنه التأثير على قدرة المملكة المتّحدة في المشاركة بالمبادرة التي يقودها الاتحاد الأوروبي لاستخدام جزء من هذا المال بهدف تأمين إمدادات اللقاح المستقبلي ضد كورونا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في هذا الإطار، في وقت سابق من هذا العام، اتُهمت الحكومة البريطانية بالتحيّز "الأيديولوجي" إثر رفضها الانضمام إلى خطّة أوروبية لتوفير شراء معدات الوقاية الذاتية التي كانت بريطانيا آنذاك تعاني نقصاً حاداً فيها. وقالت الحكومة إثر ذلك النقد إنّها ستعيد النظر في مسألة الانضمام إلى خطط توفير معدات مواجهة كوفيد 19 التي ينظمها الاتحاد الأوروبي ويعدّها. وفي إطار دفاعهم عن السياسات التي تتبعها حكومتهم قال وزراء بريطانيون عدّة مرات إن تلك الخطط غير مجدية، وإن الحكومة تجاوزت المواعيد النهائية للاشتراك فيها بسبب أخطاء في الاتصالات، وأنّهم في الحقيقة انضموا إلى الخطط المرسومة. وحين سئل عن الوضع اليوم في مسألة برنامج تأمين اللقاح، وزيادة المساهمة في الميزانية، جاء موقف متحدّث باسم الحكومة البريطانية غامضاً، ولم يقل سوى "العمل مستمر كي نقرر إذا كانت بريطانيا ستشارك في استراتجية اللقاحات الأوروبية، ولكي نبحث شكل مشاركتها إن حصلت".
© The Independent