تقدم رئيس الحكومة التونسية الياس الفخفاخ بالاستقالة مباشرة، إثر لقائه ظهر اليوم رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي طلب منه ذلك، تزامناً مع جمع حركة "النهضة" لـ 135 توقيعاً من أجل سحب الثقة من الفخفاخ .
في المقابل، لا تزال الأزمة السياسية في تونس تتوالى فصولاً، وتتجه نحو مزيد من التعقيد، فبعد إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عدم مجاراته حركة "النهضة" الإسلامية في مشروع الإطاحة بالفخفاخ الذي تحدث الاثنين عن توجه لاستبدال وزراء الحركة، قال القيادي النهضوي عماد الخميري لوكالة "رويترز" إن "الحركة قررت سحب الثقة من الحكومة".
ومن شأن قرار "النهضة" أن يفاقم الأزمة السياسية التي تفجرت بسبب الخلاف مع رئيس الوزراء الياس الفخفاخ الذي تقول الحركة الإسلامية إنه فقد صدقيته بسبب شبهة تضارب المصالح.
سحب الثقة
تحتاج "النهضة" التي تحوز كتلة برلمانية مؤلفة من 54 نائباً، إلى ما لا يقل عن 109 أصوات في البرلمان لسحب الثقة من الحكومة، وهو ما تسعى إلى الحصول عليه مع حليفيها في البرلمان "ائتلاف الكرامة" وحزب "قلب تونس".
وكان الفخفاخ قال يوم الاثنين 13 يوليو (تموز) الحالي، إنه سيجري تعديلاً وزارياً في الأيام المقبلة "يتناسب مع مصلحة تونس العليا" وذلك في خطوة تهدف في ما يبدو لإخراج وزراء "النهضة" من الحكومة.
ولكن رد "النهضة" على الفخفاخ لم يتأخر بقرار قد يجعل من حكومة الفخفاخ أول حكومة لا تدوم ستة أشهر إذا نجح الحزب الإسلامي في مسعاه لسحب الثقة.
وقال الخميري "مجلس الشورى تبنى خيار سحب الثقة من رئيس الحكومة، وكلّف رئيس الحزب بمتابعة تنفيذ الخيار".
وكان رئيس "مجلس شورى" الحركة عبد الكريم الهاروني، قال في وقت سابق إن "النهضة كلّفت راشد الغنوشي رئيس الحركة إجراء مشاورات مع رئيس الجمهورية، والأحزاب، والمنظمات للاتفاق حول مشهد حكومي بديل".
وعلّل الهاروني في مؤتمر صحافي القرار بقوله "لا يمكن الخروج من تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الخطير جداً بحكومة تلاحق رئيسها شبهات واتهامات تتعلق بتضارب المصالح".
ونفى الفخفاخ في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، اتهامات وجِّهت إليه بانتفاع شركة يملك فيها حصصاً، بعقد مع الدولة أثناء وجوده في السلطة، وأعلن في الوقت نفسه "التخلّي" عن المساهمة في تلك الشركة.
وبدأ الموضوع يحظى باهتمام واسع لدى الرأي العام في تونس منذ صرح الفخفاخ منتصف يونيو بأنه يملك أسهماً في شركة خاصة تنشط في مجال إعادة تدوير النفايات، وقعت عقداً استثمارياً مع الدولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مشهد مأزوم
بيّن الفخفاخ أن تعليل دعوة "النهضة" إلى إحداث تغيير في المشهد الحكومي بقضية تضارب المصالح، يُعدّ مواصلة "في التأسيس لمشهد مأزوم، وفي التوظيف السياسي الذي يصب في مصالحها الحزبية الضيقة". واعتبر قرار النهضة "انتهاكاً صارخاً واستخفافاً بالاستقرار".
كما عبّر الرئيس التونسي عن رفض قاطع لهذه المفاوضات، واعتبرها "مغالطات للرأي العام".
وشرعت أحزاب بينها "حركة الشعب"، و"التيار الديموقراطي" في جمع تواقيع النواب من أجل عريضة لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي ينتقدونه بسبب "سوء تسيير أعمال البرلمان".
وقال سعيّد في تصريح نشرته رئاسة الجمهورية إثر لقاء جمعه مع الفخفاخ، والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي "لن تحصل مشاورات ما دام رئيس الحكومة كامل الصلاحيات. إن استقال، أو وُجِهت لائحة لوم ضده، في ذلك الوقت يمكن للرئيس أن يقوم بمشاورات. من دون ذلك لا وجود لمشاورات". واعتبر سعيّد أن "ما يتم تداوله هراء وأضغاث أحلام".
إلا أن الهاروني كان صرح أن قرار "مجلس الشورى"، السلطة العليا داخل الحركة، جاء إثر لقاء جمع الرئيس التونسي بالغنوشي، وصفه "بالإيجابي لضرورة التشاور للخروج من الأزمة".
ومن شأن الأزمة السياسية أن تزيد متاعب الاقتصاد المحلي الذي تكافح تونس لإنعاشه خصوصاً مع الوضعية الحرجة للمالية العامة.
صرح وزير الاستثمار التونسي سليم العزابي الاثنين أن بلاده تتفاوض مع أربعة بلدان لتأجيل سداد ديون في خطوة تظهر مدى الصعوبات المالية للبلد الواقع في شمال أفريقيا.
يُذكر أن الفخفاخ تولى منصبه مطلع مارس (آذار) الماضي، ومنح البرلمان الثقة لحكومته بعدما رفض مقترح "النهضة" ترشيح الحبيب الجملي، وفريقه لرئاسة الوزراء. وشهدت البلاد أزمة سياسية مطلع العام الحالي قدّر مراقبون أنها نتيجة الانتخابات النيابية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وانبثق عنها برلمان مشتت ومنقسم.
تتزامن الأزمة السياسية في البلاد مع ارتفاع منسوب الاحتقان، والتوتر الاجتماعي خصوصاً في مناطق الجنوب التي تشهد احتجاجات متواصلة تطالب بتأمين وظائف.