أثار احتجاج عشائري على سجن شقيق رئيس البرلمان الأردني عاطف الطراونة الكثير من الجدل وردود الفعل الغاضبة، وطالب أردنيون على وسائل التواصل الاجتماعي، الحكومة بالضرب بيد من حديد كل من يحاول الإخلال بالأمن أو تحدي الدولة ووقف محاربة الفساد.
وتسبب تجمع عشرات الملثمين المهددين باستخدام السلاح في اعتصام تضامني مع أحمد الطراونة، الذي تم توقيفه من قبل مدعي عام النزاهة ومكافحة الفساد بتهم عدة من بينها هدر المال العام، باستفزاز الأردنيين الذين يؤيدون جهود الحكومة لمحاربة الفساد.
غضب على وسائل التواصل
وظهر معتصمون ملثمون في مدينة الكرك جنوباً، مسقط رأس رئيس مجلس النواب الأردني في أعقاب توقيف شقيقه، وألقى أحدهم كلمة لم تخل من التهديد والوعيد للحكومة، ما أشعل وسائل التواصل بمواقف تطالب الحكومة بوضع حد لظاهرة الإنفلات الأمني والانصياع لتعليمات العاهل الأردني في أكثر من مناسبة، بمكافحة الفساد وتحويل كل من تثبت إدانته بالفساد إلى القضاء، وتطبيق القانون على الجميع من دون استثناء.
واستشهد ناشطون بعبارة شهيرة لملك الأردن طالب فيها مراراً بكسر ظهر الفساد. وقال مغردون على "تويتر"، إن صور الملثمين تظهر الأردن وكأنه تحول إلى دولة ميليشيات، وطالب آخرون الأمن العام بالحفاظ على هيبة دولة المؤسسات والقوانين.
وانتقد مد الله النوارسة أحد أبرز المغردين الأردنيين التناقض الحكومي، مذكّراً بطريقة تعامل الحكومة قبل أشهر مع اعتصام نقابة المعلمين وفضه بقوة.
ورأى المغرد حسين الفايز أن الجميع في الأردن يريد أن يحارب الفساد، لكن بشرط أن لا يشمل أقاربه وعشيرته.
الطراونة يتهم الحكومة
من جهته، اتهم عاطف الطراونة رئيس مجلس النواب في بيان صادر عنه، الحكومة باستهداف أسرته والتغول على السلطة القضائية.
وطالب بإنفاذ توجيهات العاهل الأردني لمحاربة الفساد، لكن من دون أن يتم تحويرها من قبل أجهزة في الدولة نحو استهداف مبرمج له ولأسرته على حد تعبيره، واعتبر أن "ما يجري بحق شقيقه سابقة خطيرة وتجاوز لشرف الخصومة السياسية وصولاً إلى تشويه معيب لأسرته".
الطراونة الذي يملك مع أشقائه أكبر شركات المقاولات الأردنية، اعتبر توقيف شقيقه بمثابة تغطية على أخطاء الفساد الإداري بالحكومات المتعاقبة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وردّ رئيس الوزراء عمر الرزاز بشكل غير مباشر على هذه الاتهامات، بقوله إن حكومته تدعم استقلالية عمل ديوان المحاسبة، للقيام بدوره الرقابي في حماية المال العام من أي تجاوزات أو سوء استخدام مهما كانت.
وأبدت نقابة المهندسين الأردنيين تضامنها مع أحمد الطراونة، الذي شغل في سنوات سابقة منصب نقيب المقاولين الأردنيين.
ولاحقاً، قرر عدد من الشركات التابعة للطراونة التوقف عن العمل بشكل كامل، احتجاجاً، فيما تظاهر العشرات من أنصاره وأقاربه على بعد مئات الأمتار من القصر الملكي في منطقة دابوق غرب عمّان.
صراع أقطاب
وفي هذا الشأن، يقول مراقبون إن ثمة توتراً ومناكفات بين رأسي السلطتين التشريعية والتنفيذية (رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة ورئيس مجلس الوزراء عمر الرزاز) دفعت لمثل هذه المواجهة.
ويأتي ذلك وسط حملة حكومية جادة لمحاربة الفساد، طالت أيضاً وزير الأشغال السابق ومسؤولين آخرين، إضافة إلى حملة كبيرة لمكافحة التهرب الضريبي. وكان مجلس النواب الأردني أحال العام الماضي وزيرين سابقين إلى القضاء بتهم فساد.
ويرى مراقبون أن ما يحدث ليس إلا صراع أقطاب، وربطت مصادر سياسية في حديثها لـ"اندبندنت عربية" ذلك، بما يحدث في سلك القضاء الأردني من استقالات غير مسبوقة ومتسارعة لم تُفهم بعد أسبابها الحقيقية. وتأتي استقالات قضاة أردنيين بارزين بموازاة فتح تحقيقات في قضايا فساد كبرى.
كما تأتي هذه التطورات وسط تشكيك دستوري مُلفت بالنزاهة الانتخابية في البلاد، من أرفع مسؤول أردني وهو خالد الكلالدة رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات، والذي كشف عن تزوير الانتخابات البرلمانية في عامي 1989 و2007.
واتهم الكلالدة في ندوة له مدير استخبارات سابق بتعيين 80 عضواً من أعضاء مجلس النواب الأردني في عام 2007. وفاجأ الكلالدة الجميع بهذه المعلومات مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي ستعقد أواخر الصيف الحالي، على أبعد تقدير.