أكد أحدث تقرير حقوقي أن محافظة تعز اليمنية تعاني من العقاب الجماعي الناجم عن حصار ميليشيات الحوثي بالدرجة الاولى، وكذلك ضعف مؤسسات الدولة الشرعية وشح المساعدات الإنسانية من قبل المنظمات الدولية.
وتحت عنوان "تعز ثلاثية الحصار والفوضى والأمراض"، أصدر مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان اليمني، تقريره النصف سنوي عن الوضع الإنساني في تعز (ثاني أكبر محافظات اليمن سكاناً) الذي وثق فيه وقوع 482 انتهاكاً طالت مدنيين خلال النصف الأول من العام الحالي 2020، كاشفاً فيه عن حجم الانتهاكات التي ارتكبتها مختلف الأطراف التي تدير الصراع في المحافظة وعلى رأسها ميليشيات الحوثي.
ووثق التقرير مقتل 102 مدني بينهم 21 امرأة و19 طفلاً، قتلت ميليشيات الحوثي 59 مدنياً بينهم 14 امرأة و16 طفلاً، بالقذائف والصواريخ المختلفة التي تطلقها ميليشيات الحوثي على الأحياء السكنية بشكل مكثف، كما قتل 6 مدنيين بينهم امرأتان و3 أطفال برصاص قناصة، وقتل 11 مدنياً برصاص مباشر لمسلحي الحوثي، وتسبب مسلحون خارج إطار الدولة بمقتل 28 مدنياً بينهم 5 نساء وطفلان، بينما قتل منهم 26 مدنياً بينهم 4 نساء وطفلان برصاص مباشر، وأعدم مدني واحد ودهس طقم عسكري امرأة واحدة.
فصائل سياسية
وفقاً للتقرير تسبب أفراد يتبعون فصائل سياسية في الجيش الحكومي بمقتل 5 مدنيين بينهم أم، ورصد الفريق الميداني لمركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان 6 حالات اغتيال و11 محاولة اغتيال، وتتسم معظمها بالتصفيات السياسية وتصفية الحسابات المتبادلة بين الفصائل المختلفة، وكان اغتيال القائد في المقاومة صادق مهيوب من أبرزها، وكذلك اغتيال القائد في المقاومة وليد الرغيف.
وسجل الفريق الميداني للمركز بيانات 182 حالة إصابة بمدنيين خلال فترة التقرير، تسببت ميليشيات الحوثي بإصابة 83 مدنياً بينهم 18 امرأة و23 طفلاً، حيث أصيب بعضهم بالقذائف والصواريخ المختلفة بينهم 11 امرأة و11 طفلاً، كما أصيب 17 برصاص قناصة.
وذكر التقرير أن الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها مسلحو الحوثي في الطرقات والمزارع والمنازل، أسفرت عن مقتل 4 مدنيين بينهم امرأة وطفلان، كما توفي 4 مدنيين بينهم 3 أطفال وامرأة حرقاً وأعدم مدنيين اثنين وتم تعذيب طفل واحد حتى الموت من قبل ميليشيات الحوثي.
حرية التعبير
وفي ما يتعلق بحرية التعبير أشار المركز في تقريره إلى أنه وثق وقوع 4 حالات انتهاك لحرية الرأي والتعبير ارتكبت ثلاث منها جهات أمنية تابعة لفصائل في الأمن والجيش الحكومي، وارتكب مسلحون خارج إطار الدولة حالة واحدة.
كما رصد المركز وقوع 12 حالة اعتداء ارتكب 6 حالات منها أفراد يتبعون لفصائل سياسية في الجيش الحكومي و5 حالات ارتكبها مسلحون خارج إطار الدولة فيما ارتكب مسلحون مجهولون حالة واحدة.
وفي سياق متصل، أكدت الحكومة اليمنية المحلية في محافظة تعز أنها تعمل على تثبيت الأمن والاستقرار وحماية المدنيين وعدم السماح بالخروقات من أي تشكيلات عسكرية وأمنية لحالة السلم الاجتماعي في المحافظة، في ردها على ما جاء في التقارير الحقوقية من اتهامات قواتها بارتكاب انتهاكات ضد المواطنين.
وقالت في بيان صادر عن مكتب اعلام محافظة تعز الحكومي، حصلت "اندبندنت عربية" على نسخة منه، "إن اللجنة الأمنية بالمحافظة وقفت مرارا وتكرارا في اجتماعاتها أمام المستجدات الأمنية والأحداث التي شهدتها عاصمة المحافظة وبعض مديرياتها، وكلفت قوات الشرطة العسكرية بتسيير حملة أمنية لإلقاء القبض على المطلوبين أمنياً وملاحقتهم، وازالة النقاط المستحدثة في طريق تعز التربة، وإخراج كافة وحدات الجيش من مدينة التربة".
12 حالة اختطاف وإخفاء قسري
ونوه التقرير إلى وقوع 12 حالة اختطاف وإخفاء قسري ارتكب مسلحون خارج إطار الدولة أربع حالات منها، وارتكب مسلحون مجهولون أربع حالات أخرى، فيما ارتكب أفراد يتبعون لفصائل في الجيش حالتين وارتكبت ميليشيات الحوثي حالتين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووثق فريق المركز وقوع سبع حالات اعتقال ارتكب أفراد في الأمن العام التابع للجيش الحكومي ثلاث حالات منها، وثلاث حالات أخرى ارتكبها مجهولون، فيما ارتكب مسلحون خارج إطار الدولة حالة واحدة، وكلها تمت في شهر أبريل (نيسان) الماضي.
وكشف المركز عن نزوح 46 شخصاً من فئة المهمشين في شهر مارس (آذار) إلى مخيم النازحين بمركز مديرية طور الباحة (محافظة لحج المجاورة)، كما رصد ارتكاب ميليشيات الحوثي ثماني مجازر دموية وقع ضحيتها 27 مدنياً بينهم 8 نساء و8 أطفال، وأصيب 33 مدنياً بينهم 7 نساء و5 طفلات.
وأبدى المركز قلقه من وقوع كارثة إنسانية وشيكة جراء التدهور الحاد في المنظومة الصحية في المحافظة التي توشك على الانهيار جراء الحصار والقصف وشح الأدوية وانتشار الأوبئة وقلة الدعم والمساعدات وغيرها، لا سيما بعد أن انتشرت حميات الضنك والملاريا والمكرفس بشكل غير مسبوق إلى جانب انتشار جائحة كورونا، وسجلت الحميات المختلفة أعلى معدل لها حيث تعاني منها أحياء بكاملها داخل المدينة ومحيطها.
نفي حوثي
وفي السياق ذاته، حاولت " اندبندنت عربية " التواصل مع الحوثيين للتعليق على ما أورده تقرير مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، إلا أنها لم تتلقى إجابة، غير أن اندبندنت عربية رصدت نفي المتحدث باسم القوات المسلحة التابعة لميليشيات الحوثي يحيى سريع، عن ما تداولته بعض وسائل إعلام حول اتهام الجماعة خلال الاشهر القليلة الماضية من استهداف المدنيين وارتكاب انتهاكات في مدينة تعز.
وفي احدى تغريداته على "تويتر" في شهر ابريل ( نيسان) الماضي،علق سريع على ما تداولته وسائل إعلامية باستهداف الحوثيين لسجن النساء في تعز، قائلا "هذه الأكاذيب لن تغير في مجريات الواقع" متهما الطرف الآخر بارتكاب جرائم في تعز.
استمرار المعاناة
في السياق يرى وديع الشيباني الصحافي المهتم بشؤون الحريات وحقوق الإنسان أن النصف الأول من العام الحالي 2020 لم يختلف كثيراً عن الفترة نفسها من العام الماضي من حيث حجم معاناة أبناء محافظة تعز في مجال انتهاك حقوق الإنسان.
ويتفق الشيباني في حديثه إلى "اندبندنت عربية " مع ما جاء في تقرير مركز حقوق الإنسان في سقوط أعداد من المدنيين بين قتلى وجرحى جراء ألغام زرعتها ميليشيات الحوثي في المناطق التي تحت سيطرتها، إضافة إلى ضحايا القنص المباشر والقصف التي طاولت المناطق المزدحمة بالسكان بشكل شبه يومي، وكذا قيامها باختطاف واعتقال بعض المدنيين وبخاصة المتنقلين بين أطراف المحافظة.
ولم يستثنِ الشيباني تورط الأجهزة العسكرية في المحافظة من ارتكاب انتهاكات بحق المدنيين وإن كانت بدرجة أقل مقارنة مع ما ارتكبه مسلحو الحوثي، كاشفاً عن قيام بعض المسلحين المحسوبين على الجيش الحكومي بالاستيلاء على مبانٍ وممتلكات مدنيين، إضافة إلى قيامهم بقطع الطرق وسط المدينة وفي مقدمها شارع جمال الذي يعد شريان المدينة، مما أوقف الحركة التجارية ومنع الناس من مزاولة أعمالهم، في ظل صمت من قيادة السلطة المحلية والأجهزة الأمنية.
ويخلص في حديثه واصفاً وضع تعز قائلاً "الوضع الإنساني في تعز يكاد يكون على حافة الانهيار، فهناك انتهاكات متعددة ومتنوعة لحقوق الإنسان، كما تعيش المدينة تحت وطأة حصار خانق مفروض عليها بشكل كبير من قبل ميليشيات الحوثي منذ خمسة أعوام، مما يحد من حرية تنقل المواطنين بين أرجاء المحافظة والمحافظات الأخرى، وفي الوقت ذاته حرمت مدينة المخا (محافظة تعز) من الاستفادة من مينائها الشهير مما فاقم من حجم المعاناة الاقتصادية والإنسانية بمدينة المخاء وكل مناطق محافظة تعز".