على الرغم من اعتراف الشرعية الدولية بفلسطين على حدود 1967، ولم تجرِ أيّ تعديلٍ على خريطتها، وفقاً لقرار 19/67 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتصويت 138 عضواً لمصلحة أن تتحول فلسطين من كيان إلى دولة مراقب، فإنّ شركتي تكنولوجيا المعلومات الأميركية (غوغل وآبل)، أجرتا أخيراً تعديلاً على تطبيقات الخرائط الخاصة بهما، شمل إزالة مصطلح فلسطين عن خريطة العالم ما أدى بويكيبيديا إلى وضع التعديل على صفحتها.
ويتناقل الفلسطينيّون عن هذه الخطوة أنها تأتي تماشياً مع خطة السلام الأميركية، التي أجرت كثيراً من التعديلات على حدود الأراضي الفلسطينية، وشرع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تنفيذ بنودها، وباشر أخيراً في ملف ضم مستوطنات الضفة الغربية إلى الأراضي التي يسيطر عليها.
تعديل المحتوى الفلسطيني
ولم يكن هذا التعديل الأوّل الذي تجريه شركة غوغل المتخصصة بمجالات البحث الشامل، لكنه الأوّل بالنسبة إلى شركة آبل المتخصصة بتصنيع الإلكترونيات. فالأولى سبق لها أن اعتمدت المنطقة الجغرافية جميعها تخضع للسيطرة الإسرائيلية. وعند الانتقال إلى google.psوهو الامتداد المخصص للبحث عبر الأراضي الفلسطينية، نرى أنها حولته إلى إسرائيل. وقبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطته للسلام بيوم أزالت "غوغل" مصطلح الأراضي الفلسطيني من خرائطها.
ويكبيديا أيضاً إذن عدّلت محتواها في ما يتعلق بفلسطين، ووصفتها بأنّها "مصطلح يشير إلى كيانات سياسية نادت بها جهات مختلفة، أو تنتمي لها كيانات سياسية غير مستقلة حالياً أو قد يشير البعض إلى كيانات سياسية سالفة في فلسطين، وتطالب بإنشائه على جزء أو كل أراضي فلسطين التاريخية. وهو الأمر الذي يطمح إليه كثير من الفلسطينيين. ولم تكن أي من تلك الكيانات مستقلة حتى الآن". فيما كان محتواها السابق "فلسطين دولة حصلت عام 2012 على وضع دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة بحصولها على 138 صوتاً لمصلحة هذا القرار في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وبدأت السلطة الفلسطينية باستخدام دولة فلسطين على وثائق حكومية".
وبحسب خرائط غوغل وآبل فإنّه بمجرد البحث عن خريطة فلسطين، تظهر نتائج الدول المجاورة، مع وجود مواقع لقطاع غزّة والضفة الغربية، من دون ظهور أيّ علامات لفلسطين على الخريطة. ما أثار ضجة لدى الفلسطينيين وخصوصاً قادتهم.
محرك بحث روسي بديل من غوغل
وأعلن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في فلسطين، إسحاق سدر، مقاطعة الشركتين الأميركيتين. وترجّح أوساط في السلطة الفلسطينية، تواصلت معها "اندبندنت عربية"، أنّ يُصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعليمات بمنع التعامل مع هاتين الشركتين، وقد يوقف التبادل التجاري الداخلي مع منتجات غوغل وآبل.
وفي إطار البحث عن بديل لمحرك غوغل، يقرّ سدر بأنّهم قد يقررون خلال الفترة المقبلة اعتماد محرك بحث بديل منه، قد يكون روسياً أو صينياً، رداً على قرار شطب دولة فلسطين عن خرائط ومواقع تلك الشركات الأميركية.
في الأثناء، تفيد معلومات من وزارة الاتصالات والتكنولوجيا، بأنه تقرّر اعتماد محرك بحث روسي بديل من غوغل، مطلع العام المقبل، وأن تتواصل الوزارة خلال هذه الفترة مع المسؤولين الروس في هذا الشأن. وتأتي هذه الخطوة بعدما أبقى المحرك الروسي يانديكس اسم فلسطين على خرائطه، وكذلك حفظ امتدادها عبر موقعه الإلكتروني.
عقوبات فلسطينية
ويكشف سدر أن هناك ضغطاً على الشركتين من خلال التضييق على الخدمات والسيرفرات التي تستخدمها غوغل وآبل مع بعض الشركات الفلسطينية المزودة للإنترنت أو خدمات تكنولوجيا المعلومات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولن يقتصر الرد الفلسطيني على ذلك، وربّما يكون هناك رد قانوني. ويوضح وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي أنّ لدى السلطة نيّة في رفع القضية إلى جهات الاختصاص، لأنّ ما جرى يُعدّ مخالفة للقوانين وقرارات الشرعية الدولية، وتماشياً مع القرار الإسرائيلي والخطة الأميركية المرفوضتين دولياً.
وعلمت "اندبندنت عربية" أنّ هناك اتصالات بين فلسطين وغوغل، بهدف اعتماده المحتوى الفلسطيني، غير أن الشركة لم تتفاعل بإيجابية وتبدي انحيازاً إلى إسرائيل.
يقول سدر "من السهل التوجه إلى محاكمة المسؤولين عن ذلك إذا ما أصروا على مخالفة القانون الدولي، لقد أخطأوا حتماً عندما تعاملوا مع فلسطين بهذا الاستخفاف السياسي المقصود".
الحدود الفلسطينية بخطوط متقطعة
وللحصول على ردّ من غوغل أرسل مراسل "اندبندنت عربية" بريداً إلكترونياً إلى شركة التكنولوجيا، لكن لمّ يتمّ الرد عليه. وكانت غوغل قالت إنّها تعرض المناطق المتنازع عليها بموضوعية، باستخدام خط حدودي رمادي منقط، وكذلك لم يتغير نهج تصوير المناطق على الخرائط، إذ تحصل غوغل على المعلومات من المنظمات ومصادر رسم الخرائط عند تحديد كيفية تصوير الحدود المتنازع عليها. وما زلنا محايدين في ما يتعلق بالخلافات الجيوسياسية وبذل كل جهد لعرض موضوعي لتلك المناطق.
وترسم غوغل خريطة قطاع غزّة والضفة الغربية بخط منقط رمادي، على اعتبار أنّها مناطق متنازع عليها. لكن ذلك لم يعجب الفلسطينيين. ويقول الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم إن "ما جرى يعد إسهاماً في تصفية القضية وشطباً للحق الفلسطيني وإقامة دولة يهودية ليست خطراً على فلسطين فحسب إنما على العالم".
ويشير أستاذ الجغرافيا السياسية أحمد غضية إلى أن "الإدارة الأميركية تسعى لكي لا يكون لفلسطين تعريف جغرافي واضح لدى الفلسطينيين، ما يؤثّر في الوعي العالمي بعدم وجود حقوق للفلسطينيين. وما جرى يعد ضمن المخطط الإسرائيلي الرامي إلى ترسيخ اسمها كدولة للأجيال المقبلة، وإلغاء فلسطين بصورة نهائية، ومحو اسمها من أي خريطة في العالم".