حذّر خبراء من أنه إذا لم تُتخذ خطوات جدية لعلاج أزمة المناخ فوراً، فقد تنقرض معظم مجموعات الدببة القطبية في 2100.
إذ يتمثّل الخطر الأساسي الذي يهدد تلك الدببة في الذوبان السريع للجليد البحري الذي تعتمد عليه من أجل الوصول إلى الفقمات التي تشكّل الجزء الأساسي من نظامها الغذائي. وتزيد كمية الجليد البحري في الشتاء وتتقلص في الصيف، لكنها تتراجع بشكل عام بـ12.85 في المئة كل عقد، فيما سُجلت أقل 10 معدلات لتزايد الجليد على الإطلاق منذ 2007.
وبسبب تقلّص رقعة الجليد البحري في فصل الصيف، يعود عدد من الدببة بصورة اضطرارية إلى اليابسة، أو يعمل على ملاحقة الجليد المتبقي الذي يطفو فوق سطح المياه العميقة غير المنتجة (لغذائه).
وفي الحالتين كلتيهما، تُحرم الدببة من الطعام إلى حد كبير. وقد رُبطت تلك الفترات الطويلة من الصيام مع تراجع الأحوال الجسدية لمجموعات من الدببة، وقلة تكاثرها وتدني معدلات بقائها على قيد الحياة.
في ذلك السياق، تعرض الدراسة أيضاً توقعات بشأن التوقيت الذي ستتخطى فيه مجموعات الدبب القطبية في القطب الشمالي مراحل أساسية من الحرمان من الطعام، ما سيؤدي إلى تراجع سريع في معدلات تكاثرها واستمرارها.
وقد وضع فريق البحث تقديرات عن مراحل الخطر الزمنية بالنسبة إلى مجموعات مختلفة من الدببة القطبية. ودرس أيضاً احتمالين لمستقبل بديل لتلك الحيوانات، استناداً إلى معدّلات مختلفة من انبعاثات غازات الدفيئة (التي تلوّث الغلاف الجوي وتسبب زيادة حرارة الكوكب) ومعدلات تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجوّ.
ووجد الفريق أنه إذا استمرّت معدلات انبعاثات غازات الدفيئة على حالها، فمن المرجح أن تنهار مجموعات الدببة كافة تقريباً بحلول العام 2100. في المقابل، وجد الفريق أنه حتّى مع تخفيض الانبعاثات بشكل كبير، فإن ذلك لن يكفي لإنقاذ الدببة القطبية إلى ما بعد انتهاء هذا القرن بكثير.
وفي ذلك الشأن، تحدث الدكتور ستيفن آمسترب من "المنظمة الدولية للدببة القطبية Polar Bears International"، الذي ابتكر ذلك المشروع وشارك في كتابة الدراسة، عن ذلك الأمر. ووفق كلماته، "كنا نعلم في السابق أنّ الدببة القطبية سوف تختفي يوماً ما، إذا لم نوقف تزايد انبعاثات غازات الدفيئة. وكذلك تشكل معرفة توقيت اختفائها في مناطق مختلفة أمراً جوهرياً من أجل توفير المعلومات الضرورية لإدارة الموضوع والسياسات والدفع باتجاه التصرف في هذا الشأن".
وأضاف، "وجدنا أنّ تخفيض الانبعاثات بشكل معتدل قد يطيل فترة استمرارها عالمياً، لكن من غير المرجّح أن يمنع القضاء على مجموعات منها، ما يؤكد الضرورة الملحّة لخفض الانبعاثات بشكل أكبر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في ذلك الصدد، لاحظ علماء إن البيانات التي تربط تراجع الجليد البحري مع التكاثر والبقاء على قيد الحياة، غير موجودة بالنسبة إلى معظم مجموعات الدببة القطبية البالغ عددها 19، وكذلك لا يمكن قياسها مسبقاً بالنسبة إلى معدلات الجليد المستقبلية المتدنية جداً.
وأضاف الدكتور آمستروب "في هذه الدراسة، قلبنا نقطة التركيز أثناء صنع نماذج الكومبيوتر عن تلك الظاهرة. وجرى تركيز الاهتمام على التكاثر والقدرة على الاستمرار في المستقبل، بوصفها المعايير الديمغرافية غير الموجودة على الرغم من كونها مطلوبة وضرورية. وبذا، (مع تغيير نقطة التركيز في صنع النماذج على الكومبيوتر)، صارت تلك المعايير هي مخرجات هذه النمذجة، بدل أن تكون مدخلاتها. وبات لدينا الآن أساس تحليلي للطريقة التي تبدأ بها المجموعات في الانهيار، وكذلك مدى قدرة كل مجموعة على الاستمرار وفق الفئة العمرية والجنس".
وكذلك أشار الكاتب الأول للدراسة، الدكتور بيتر مولنار من جامعة تورونتو، إلى إنه "عِبْرَ تقدير درجة النحافة أو السمنة التي قد تبلغها الدببة القطبية، واستناداً إلى استهلاكها الطاقة، استطعنا أن نحسب عدد الأيام التي يمكن للدببة أن تصومها قبل أن تبدأ معدلات بقاء صغير الدب أو الدب البالغ على قيد الحياة، في التراجع".
وعلى نحوٍ مماثل، أعرب الدكتور آمسترب عن قناعته بإن "الدببة القطبية اعتُبِرَتْ دوماً مصدراً لإرسال علامات عن تغيّر المناخ الذي سيؤثر في كل المخلوقات الحية بما فيها البشر. ونعلم أيضاً أنّ الطوفانات والجفاف واندلاع حرائق الغابات ستزيد وتيرتها وحدّتها فيما يواصل العالم الاحترار، لكن من الصعب التنبؤ بتوقيت حصول هذه الأمور".
وأضاف، "تشكّل جائحة فيروس كورونا تذكيراً بأهمية اتخاذ حكوماتنا التدابير الضرورية حتّى عندما يبدو توقيت الخطر غير مؤكد. وينطبق وصف مماثل على إظهار درجة اقتراب الخطر بالنسبة إلى مختلف مجموعات الدببة القطبية، بمعنى إنه تذكير آخر بوجوب التحرّك الآن من أجل تجنّب وقوع المشاكل المستقبلية الأسوأ التي سنواجهها جميعاً".
نُشرت الدراسة في مجلة "نايتشر للتغيّر المناخي" Nature Climate Change العلمية.