في ظلّ انتشار فيروس كورونا والحجر المنزلي، ظهرت الحاجة إلى أساليب للتعايش الطوعي مع الواقع المستجدّ، وقد تغيّرت الأولويات وأصبحت قيمة المنزل أعلى كمكان أمان وراحة وعمل وترفيه، ما تطلّب اهتماماً موازياً بتفاصيل منازلنا وزوايانا المفضلة ومساحات عملنا.
فساعات البقاء الطويلة في المنزل ونقل أعمالنا واجتماعاتنا إليه مع أهمية التقيّد بأوقات تسليم محدّدة، فرضت ضرورة إدارة أوقاتنا بشكل أكثر فاعلية ومنع التداخل بين ساعات العمل وساعات الفراغ التي أصبحت أطول نسبياً داخل المنزل. والحقيقة أن وجودنا في مكان غير مريح وغير مجهّز للوضع الجديد، سيفقدنا قدرتنا على التركيز وسيؤثر في إتمامنا الأعمال العادية من جهة، وفي قدرتنا على الابتكار والإبداع من جهة أخرى. لقد أصبحنا بحاجة إلى إيجاد مساحات عمل منسّقة بشكل مريح ومتجدّد، وذلك باختيار أثاث مناسب من مقاعد ومكاتب وأرائك وأكسسوارات مساعدة، واقتناء أدوات وأجهزة مكتبية وتوظيف مساحاتنا بشكل لم نكن بحاجة إليه سابقاً.
وبحسب إحصاء نُشر في 17 يوليو (تموز) على موقع statista الألماني عن تأثير "كوفيد-"19 في حركة التجارة الإلكترونية لمواقع الديكور المنزلي العالمي 2020، فقد شهدت منصّات الديكور والتأثيث المنزلي زيادة في الحركة التجارية بنسبة 7 في المئة، وحقّقت المواقع التي تبيع منتجات ديكور المنزل والأثاث عبر الإنترنت ارتفاعاً من 1.56 إلى 1.7 مليار زيارة عالمية بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) 2020.
كسر الملل
حتى في الأيام العادية السابقة، كان تنسيق الديكور المنزلي وإعادة ترتيبه وتغيير أماكن الأثاث، يأخذ مساحة كبيرة من اهتمامنا لضرورة كسر الرتابة وتجنّب الملل والاعتياد على المساحات التي نقضي فيها ساعاتنا بعد العودة إلى المنزل، بشكل خاص غرفة المعيشة والمكتب للّذين كانوا يقضون بعض الساعات في متابعة أعمالهم من المنزل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما اليوم، فقد أصبحنا بحاجة إلى خطوات أكثر وضوحاً وتغييرات أكثر تأثيراً، بسبب طول الوقت الذي نقضيه في المنزل ووفرته نسبياً. لذلك، الوقوع في رتابة المكان ستؤثر سلباً، خصوصاً في مَن اعتاد الجلوس والعمل في الأماكن العامة والمساحات المشتركة التي أصبح الوجود فيها أكثر تعقيداً وتقييداً.
ومع ارتفاع ساعات مكوثنا في المنزل، وانخفاض عدد الزوار، انخفض استخدامنا لغرف الاستقبال وبرزت الحاجة إلى قطع أثاث عملية ومريحة أكثر منها فاخرة وكلاسيكية. وبات من الضروري توفير مساحات أكثر راحة وسِعة كي لا تعزّز الشعور بالانغلاق والحجز، مع التقليل من قطع الأثاث واستبدالها بقطعٍ أصغر حجماً وأكثر راحة.
الاهتمام بالمساحات الخارجية
كذلك، تضاعفت أهمية المساحات الخارجية، سواء كانت الترّاسات أو الشرفات أو الفناءات المرصوفة المحيطة بالمنزل. فقد أصبحت خيارنا الترفيهي الأكثر أماناً وحاجة لضرورة التعرّض الكافي لأشعة الشمس والهواء. من هنا، زادت أهمية تنسيقها لتجمع بين راحة الجو الداخلي ونمط الجو الخارجي ولتتلاءم مع أسلوب الحياة الجديد.
فاكتسبت المساحات الخارجية أولوية إضافية عند التفكير بضرورة إعادة تصميم منازلنا. وهنا، من الجيد ربط المساحات الداخلية بمساحة خارجية مطلّة عليها، بحيث تشكّل امتداداً طبيعياً لها وتوحي بالتكامل والانسجام بين المكانين، إضافةً إلى دمج بعض قطع الأثاث الداخلي التي تتماشى مع هذه المساحات وطرازها ووظيفتها وتؤدي مهمات مزدوجة، ومن الضروري الاهتمام باختيار مواد سهلة التنظيف ومقاوِمة للماء وأشعة الشمس والبقع.
وينصح المصمّمون بدمج أنماط وألوان بسيطة وجريئة، مع التركيز على الألوان الطبيعية كدرجات الأزرق والمرجاني والبني والأبيض، وبشكل خاص درجات الأخضر من خلال النباتات والمواد الطبيعية لعكس شعور الهدوء والاسترخاء ولإضفاء مظهر حيوي من حولنا وإحساس بجاذبية الحياة في الهواء الطلق وخلق انطباع بالصحة والعافية.
كما يوصي المصمّمون باللجوء إلى طراز البيوفيليا واستخدام مواد طبيعية كالخيزران والراتان التي تحقّق غاية الأناقة والجودة والراحة معاً، والمواد المُعاد تدويرها، مع ألوان ونقشات جميلة ونابضة بالحياة،
إضافةً إلى الاعتماد على الإضاءة كعامل مؤثر في تغيير الأجواء التي تعكسها المساحة وخلق امتداد أوسع، عبر التنويع في الإضاءات العامة والمركّزة، واتّباع نمط الطبقات من إضاءة سقفية متدلّية إلى السبوتات والمصابيح المعلّقة على الجدار والشمعدانات.