على بعد أمتار من المربع الأمني والبقعة التي تسيطر عليها قوات النظام السوري وسط مدينة القامشلي، التي تديرها الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها أعلنت أطراف كردية وعربية وسريانية آشورية، إطاراً سياسياً معارضاً باسم "جبهة السلام والحرية". ففي قاعة في مقر حزب "البارتي الديمقراطي الكردستاني-سوريا" الذي يتزعم قيادة "المجلس الوطني الكردي" المعارض، اجتمعت قيادات في المجلس الكردي وقيادة المنظمة الآشورية الديمقراطية المعارضة، بمشاركة أحمد الجربا رئيس "تيار الغد السوري" و"المجلس العربي للجزيرة والفرات" عبر تطبيق زووم من خارج البلاد.
وجاء في بيان تأسيس الجبهة أن الأطراف المشاركة عقدت سلسلة اجتماعات مكثفة خلال الأشهر الماضية "بهدف تنسيق الجهود من أجل إيجاد حل سياسي في سوريا لإنقاذ البلاد من الهوة السحيقة التي تنزلق إليها"، معرفاً الجبهة بأنها "إطار لتحالف سياسي يهدف إلى بناء نظام ديمقراطي تعددي لامركزي، لا مكان فيه للإرهاب والتطرف والإقصاء".
البيان المشترك
كما جاء في البيان الذي تُلي عقب كلمات رؤساء الأطر الثلاثة المشاركة، أن الجبهة تدعم الحل السياسي في سوريا وفق قرارات الشرعية الدولية وأهمها قرار مجلس الأمن 2254 وبيان جنيف 1، في حين أكد أن "قيام هذا التحالف لا يؤثر في استمرار عضوية أطرافه في الأجسام والمؤسسات السياسية السورية المعارضة"، مضيفاً أن كل ذلك يندرج في إطار التكامل مع جهودهم.
وتضمنت الرؤية السياسية للجبهة المشكلة حديثاً في المدينة، التي تضمّ مكونات عرقية ودينية مختلفة وتسيّر شؤونها الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها، 15 بنداً ومبدأً سياسياً حول شكل الدولة ونظام الحكم فيها، أبرزها:
ـ سوريا دولة مستقلة ذات سيادة، السيادة فيها للشعب، وهو مصدر كل السلطات، وتقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات، واستقلال القضاء ومبدأ سيادة القانون والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة.
ـ الإقرار الدستوري بأن سورية دولة متعددة القوميات والثقافات والأديان، والشعب السوري يتكوّن من عرب وكرد وسريان آشوريين وتركمان وغيرهم، ويضمن الدستور حقوقهم القومية ويعتبر لغاتهم وثقافاتهم، لغات وثقافات وطنية تمثل خلاصة تاريخ سورية وحضارتها.
ـ تؤكد الجبهة التزامها بالاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكردي القومية واعتبار القضية الكردية جزءاً اساسياً من القضية الوطنية والديمقراطية العامة في البلاد والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمن إطار وحدة سوريا أرضاً وشعباً. وتعمل الجبهة على إلغاء كل السياسات والمراسيم والإجراءات التمييزية المطبَقة بحق الكرد ومعالجة آثارها وتداعياتها، وإعادة الجنسية إلى المجردين والمكتومين منهم وتعويض المتضررين وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
ـ ترى الجبهة في اللامركزية الأسلوب الأمثل في إدارة البلاد مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، لحماية التعدد القومي والثقافي، وضمان تعزيز المشاركة الشعبية والتوزيع العادل للسلطة والموارد وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة لكل المناطق وما يمكن أن يتطلبه ذلك من إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية القائمة.
ـ تلتزم الجبهة بالعملية السياسية التي تجري تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف الوصول إلى حلّ سياسي وفق قرارات الشرعية الدولية ولاسيما القرار رقم 2254. وتؤكد الجبهة بأنها جزء من المعارضة الوطنية السورية، وتعمل مع الأطراف الدولية والإقليمية كافة المؤثرة في الشأن السوري، من أجل وقف الحرب وإنهاء الاستبداد واستعادة السلام، وتحقيق تطلعات الشعب السوري إلى الحرية والعدالة والديمقراطية.
ـ إلغاء كل القوانين والمحاكم الاستثنائية وقراراتها، ورفض عمليات التغيير الديموغرافي التي جرت وتجري في ظلّ الحرب الدائرة في سوريا.
ـ ضمان حقوق وحرية ومشاركة المرأة وتمثيلها العادل في كل مؤسسات الدولة السورية بنسبة لا تقلّ عن 30 في المئة.
ـ سوريا جمهورية ديمقراطية تعتمد مبدأ فصل الدين عن الدولة، وتكون محايدة تجاه كل القوميات والأديان، تعترف وتضمن حرية الأديان والمعتقدات، بما فيها الديانة الإيزيدية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مصلحة سوريا
وقال سعود الملا رئيس "المجلس الوطني الكردي" في تصريح خاص إلى "اندبندنت عربية" عقب الاجتماع التأسيسي للجبهة إن "تشكيل الأطر الجديدة وانطلاق الحوارات بين الأطراف السياسية جميعها تصب في مصلحة بلدنا سوريا" وتمكين جميع المكونات فيها من الوصول إلى صيغ مشتركة لمناقشة حل المسألة السورية في جنيف في إشارة إلى العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة وفق قرار مجلس الأمن 2254.
وأكد الملا المقرب من الزعيم الكردي مسعود بارزاني إن كل المحاولات السياسية وتشكيل الأطر لدى الأطراف السياسية السورية لا سيما الجهود التي تقودها الولايات المتحدة في الحوار الكردي - الكردي جميعها "تتجه نحو تنفيذ القرار الأممي 2254".
ولم يستبعد رئيس "المجلس الوطني الكردي" حضور وفد كردي مشترك، قد يتمخض عن الحوار الكردي – الكردي الذي سيجري في جنيف، مشدداً على ضرورة مشاركة كل الأطراف السياسية والمكونات العرقية في تلك المباحثات "بغية الوصول إلى سوريا تحظى فيها كل المكونات بحقوقها المشروعة".
قال أحمد الجربا من جهته رئيس "تيار الغد السوري" و"المجلس العربي في الجزيرة والفرات" في إجابته عن سؤال "اندبندنت عربية" حول الدعم الذي تحظى به الجبهة من أطراف دولية وإقليمية، إن "الأطراف الدولية لاسيما العربية منها تنظر بإيجابية إلى هذا التحالف الجديد لأنه مشكَّل من مكونات رئيسية في المنطقة ويحفظ السلم الأهلي وينزع فتيل الأزمة بين المكونات".
في سياق آخر، قال كبرئيل كورية القيادي في "المنظمة الآشورية الديمقراطية" إن "الجبهة منفتحة على الحوار مع كل الأطراف السياسية، وذلك في رده على سؤالنا حول إمكانية الحوار مع "مجلس سوريا الديمقراطية"، مضيفاً أن المرحلة المقبلة سيكون عنوانها الأبرز" التفاهمات السياسية" بين الأطراف السياسية في سوريا.