إحدى المشكلات الناتجة من إصدار تنبيه رسمي بشأن الأدوية غير المشروعة هي أنه يدفع بعض الأشخاص إلى محاولة الحصول على هذه الأدوية بدل أن يثنيهم عن استخدامها. وأتى آخر تنبيه في أعقاب إدخال عدد من الأشخاص إلى المستشفى بسبب تناولهم أدوية مزيّفة ظنّوها عقاراً مثل كزاناكس.
وتشير تقارير السموم إلى أن بعض هذه العقاقير المزيّفة فيها إمّا نسباً أعلى من المعتاد من مادة بنزوديازيبين المخدّرة أو ليس فيها أيّ أثر لهذه المادة على الإطلاق، لكن فيها في المقابل مواد كيماوية أخرى ضارّة.
وعلى خلاف المعتاد، لا يحثّ هذا التنبيه الجديد الناس على عدم شراء هذه العقاقير فقط، مع أنّه يقول ذلك، بل يعطيهم كذلك نصائح حول تقليص احتمالات إصابتهم بأذى. وأحد الأمثلة على ذلك، المشورة التي يقدمها إليهم بشأن تناول جرعة قليلة من العقار والانتظار من أجل اكتشاف أثرها فيهم. ومع أنّ هذه النصيحة منطقية وسليمة، من غير المؤكد أنها ستصل إلى الجمهور المنشود، لأنه فيما قد يكون المستخدمون الدائمون لهذه العقاقير على اتصال بأجهزة الخدمات التي يمكنها تنبيههم إلى المخاطر المحتملة، من غير المرجح أن الشباب الذين يتناولون هذه العقاقير المزيّفة بدورهم على تواصل مع هذه الجهات.
وما ساعد على زيادة شعبية عقاقير مثل كزاناكس بين الشباب هو ارتباطها بفنّانين مثل ليل بامب وليل بيب. لن يؤثر هؤلاء الفنانون في كل الشباب لكن بعضهم سيتأثرون بهم، فيما ينغمسون في موسيقى هذه الثقافة الفرعية والمخدرات التي تتغنّى بها أيضاً. وهنا تكمن الصعوبة التي تواجهها هيئة الصحة العامة في إنجلترا، فهي تنافس أصوات نجوم الراب والهيب هوب. ولا يتعلّق الأمر فقط بمَن سيستمع إليه الشباب بين هاتين الجهتين، بل باحتمال إصغائهم أساساً إلى رسائل رسمية حول الأدوية وإلى التنبيهات حول ضررها.
لا ينحصر عامل الجذب في هذه الأدوية بالآثار التي تتركها وحدها فقط، بل بطريقة تفاعلها مع مواد أخرى مثل الكحول. فخلط هذه المواد الكيماوية يُنتج الأثر المرغوب بسرعة أكبر لكنه يضاعف كذلك المخاطر، لا سيما مشكلات التنفّس لأن الكحول كما عقار كزاناكس يضغطان على مجرى النفس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من المعروف أنّ بعض الشبّان يحثّون أقرانهم على التنافس معهم كي يكتشفوا أيّهم يستطيع تعاطي أكبر كمية من هذه العقاقير. وهذا الأمر يشبه أسلوب اللهو المترسّخ حين يتنافس الرجال أو النساء بين بعضهم لمعرفة من الأقدر على شرب أكبر كمية من الجعة. والمشكلة تتفاقم حين تُخلَط المادتان.
لكن تناول هذه العقاقير المزيّفة لا يتعلّق على الدوام بالذكورية والتفاخر- لأنّ كثيرين يتناولونها من أجل التغلّب على مشاعر القلق أو الإحباط. وتمثّل هذه العقاقير طريقة سريعة وفعّالة لتخفيف هذه العوارض على الأمد القصير. ولا بدّ من أنّ بعض الأشخاص اكتشفوا هذا الأمر عن طريق الصدفة بينما اكتشفه آخرون من خلال أصدقائهم. وفي الحالتين، هي طريقة سهلة من أجل تحسين المزاج وتوفّر عليهم كل العناء والأسئلة المتطفّلة التي يعلمون أنّ الأجهزة المختصّة ستطرحها عليهم، حتّى لو كان بإمكانهم الحصول على مساعدة اختصاصي، وهو أمر مشكوك به في المناخ الحالي.
وحين التفكير بالمخدرات غير المشروعة، ما يخطر لنا هو مواد مثل الكوكايين أو الهيروين لكن الاتجاه نحو تناول العقاقير التي تتطلّب وصفة طبيب لدواعٍ غير طبّية في ازدياد وما يساعد عليه هو سهولة الحصول عليها عبر الإنترنت. كما أنها زهيدة الثمن، ومثلما اكتشف بعض الشباب مِمَّن اختبروا مساوئ هذه التجربة، قوية للغاية.
والسبيل الأمثل قد يكون طريقة لفحص نوعية هذه المنتجات من أجل تقليص احتمالات ضررها لكن هذا الأمر غير واقعي. ولذلك ما يتبقّى لنا هو النظام الحالي إذ ننتظر وقوع الضرر قبل أن نحاول تنبيه أكبر عددٍ ممكنٍ من الشباب حول المخاطر. وهذا ما يضاهي الانتظار إلى حين وقوع بضع وفيات في تصميم جديد لسيارة ما قبل تزويدها بخصائص السلامة.
أشاطر الحكومة هدفها في تقليص الطلب على هذه العقاقير لكنني لا أشاطرها الرأي في وسيلة بلوغ هذه الغاية. فاللجوء إلى الأدوية دليل يشير إلى مشكلات اجتماعية أوسع مثل القلق والإحباط. والشباب يوجّهون إلينا رسالة حين تقدم أعداد متزايدة منهم على تناول أدوية من نوع كزاناكس- وعدم إصغائنا إليهم مأساة.
( إيان هاملتون محاضر في شؤون الصحة العقلية في قسم العلوم الصحية في جامعة يورك البريطانية)
© The Independent