بفَرق 15 صوتاً، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة قراراً يدين إسرائيل لارتكابها جرائم قد ترقى لتكون جرائم حرب، فضلاً عن استخدامها القوّة المميتة في مواجهة المتظاهرين المدنيين قرب الحدود الشرقيّة لغزّة، التي تربط القطاع بالجانب الإسرائيلي.
وتبنّى مجلس حقوق الإنسان قراراً يتعلق بتحميل المسؤوليّة، طرحته جمهورية باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي، وصوّتت لمصلحة القرار 23 دولة، مقابل اعتراض 8 دول، وامتناع 15.
تقرير التقصي
علمت "اندبندنت عربية" أنّ التصويت على القرار جاء بعد نقاشات حادة بين الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان وعددها 46، وبين جمعيات حقوقية تدافع عن إسرائيل تخلّلها عرض لتقرير لجنة تقصي الحقائق المتعلقة بارتكاب إسرائيل انتهاكات ترقى إلى أن تكون جرائم ضدّ الإنسانية.
وباشرت اللجنة عملها منذ مايو (أيار) الماضي، واعتمدت على الفترة الزمنية الممتدة من 30 مارس (آذار) 2018، تاريخ انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار، حتى 31 ديسمبر (كانون الأوّل) الماضي.
وخلصت لجنة التقصي إلى أنّ قوات إسرائيلية قتلت بالرصاص الحي 183 متظاهراً شاركوا في مسيرات العودة وكسر الحصار، من بينهم 35 طفلاً وثلاثة مسعفين وصحافييْن، وأصابت حوالي 6106 فلسطينيين بجروح أثناء وجودهم في مواقع الاحتجاجات، وبُترت أطراف حوالي 122 شخصاً، من بينهم 20 طفلاً.
مجلس حقوق الإنسان اعتمد التقرير قراراً يدين إسرائيل ويطالبها بضرورة وقف استخدام القوّة المفرطة، وطالب بمثول مرتكبي الانتهاكات في القطاع أمام العدالة. وبيّنت مصادر لـ"اندبندنت عربية" نيّة المجلس تحويل التقرير دليلاً إلى محكمة الجنايات الدوليّة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في غزّة.
قرار سياسي
قالت سهير أسعد، منسّقة المرافعة الدوليّة في مركز عدالة بعد مشاركتها في جلسات النقاش في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، إنّ إسرائيل لا تحاسب مرتكبي جرائم الحرب في محاكمها الداخلية، وهذا ما قدّ يشكل عائقاً أمام محاسبة مرتكبي الجرائم في الجنايات الدولية.
ووفق مركز عدالة، فقد رُفعت 500 شكوى ضدّ الجنود الإسرائيليين لارتكابهم جرائم حرب ضد المواطنين في غزّة أثناء عدوانهم في العام 2014، لكن إسرائيل لم تقدم أيّ شخص للمحاكمة بشأن جرائم القتل.
وبيّنت أسعد أنّ القناصة الإسرائيليين يعملون وفق قرار سياسي إسرائيلي، بضمانات عدم تعرضهم للمحاسبة لقتلهم فلسطينيين، مظهرةً أنّهم أثبتوا ذلك بتقارير موثّقة قدّمت وعرضت أمام مجلس حقوق الإنسان.
وأشارت أسعد إلى ضرورة وجود قرارات مساندة من مجلس حقوق الإنسان لتبني بعض ما جاء في تقرير لجنة التقصي، إلى جانب ما أعدّته السلطة الفلسطينية وبعض المؤسسات الحقوقية.
وكشفت عن أنّ مجلس حقوق الإنسان ليس المخوّل الوحيد متابعة تقرير لجنة التقصي، بل يقع على محكمة الجنايات الدولية دور مهم في محاسبة مرتكبي الجرائم من خلال اعتماد التقرير دليلاً واضحاً على ارتكاب الجرائم.
مساندة أميركية
أكدت أسعد أنّ الدول الأعضاء تعرضت لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة الأميركية هدفها منعها من التصويت ضد إسرائيل، وكشفت عن أنّ الضغوط السياسية التي مارستها إسرائيل وأميركا بدت واضحة في عملية النقاش داخل أروقة مجلس حقوق الإنسان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت أنّ إحدى أهم خطوات ضمان محاسبة مرتكبي جرائم الحرب تكون من خلال قرار ينتزع من مجلس الأمن، التابع لهيئة الأمم المتحدة، لكن التخوّف كبير من استخدام أميركا حق النقض (الفيتو)، علماً أنّ أميركا ضغطت على الدول للتصويت ضدّ القرار، ورفضت تشكيل لجنة التقصي وانسحبت من مجلس حقوق الإنسان.
وشدّدت على ضرورة بدء اعتماد خطوات ملموسة مرحلةً أولى لمحاسبة مرتكبي الجرائم، من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان، الذي يزوّد المحكمة الجنائية الدولية ملفات الانتهاكات، فضلاً عن الدور المهم الذي يجب أنّ تقوم به السلطة الفلسطينية.
عدم مبالاة
كشفت أسعد عن وجود توصيات واضحة في التقرير الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان بضرورة المحاسبة في محكمة الجنايات الدولية، مؤكدة أنّ إسرائيل لم تعطِ أيّ قرار حتى الآن بإيقاف الانتهاكات بحق المشاركين في مسيرات العودة.
وأشارت أسعد إلى أنّ إسرائيل لم تتعامل مع لجنة التقصي، ولم تتفاعل مع البند السابع في مجلس حقوق الإنسان المتعلق بجرائمها ضدّ الفلسطينيين.
وبيّن صلاح عبد العاطي، رئيس اللجنة القانونية والتواصل الدولي في هيئة مسيرة العودة وكسر الحصار، أنّ أميركا هدّدت الأمّم المتحدة بوقف التمويل عنها إذا اعتمدت تقرير إدانة إسرائيل، وأحضرت آلاف المحامين للمرافعة لمصلحة إسرائيل والدفاع عنها.