أظهرت أرقام جديدة أن حصة الشباب السود والآسيويين وأبناء الأقليات الإثنية Bame من غرامات الشرطة البريطانية بتهمة خرق قواعد الإقفال التام الذي سببته جائحة فيروس كورونا، كانت ضعف حصة أقرانهم البيض للسبب نفسه.
وذكر تقرير لـ"المجلس الوطني لقادة الشرطة" أن قوى الأمن في إنجلترا أصدرت إشعارات بغرامات ثابتة ضد الملونين، أكثر من البيض، بمعدل 1.6 مرة، معترفاً بفرض قواعد الإغلاق بشكل "غير متناسب" عرقياً.
وتجلى عدم التكافؤ بوضوح أشد بالنسبة للأشخاص السود والآسيويين الذين كان من المرجح أن يتعرضوا للتغريم أكثر من غيرهم بـ 1.8 مرة، بحسب ما أظهر تحليل خاص بالغرامات الصادرة ما بين 27 مارس (آذار) و25 مايو (أيار) الماضيين.
وكان معدل المخالفات الصادرة ضد الرجال السود والآسيويين وأبناء الأقليات الإثنية الأخرى الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و34 سنة، ضعف ما صدر منها بحق الرجال البيض من الفئة العمرية نفسها.
وفي هذا الصدد، أقر مارتن هيويت، رئيس "المجلس الوطني لقادة الشرطة "بأن عدم التناسب في إصدار المخالفات يدعو إلى القلق، ويؤكد المخاوف من وجود تحيز عرقي في تصرفات الشرطة عند فرضها النظام.
وقال هيويت "على رغم أن الصورة معقدة، فإنه لأمر مقلق أن نشاهد غياب التكافؤ بين التعامل مع البيض من جهة، والسود والآسيويين وأبناء الأقليات الإثنية الأخرى من جهة أخرى".
وأضاف أن "كل قوة شرطة ستدرس بعناية هذه الأرقام لتقييم أي مخاطر من تحيز فيها والسعي إلى تخفيفه، سواء كان متعمداً أو عفوياً، والتقليل من آثاره غير المتناسبة مع (أعداد المجموعات المعنية) حين يمكن ذلك".
وكانت قوى الشرطة في إنجلترا وويلز قد أصدرت 17039 مخالفة خلال الشهرين المذكورين أعلاه، بمعدل 3 مخالفات لكل 10 آلاف نسمة، لكن حصة غير البيض منها هو 4 مخالفات مقارنةً بـ 2.5 مخالفة للبيض، وذلك لكل 10 آلاف نسمة. وكانت المعدلات أعلى بين السكان من أصول آسيوية إذ بلغت 4.7 مخالفة، يليهم السود الذين كانت حصتهم 4.6 مخالفة، لكل 10 آلاف نسمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفُرض 70 في المئة من إشعارات الغرامة كلها على من هم دون سن الخامسة والأربعين، علماً أنهم يشكلون 22 في المئة من عدد السكان الإجمالي.
أما الشباب الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و34 سنة، ويمثلون 14 في المئة من عدد السكان، فكانت حصتهم 57 في المئة من كل إشعارات الغرامة الصادرة في الفترة نفسها، وهي نسبة أكبر بأربع مرات مما كانوا سينالون لو أن الغرامات فُرضت بشكل متكافئ على الفئات العمرية المختلفة.
وتظهر البيانات اختلافاً واسعاً في شتى أنحاء البلاد، إذ تفرض بعض قوى الشرطة غرامات على الملونين بمعدل تغريمها البيض، بينما تغرّم أخرى الملونين أكثر من البيض بمعدل 6.5 مرة. وكان عدم التناسب واضحاً بشكل عام، في المخالفات التي أصدرتها قوى الشرطة في المناطق الريفية والمسؤولة عن تطبيق النظام في السواحل والبقع الخلابة التي تجتذب السيّاح.
لكن "المجلس الوطني لقادة الشرطة " لاحظ أن عدد السكان الملونين في تلك المناطق الريفية قليل نسبياً، ما يعني أن فرض عدد ضئيل من الغرامات عليهم يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع معدل عدم التناظر. فعلى سبيل المثال، أصدرت شرطة منطقة كامبريا (في شمال غربي إنجلترا) 3 مخالفات فقط ضد ثلاثة أشخاص سود، لكن ذلك يشكل نسبة 30 في المئة لكل 10 آلاف من السكان. وقوة الشرطة تلك كانت واحدة من عشرين قوة أصدرت كلها أقل من 40 غرامة ضد مواطنين ملونين.
وأوضح هيويت أن "الشرطة أصدرت في المناطق الريفية والساحلية التي تجتذب السياح عدداً أكبر بشكل ملموس من الإشعارات بغرامات ثابتة لأشخاص لا يسكنون فيها، وكان لهذا تأثير كبير على مستوى عدم التكافؤ في عدد الغرامات بين الأشخاص البيض من جهة والسود والآسيويين وأبناء الأقليات الإثنية من جهة ثانية، مقارنة بقوات شرطة أخرى فرضت غرامات أقل نسبياً على اشخاص يسكنون خارج مناطق سلطتها".
وأكد هيويت أن العديد من قوات الشرطة استعانت بممثلين عن الكيانات المجتمعية المتعددة في إنجلترا وويلز "لمساعدتها في التدقيق بالظروف التي أحاطت بإصدار كل واحد من الإشعارات بغرامة ثابتة ومعاينة ما إذا كان قد صدر بطريقة نزيهة".
وأضاف رئيس "المجلس الوطني لقادة الشرطة" قائلاً، "نحن نعمل على تطوير خطة عمل لمعالجة قضايا الاندماج والمساواة العرقية التي ما زالت حاضرة في عمل الشرطة الساعية إلى حفظ النظام، مثل تدني ثقة الكيانات المجتمعية السوداء بنا، ومخاوفها من استخدامنا للقوة في سياسات مثل الإيقاف والتفتيش العشوائيين، وقلق الملونين من كوادر الشرطة حيال الاندماج والمساواة في العمل. وستعتبر نتائج هذا التحليل جزءاً إضافياً من هذا العمل".
لكن الأرقام الجديدة قد تحمل المطالبين بإجراء مراجعة لأكثر من 18600 غرامة صدرت ضد أشخاص خرقوا خلال الأشهر الأربعة الأخيرة قواعد الإغلاق لمكافحة تفشي فيروس كورونا، على رفع أصواتهم. وفي هذا السياق وجّه ما يزيد على 40 نائباً في مجلسي العموم واللوردات الشهر الماضي رسالة إلى "المجلس الوطني لقادة الشرطة" معربين فيها عن قلقهم حيال الطريقة "غير المتسقة والتمييزية" التي جرى تطبيق القوانين الجديدة وفقها.
وجاء في الرسالة التي وقعها سياسيون بريطانيون، بينهم جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال السابق، وإد ديفي، زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار بالوكالة، "هناك أدلة على العنصرية، والتمييز والتحيز في إصدار إشعارات الغرامة الثابتة ضد من خرقوا قواعد الإغلاق".
أما منظمة "ليبرتي" المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان فقالت إن فرض النظام بطريقة شاذة "تضخم كثيراً" خلال الجائحة، "تاركاً الكيانات المجتمعية غير البيضاء تحت رقابة مفرطة من جانب الشرطة ومن دون حماية كافية في أكبر أزمة صحية عامة منذ أجيال".
ونشرت "ليبرتي" الاثنين بحثاً يبين أن استخدام الشرطة أسلوب الإيقاف والتفتيش العشوائيين في لندن بلغ أعلى مستوياته في سبع سنوات، خلال فترة الإغلاق. فقد عمدت شرطة لندن إلى توقيف 1418 شخصاً وتفتيشهم بموجب الأوامر الواردة في الجزء 60 من القانون ذي العلاقة، والتي تسمح للشرطة باتباع هذا التكتيك من دون وجود شكوك منطقية لديها حول الأشخاص المعنيين، وتضاعف عدد الأشخاص الذين تعرضوا للتوقيف المؤقت من أجل البحث عما يدينهم في شهر مايو (أيار) الماضي، عما كان عليه في المدة ذاتها من العام الماضي.
© The Independent