أظهرت دراسة جديدة أن البلاستيك المستخدم في صنع معدّات الوقاية الشخصية المستعملة من قِبَلْ الأفراد للحماية من فيروس "كوفيد-19"، يمكن إعادة تدويرها وتحويلها إلى وقودٍ سائلٍ متجدّد.
وأمام مخاوف من مصير كمياتٍ كبيرة من معدّات الوقاية الشخصية التي يجري التخلص منها يومياً خلال فترة الوباء، دعا خبراء من "جامعة دراسات البترول والطاقة" University of Petroleum and Energy Studies UPES، السلطات إلى التفكير في تحويل هذه المواد البلاستيكية إلى وقودٍ حيوي عبر استخدام عملية كيميائية تُسمّى "التفكك الحراري" (تغيير كيماوي ينتج عن تأثير الحرارة).
وفي خضم تلك العملية، يجري تسييل مادة البلاستيك على درجات حرارةٍ عالية تتراوح بين 300 درجة مئوية و400 درجة مئوية، تستمر ساعة من دون استخدام الأكسجين، مما يؤدي إلى إنتاج كميّات كبيرة من الزيت الحيوي القابل للتفكك بسهولة. وأوضح الباحثون في الدراسة التي نُشرت في مجلة "بيوفيويلز" (حرفياً، "الوقود البيولوجي") Biofuels، أن هذه الطريقة "تُعدّ بديلاً بيئياً من تقنيات حرق الملوّثات المتّبعة حاضراً، أو أعمال طمرها، التي لا تتّسم عادةً بالفاعلية اللازمة".
وأشار واضعو البحث إلى أن مادة الـ"بولي بروبيلين" (المستخدمة في صنع معدّات الحماية الشخصية)، هي من نوع البلاستيك أحادي الاستخدام وغير المنسوج (بمعنى أنه مكوّن من رقاقات مرتبط بعضها ببعض عبر تشابك أليافها معاً)، ويمكن أن يستغرق تحلّله عقوداً.
ومنذ بداية أزمة "كوفيد- 19"، أثارت جماعات مناصرة للبيئة مشكلة العثور على قفّازات وأقنعة وزجاجات المطهّرات اليدوية في مياه المحيطات، مما يؤشر إلى تحوّل مخلّفات المواد المستخدمة في مواجهة فيروس كورونا بسرعة، شكلاً جديداً من أشكال التلوّث العالمي.
وقدّرت إحدى الدراسات أنه في المملكة المتّحدة وحدها، سيتسبّب استخدام كلّ شخص كمامة وجه مرّةً واحدة في اليوم على مدار عام، في تكدّس نحو 66 ألف طن إضافي من النفايات الملوّثة و57 ألف طن من المغلّفات البلاستيكية.
وبحسب مجلّة "علوم وتكنولوجيا البيئة"Environmental Science & Technology، استُخدِمَ عالمياً نحو 129 مليار كمامة، و65 مليار قفّاز كلّ شهر خلال فترة الوباء، "مما أدّى إلى تلوّث بيئي واسع النطاق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير الدكتورة سابنا جاين التي قادت فريق البحث في "جامعة دراسات البترول والطاقة" UPES، إلى أن تحويل معدّات الوقاية الشخصية إلى وقودٍ حيوي، يشكّل نوعاً من الوقود الاصطناعي، "لن يحدّ من الآثار اللاحقة شديدة الخطورة على البشرية والبيئة فحسب، بل يسهم أيضاً في إنتاج مصدرٍ للطاقة".
وكذلك أوضحت أنه "في الوقت الراهن، يركّز العالم على مكافحة عدوى "كوفيد- 19". وفي المقابل، ننظر على المدى البعيد في الآثار الناجمة عنها، سواء أكان ذلك أزمة اقتصادية أو خللاً في التوازن البيئي. علينا أن نعدّ أنفسنا لمواجهة التحدّيات التي يحتّمها علينا هذا الوباء، بهدف الحفاظ على الاستدامة البيئية".
واستطراداً، رأت رئيسة فريق البحث، أنه "يُجرى الآن إنتاج واستخدام عددٍ كبير من معدّات الوقاية الشخصية لحماية العاملين في مجال الصحّة والموجودين في الخطوط الأمامية بمواجهة فيروس كورونا". وأضافت، "التخلّص من معدّات الحماية الشخصية يشكّل مصدر قلق بسبب المواد التي صُنّعت منها كالـ"بولي بروبيلين" غير المنسوج مثلاً".
وخلصت إلى التشديد على أن "الاستراتيجية المطروحة تُعدّ تدبيراً مقترحاً لمعالجة المشكلة المتوقّعة في شأن التخلّص بشكل آمن من معدّات الوقاية الشخصية".
في نفسٍ مُشابِه، أكّدت الباحثة المشاركة في الدراسة الدكتورة باونا ياداف لامبا، أن عملية التفكك الحراري تقدّم حلاً مستداماً لمعالجة أزمة الطاقة في العالم". وأضافت، "ثمة حاجة دائمة إلى أنواعٍ بديلة من الوقود أو موارد من الطاقة لتلبية احتياجاتنا لها. ويشكّل التفكك الحراري للبلاستيك إحدى الطرق القابلة للاستخدام في التخفيف من وطأة الأزمة التي نواجهها في نفاد الطاقة".
وخلصت إلى أنه "من الممكن التصدّي بشكل متوازٍ للتحدّيات التي تمثلها إدارة مخلّفات معدّات الوقاية الشخصية من جهة، وزيادة الطلب على الطاقة من جهة أخرى، عن طريق إنتاج وقود سائل يأتي من (التفكيك الحراري) لتلك المعدّات. وكذلك يشكّل الوقود الذي يمكن إنتاجه من البلاستيك، مادة نظيفة لها خصائص تشبه ما يمتلكه الوقود الأحفوري".
© The Independent