منح العام الماضي 2018 قبلة الحياة للسياحة المصرية، وجددت المؤشرات والتقارير الصادرة عن المؤسسات السياحية العالمية الثقة في الحكومة المصرية، وأعطت العاملين بالقطاع السياحي الأمل في إعادة السياحة المصرية لعافيتها وقوتها ومؤشراتها المميزة فيما قبل عام 2011.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
البداية
أظهر أحدث التقارير البحثية الصادرة عن مجلس السياحة والسفر العالمي "WTTC"، في تقريره عن العام الماضي، أن السياحة في مصر شهدت طفرة وانتعاشة في عام 2018، وكانت الأسرع نمواً بين دول شمال أفريقيا، مقارنة بين قطاع السفر والسياحة في 185 دولة.
وأعربت جلوريا جيڤارة، رئيسة المجلس الدولي للسياحة والسفر WTTC، عن سعادة المجلس بالانتعاش القوي الذى شهده قطاع السياحة في مصر، مؤكدة أهمية هذا القطاع في النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
وأوضح التقرير: "أن جهود الدولة المصرية لتحسين الأوضاع الأمنية أسهم في زيادة السياحة بمعدل 16.5% وهو الأفضل منذ عام 2010، وأضاف أن الجهود المبذولة في القطاع الأمني ساعدت على إعادة جذب السائحين وشركات السياحة الكبرى إلى الوجهات المصرية السياحية المشهورة مثل مدينة شرم الشيخ".
وأشار التقرير إلى "أن قطاع السياحة في مصر مسئول عن توفير 2.5 مليون فرصة عمل، أي ما يعادل 9.5٪ من إجمالي عدد الوظائف في مصر، وأن السياحة أسهمت بنسبة 11.9 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمصر في العام الماضي، ومن المتوقع أن تزيد مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019".
وأبرز التقرير الذى نشره WTTC بعض تصريحات الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة في نوفمبر الماضي خلال الجلسة النقاشية التي نظمها المجلس الدولي للسياحة والسفر WTTC على هامش انعقاد بورصة لندن الدولية للسياحة WTM، والتي أكدت خلالها على أهمية قطاع السياحة في خلق وتوفير فرص العمل، لافتة إلى مضاعفة التشغيل بالقطاع حيث إن كل فرصة عمل مباشرة يوفرها القطاع يقابلها ثلاث فرص عمل غير مباشرة.
وأشار التقرير إلى تصريحات الوزيرة عن المشروعات والاستثمارات الجديدة للحكومة فيما يتعلق بالتراث الثقافي، بالإضافة إلى المتحف المصري الكبير، المقرر افتتاحه 2020، والذي سيكون المتحف الوحيد الذي يضم في خلفيته أهرامات الجيزة العظيمة، وسوف يعرض لأول مرة المجموعة الكاملة للملك توت غنخ آمون.
معدل النمو في أرقام
من جانبها أعلنت منظمة السياحة العالمية (ITB)، على هامش بورصة برلين التي عقدت في ألمانيا الأسبوع الأول من مارس (آذار) الحالي، "أن معدل نمو الحركة السياحية حول العالم نما بنسبة 6٪ في عام 2018، وبلغ إجمالي عدد السياح نحو 1.4 مليار سائح، وهو أعلى من معدل النمو المسجل في الاقتصاد العالمي بنحو 3.7٪".
ووفقا لتقرير منظمة السياحة العالمية "فإن نسبة النمو في الشرق الأوسط بلغت (+ 10٪)، وأفريقيا (+ 7٪)، وآسيا والمحيط الهادئ وأوروبا (+6٪ على حد سواء) قاد النمو في عام 2018".
ووفقا للمنظمة "فإن عدد السائحين الدوليين لأوروبا وصل إلى 713 مليون في عام 2018، وهي زيادة ملحوظة بنسبة 6٪ عن عام 2017 القوي بشكل استثنائي، وكان النمو مدفوعاً بأوروبا الجنوبية والمتوسطية (+ 7٪)، وأوروبا الوسطى والشرقية (+ 6٪)، وأوروبا الغربية (+ 6٪). كانت النتائج في شمال أوروبا ثابتة بسبب ضعف الوصول إلى المملكة المتحدة".
و"سجلت آسيا والمحيط الهادئ (+ 6٪) 343 مليون سائحا دولياً في عام 2018. ونما الوافدون في جنوب شرق آسيا بنسبة 7٪، تلتها شمال شرق آسيا (+ 6٪) وجنوب آسيا (+ 5٪). وأظهرت أوقيانوسيا نموا أكثر اعتدالا بنسبة + 3 ٪".
وحول أفريقيا والشرق الأوسط أشار تقرير المجلس إلى "زيادة بنسبة 7٪ في عام 2018 (شمال إفريقيا بنسبة + 10٪ ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى + 6٪)، حيث بلغت ما يقدر بـ67 مليون سائح، وأظهر الشرق الأوسط (+ 10٪) نتائج قوية في العام الماضي مما عزز انتعاشه في عام 2017، حيث وصل عدد السياح الوافدين إلى 64 مليون سائح".
وتوقعت المنظمة أن يعود النمو إلى الاتجاهات التاريخية في عام 2019. واستناداً إلى الاتجاهات الحالية والتوقعات الاقتصادية ومؤشر ثقة منظمة السياحة العالمية، "فإن منظمة السياحة العالمية تتوقع أن ينمو الوافدون الدوليون بنسبة 3٪ إلى 4٪ في العام المقبل، وهو ما يتماشى مع اتجاهات النمو".
تكريم السياحة المصرية دولياً
واستمرارا للنظرة الإيجابية للسياحة المصرية عن عام 2018، كرّمت المنظمة الدولية للسلام والسياحة "IIPT"، الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة المصرية، التي تعمل بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية، وأتت الجائزة تحت شعار: الاحتفاء بها "celebrating her" تقديراً لجهودها ودورها الريادي في قطاع السياحة في مصر خلال العام الماضي.
وعقب تسلمها الجائزة أعربت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة المصرية، عن سعادتها بحصولها على هذه الجائزة، مؤكدة "أن السياحة تلعب دوراً مهماً في بناء ومدّ جسور التواصل الإنساني بين البشر، ونشر قيم التسامح والسلام بين الشعوب"، وقالت إن "كل سائح هو سفير للسلام بين الدول".
ووفقا لبيانات وزارة السياحة، في 14 مارس (آذار) الحالي، فإن مصر تستهدف زيادة حصتها من الأسواق الآسيوية بشكل عام، والصين بشكل خاص، مشيرة إلى أن الحركة الوافدة إلى مصر من السوق الصينية جيدة ولكن نعمل على جذب المزيد من الحركة.
ارتفاع معدل نمو الغرف الفندقية
وأكد تقرير ثالث صادر عن مؤسسة "كوليرز إنترناشيونال للأبحاث والاستشارات" ارتفاع معدل نمو إشغالات عائد الغرف الفندقية في مدينتي الغردقة وشرم الشيخ، وحصوله على المستوى الأعلى في منطقة الشرق الأوسط، خلال الربع الأخير من العام الماضي 2018.
وأشار التقرير إلى أن نمو عائد الغرف الفندقية في مدينة الغردقة كان الأعلى بمعدل 44% نتيجة الاستقرار السياسي، ومواصلة تدفق الرحلات الجوية من الأسواق الرئيسية للحركة السياحية لمصر، بينما المعدل ذاته في مدينة شرم الشيخ ارتفع إلى 40% في ظل استفادة المدينة من تزايد الحركة السياحية من بعض الأسواق الأوروبية.
وأوضح التقرير "أن الإشغالات السياحية في الإسكندرية تتصدر المدن السياحية في مصر بـ78%، وتليها القاهرة بـ70% ثم الغردقة 66%، وتذيلت شرم الشيخ القائمة بـ51%".
وبحسب البيانات الرسمية لوزارة السياحة المصرية فإن "الطاقة الفندقية في كل من الغردقة وشرم الشيخ تمثل ثلثي الطاقة العاملة في مصر، التي تصل لنحو 220 ألف غرفة، بينما تبلغ الطاقة الفندقية في القاهرة الكبرى نحو 20 ألف غرفة يتركز غالبيتها على حول ضفاف نهر النيل".
الحكومة المصرية تسعى بالخطط التسويقية والترويجية وإصلاحات وتطوير المنشآت والمقاصد السياحية لاستعادة حركة السياحة المزدهرة فيما قبل 2011، التي بلغت نحو 14 مليون سائح في العام الواحد، ما أسهم في ارتفاع معدل الحركة السياحية الوافدة لمصر خلال السبع أشهر الأولى من العام الماضي، إذ بلغت 6.1 مليون سائح بنمو 41% عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وتستهدف وزارة السياحة الوصول بالأعداد إلى 12 مليون سائح بنهاية العام الحالي 2019، مقابل نحو 10 ملايين سائح بنهاية 2018، مقارنةً بـ8.3 مليون سائح في 2017، وتشارك مصر في معرض wtm السياحي بلندن بأكثر من 70 فندقاً وشركة سياحة في إطار زيادة الرحلات من السوق البريطانية إلى مصر.
جهود متواصلة وصورة مثالية
من جانبه، قال هشام الدميري، الرئيس السابق لهيئة تنشيط السياحة التابعة لوزارة السياحة المصرية، "إن أصعب فترات مصر السياحية كانت في عام 2015 في ظل علاقات دولية متوترة وما يمكن وصفه بحظر طيران إلى مصر، ثم أكمل حادث تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء في العام نفسه على ما تبقى".
وأضاف الدميري لـ"اندبندنت عربية": "أن الحكومة المصرية بدأت تبذل جهوداً خارقة بداية من عام 2016 لتصحيح الصورة الذهنية القاتمة عن السياحة في مصر"، موضحا: "أن العمل انقسم إلى عمل داخلي بإصلاح وإعادة هيكلة وتطوير المقاصد السياحية الرئيسية في مصر، وهو ما نجحنا فيه داخليا وكلل المجهود بتدشين المتحف المصري الكبير".
وتابع الدميري: "أما خارجيا فكان الوضع مختلفاً، فتصحيح الصورة الذهنية عن السياحة في مصر لم يكن تستطيع أن تقوم به وزارة بعينها، بل كان عملاً جماعياً من الدولة المصرية بداية من رأس القيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كثّف من جولاته الخارجية، خاصة في أوروبا، مما ساعد الحكومة في بدء العمل والترويج فضلا عن تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي بعد أن علقت عضويتها عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013".
عودة الروح السياحية
وكشف الدميري: "أن كل هذا العمل السابق والجهد الكبير من الجميع بدأت مصر تجني ثماره، فعلى سبيل المثال حركة السياحة الألمانية إلى مصر تشهد تطوراً ملحوظاً، مشيرا إلى أن القاهرة كانت تستقبل 1.2 مليون سائح ألماني في 2011، وتراجعت النسبة إلى النصف تقريبا تدريجيا عقب اندلاع ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، ثم عادت لتكسر الرقم المحقق في 2011 لتحقق 1.5 مليون سائح ألماني في 2018، متوقعا ارتفاع هذا الرقم إلى مليوني سائح ألماني العام الحالي 2019".
السياح الروس يمثلون أهمية في عصب السياحة المصرية، وتوقفت الرحلات السياحية الروسية إلى مصر منذ 2015، وإنْ بدأت روسيا استئناف الرحلات الجوية المنتظمة بين القاهرة وموسكو في أبريل 2018، دون الوجهات السياحية على البحر الأحمر في شرم الشيخ والغردقة، فبدأت السوق الروسية العودة إلى المقاصد السياحية المصرية، وبلغ عدد السياح الوافدين إلى مصر 145 ألفاً و642 سائحاً روسياً في 2018.
ووفقا للإحصاءات الرسمية عن وزارة السياحة المصرية فإن عدد السياح الروس الوافدين إلى مصر في 2010 بلغ 2.8 مليون سائح، وانخفض إلى 1.8 مليون سائح في 2011، وتقلص إلى نحو 1.6 مليون سائح في 2012، وارتفع إلى 2.4 مليون سائح في 2013، وزاد إلى 3.1 مليون سائح في 2014 قبل أن تتوقف الرحلات عقب حادث الطائرة المنكوبة.
وعلى مدار العشرة أشهر الأولى من 2015، بلغ عدد السياح الروس نحو 2.3 مليون سائح، وانخفض بعد أزمة انفجار الطائرة الروسية حتى وصل إلى 100 ألف سائح روسي في عام 2017، ورغم ذلك فقد صعدت السياحة الأجنبية الوافدة إلى مصر بشكل عام بنسبة 42% خلال النصف الأول من 2018، وقُدر عدد السائحين الوافدين بنحو 5.061 مليون سائح، مقابل 3.560 مليون سائح خلال النصف الأول من 2017.
وعن السياحة الروسية الوافدة إلي مصر قال "الدميري": "إن الحكومة المصرية اتجهت إلى فتح أسواق سياحية جديدة مثل بولندا وهولندا وأوكرانيا لتعويض الغياب الروسي وإن كان بدأ في التعافي والعودة".
وقال إلهامي الزيات، الرئيس السابق لاتحاد الغرف السياحية، لـ"اندبندنت عربية": "إن السياحة الروسية في 2018 زادت بشكل طفيف للغاية، خاصة أنهم يأتون عن طريق بلد آخر، لافتاً إلى أن السائح الروسي يقبل على السياحة الشاطئية، خاصة في مدينة الغردقة، حيث كان يمثل أكثر من 50% من الحركة الموجودة بالمدينة في الفترة من 2010 وحتى 2015".
وتوقع "الزيات": "أن يصل عدد السياح الروس إلى 1.5 مليون سائح على أقل تقدير خلال عام 2019، في حال السماح بتسيير رحلات شارتر لشرم الشيخ والغردقة، خاصة مع مرور 5 أشهر من الموسم الشتوي الأكثر كثافة".
الحكومة المصرية ممثلة في وزارة السياحة شاركت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2018 في فعاليات بورصة لندن الدولية للسياحة، شارك فيه 56 عارضا بينها 25 شركة سياحية و28 فندقا، وفي مطلع مارس (آذار) الحالي شاركت أيضا في فعاليات بورصة برلين السياحية بألمانيا، وتمثل أكبر تجمع للمهتمين بالسياحة عالميا، وفيه روجت مصر لمدنها السياحية، ووضعت شعار حملة وزارة السياحة GEM 2020 للترويج لافتتاح المتحف المصري الكبير.