قد يفقد مئات آلاف المرضى الذين ترعاهم هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS في بريطانيا القدرة على مقابلة أطبائهم العامين (العائليين) وجهاً لوجه، وذلك لأن أولئك الأطباء يحتاجون إلى حماية أنفسهم من فيروس كورونا. ورأت دراسة تحليلية أعدّتها "المؤسسة الخيرية للصحة" Health Foundation charity أن ثلث الأطباء العامّين، الذين يمارسون عملهم بمفردهم، أمام خطر شديد للإصابة بالفيروس.
وحذرت الدراسة أن يؤدي فرض وقف لقاء أولئك الأطباء بمرضاهم وجهاً لوجه إلى حرمان 710 آلاف مريض من طبيبهم الخاص، والأمر سيؤثّر بشكل مفرط في أكثر المناطق حرماناً لإنجلترا، إذ إنّ الأطباء العامّين الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس يزيد معدّل احتمال عملهم في تلك المناطق المحرومة أربع مرات، مقارنة باحتمال عملهم في مناطق أخرى. ومن هنا فقد تتأثّر لندن على نحو خاص، إذا ما أوقف الأطباء المعرّضون لخطر "كوفيد 19" استقبال المرضى. إذ إن العاصمة البريطانيّة تضم النسبة الأعلى من الأطباء العامين المعرضين لخطر شديد للإصابة بالمرض، كما تضم لندن النسبة الأعلى من العيادات الجراحية التي يديرها أطباء عامّون بمفردهم، وهم عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بالفيروس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذا الإطار، وعلى مستوى بريطانيا كلها، يقدّر عدد الأطباء العامين الذين يُعتقد أنّهم معرضون للخطر أمام الفيروس بـ3.632 طبيب، من أصل ما يزيد على 45.000 طبيب. وقالت "هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية" إنّ العاملين في صفوفها، الذين يواجهون خطر الإصابة بالمرض، تنبغي حمايتهم، وذلك يتضمّن تلافي تواصلهم مع المرضى ومقابلتهم وجهاً لوجه.
واستطراداً في الموضوع فإنّ واحدة من عشر عيادات تقريباً لأطباء عامين، أي 639 من أصل 6.771، تدار من قبل طبيب عام واحد. وتقدّم هذه العيادات خدماتها لنحو 2.5 مليون مريض في بريطانيا. كما أن نحو ثلث تلك العيادات، أي 209 عيادات، يديرها أطباء عامّون يعتبرون تحت خطر شديد جراء الفيروس، استناداً إلى فئتهم العمرية، وجنسهم، وإثنيّتهم.
وخلال الجائحة جاءت معدلات الوفاة بين السود والأقليات الإثنية أعلى من المعدلات المسجلة في أوساط أخرى، كما أنّ معظم المتوفين بأوساط العاملين بالرعاية الصحية كانوا من العمال السود أو من فئات إثنية أقليّة. وقام عديد من الأطباء العامين في ظلّ الجائحة بالانتقال إلى ممارسة استشاراتهم الطبية، ومعاينة مرضاهم عبر الوسائل الرقمية والافتراضية، بيد أنّ الأطباء العامين ما زالوا إلى اليوم يلتقون بعض المرضى وجهاً لوجه، حين يمثّل الأمر ضرورة طبيّة.
وعن هذا الموضوع قالت ربيكا فيشير، مسؤولة السياسات في "المؤسسة الخيرية للصحة"، إن "الأخطار المتواصلة التي يفرضها (كوفيد 19) على سلامة المرضى والأطباء العامّين تعني أن الحصول على موعد لمقابلة الطبيب وجهاً لوجه سيغدو أكثر صعوبة لمئات آلاف الناس".
وأضافت فيشير "من المقلق على نحو خاص أن الأطباء العامين المعرضين بشدة للإصابة بـ(كوفيد 19) يعملون بالدرجة الأولى في مناطق محرومة. وهذه الأخيرة بالتحديد هي المناطق الأكثر حاجة إلى العناية الصحيّة، وهي التي تتحمّل عبء (كوفيد 19) الأكبر، ونقصاً قائماً بعدد الأطباء مقارنة بالحاجة والطلب. وإن لم تتخذ الإجراءات الطارئة فإنّ ذاك سيشكل سبباً إضافياً لمزيد من الحرمان في تلك المجتمعات الفقيرة، كما سيطرح الأمر أخطار تعميق اللا مساواة الصحية".
من جهتها "المؤسسة الخيرية للصحة" قالت إنّ على الفرق العيادية التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، التي تنظم الخدمات الصحية المحلية وتموّلها، أن تتأكد من المواضع التي ينبغي أن تقوم فيها بملء الفراغات، للحفاظ على نظام مقابلة الأطباء وجهاً لوجه، وأن تبلغ فرق عملها عن هذه المواضع، بهدف سد النقص فيها.
وقالت دراسة "المؤسسة الخيرية للصحة" أيضاً "لا نعرف عدد أولئك الأطباء العامّين الذين سيختارون بالفعل الامتناع عن العلاقة المباشرة مع المريض، وكيف سيتغيّر الأمر مع الوقت. المطلوب هو المزيد من العمل لتحديد ما يحصل في الواقع، ورصد تأثير ذلك في قطاع العناية الصحية، من ناحية التخفيض المحتمل في عدد الأطباء القادرين على لقاء مرضاهم وجهاً لوجه".
كما رأت دراسة المؤسسة ضرورة توافر المال الكافي للأطباء، ولتسدد النفقات الإضافية لفرق العمل البديلة التي يمكنها ملء الفراغ واستئناف خدمة المرضى.
وجرى الاتصال بهيئة "الخدمات الصحية الوطنية" في بريطانيا NHS للحصول على تعليقها حول المسألة.
© The Independent