أثار بوستر الفيلم الفرنسي "Cuties" أو "الفاتنات" على منصة نتفليكس حالة جدلية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي الرافضة له في مفاجئة غير متوقعة، فعلى الرغم من أن الفيلم ينتقد الاستغلال الجنسي للصغار لكن تم تسويقه بطريقة تضفي طابعاً جنسياً على بطلاته اللاتي لازلن بعمر الطفولة! وكأنه يناقض تماماً ما يندّد به من إنذاراً بكارثة تحدث، وكان أسلوب دعايته غير متوافق مع هدفه! الأمر الذي بدا غريباً من منصة مثل نتفليكس، وبات على المؤسسات الفنية الضخمة مراجعة قرارتها والاهتمام بآراء السوشيال ميديا بعض الشيء، حيث يلتفت دوماً رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى ما لم ينتبه إليه العاملون بتلك الكيانات الضخمة والعملاقة.
الفيلم الذي فاز بجائزة الإخراج في مهرجان صاندانس بالولايات المتحدة الأميركية مطلع هذا العام، أشاد به النقاد إذ بدأ عرضه في صالات السينما الفرنسية في 19 أغسطس (آب) الجاري، لكن على ما يبدو أن نتفليكس أرادت تشويق مشتركيها إلى المشاهدة فضاعفت الجرعة، وباتت متهمة باستغلال صور فتيات صغيرات سمراوات ممن هنّ بطلات الفيلم وتقديمهنّ في بوستر إيحائي تماماً.
نتفليكس تعتذر
اعتذرت نتفليكس في مواجهة الغضب، لكن المؤكد أنه لولا أن لفت ناشطو تويتر النظر إلى هذا الأمر لم يكن ليحدث شيء وكان سيمر البوستر الذي هو أمر ترويجي وتجاري وفني أيضا مرور الكرام، وبعد الضغط وحملات المقاطعة جاء في حساب نتفليكس الرسمي على تويتر: "نأسف بشدة للبوستر غير اللائق الذي استخدمناه في- Mignonnes - Cuties- لم يكن الأمر جيداً، ولا ممثلًا لهذا الفيلم الفرنسي الذي فاز بجائزة في مهرجان صاندانس، لقد قمنا الآن بتحديث البوستر والوصف".
اللافت أن الفيلم الذي سيكون متاحاً عبر منصة نتفليكس عالمياً بدءاً من التاسع من سبتمبر( أيلول) المقبل، يبدو واعداً، بحيث حظي بآراء إيجابية كثيرة حين عرض في السوق السينمائي الفرنسي بعنوان "Mignonnes" ببوستر بريء تماماً ومرح يظهر الفتيات وهم يرتدين ملابس براقة وينطلقن في الشارع، ومعبراً ومقبولاً، ولكن نتفليكس في حملتها الترويجية للعمل قرّرت أن تغيّر الصورة بأخرى ظهرت فيها الفتيات على حلبة رقص وبنظراتٍ ووضعياتٍ أثارت الغضب والهجوم، خصوصاً أنهنّ لا زالن في عمر الطفولة، لكن الحقيقة أن قصة الفيلم نفسها جريئة وتطرق موضوعاً قلما عولج من قبل، إذ إن البطلة تجد نفسها مفتونة بعالم الرقص المتحرّر وتبدأ في التعامل مع نفسها كامرأة بشكل مبكر للغاية، وهي القادمة من ثقافة لديها حدود وخطوط حمر كثيرة.
نتفليكس من جانبها تعوّل على الفيلم كثيراً، ومستمرة في حملتها الترويجية ولم تلتفت إلى دعوات إيقاف عرضه التي انطلقت من قبل المغرّدين أيضاً بناء على الصورة الترويجية التي صاحبت حملته الدعائية في البداية، واكتفت الشبكة العالمية حتى الآن بالاعتذار المكتوب، وباستبدال البوستر الدعائي بآخر تظهر فيه مجموعة الفتيات الرقاصات بملابسهنّ ذات الألوان الفاقعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تعدد الزوجات وأزمة المراهقات مع السوشيال ميديا
"Cuties" تدور أحداثه حول "إيمي" فتاة مسلمة في الـ11 من عمرها تعيش في فرنسا، تنضم إلى فرقة شهيرة للرقص خاصة بالأطفال في مثل عمرها، ثم يزداد لديها الشعور بأنوثتها بشكل لا يتناسب مع عمرها، ما يجعل الأمر مزعجاً وغير مقبول بالنسبة إلى والدتها وعائلتها المتحفّظة اللتين اختارتا تربيتها بشكل منغلق وتقليدي، وتكمن الصعوبة في ظل احترافها مهنة فيها زميلات من أنماط شخصية مختلفة وبعضهنّ يشجعنها على التصرف كفتاة ناضجة، في فترة حرجة من حياتهنّ، أي بعد الطفولة وعتبات المراهقة، هنا يكمن الارتباك والحيرة، إذ يلقي الفيلم الضوء أيضاً على سوء استخدام المراهقات مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الأزمات النفسية والاجتماعية التي تلاقيها الفتيات اللاتي تربّينَ في بيئة تعاني مشكلات أسرية متعددة، في مجتمع منفتح مثل المجتمع الفرنسي حيث البطلة الرئيسية إيمي "فتحية يوسف من أصل سنغالي"، تعيش صراعاً بين طريقة تربيتها وبين ما تراه أمامها، كما يتحدث أيضاً عن أزمة تعدّد الزوجات من خلال الأب الذي يسعى إلى الزواج بأخرى إلى جانب والدتها، ومن أبرز بطلات العمل "ميريام حمة ومأمونة جوي ومدينة العايدي".
مخرجة سنغالية وهجوم ثم اعتذار
الفيلم المثير للجدل أخرجته وكتبته الفرنسية ذات الأصل السنغالي مأمونة دوكوري في أول فيلم روائي طويل لها، وردت على الانتقادات بأكثر من وسيلة مؤكدة أنها لم تبالغ في ما عرضته ولكنها جلست مع فتياتٍ صغيراتٍ وعرفت كيف يفكرن في الواقع، وذلك في تصريحات لها نشرت في مواقع إخبارية فرنسية وعالمية لافتة إلى أنها شاهدت فتيات صغيراتٍ في عمر الطفولة، يحظين بمئات آلاف من المتابعين على السوشيال ميديا لأنهنّ يظرهن بملابس غير لائقة ولا تناسب أعمارهنّ، وكانت مأمونة قد واجهت انتقادات واسعة من خلال التعليقات عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أزمة بوستر الفيلم الذي نشرته نتفليكس، لكنها على مايبدو بدأت تتلقى ردود أفعال إيجابية من بعض نشطاء حملة منع عرض الفيلم على المنصة العالمية، ومن شاهدوه بالصالات الفرنسية. ونشرت عبر حسابها بإنستغرام رسالة اعتذار من أحد مهاجميها مؤكداً أنه راجع موقفه وأن الفيلم لديه رسالة مهمة وقوية وطالب منها مسامحته بعدما شنّ هجوماً كاسحاً ضدها.