تحاول الحكومة المصرية إصلاح الخلل بين مخرجات منظومة التعليم الجامعي والفني من جانب، ومنظومة سوق العمل في مصر من جانب آخر، واعتمدت خطة تطمح في تنفيذها العام الحالي تتضمن تطوير الجامعات التكنولوجية والأهلية بخبرات دولية تراعي تلبية التخصصات المطلوبة بالأنشطة الصناعية في محيطها الجغرافي داخل مصر وخارجها.
238 مليون دولار لإنشاء الجامعات التكنولوجية وتطويرها
قال وزير المالية المصري، إن هناك توجهاً من الدولة لدعم مشروعات تطوير منظومة التعليم الجامعي لتعظيم الاستفادة العلمية والأكاديمية منها.
وأضاف في بيان صحافي أن الاهتمام بتطوير منظومة التعليم الجامعي وفقاً لأفضل الخبرات الدولية يعكس حرص الحكومة على استكمال مسيرة بناء الإنسان المصري.
وتابع أن وزارته خصَّصت 3.8 مليار جنيه (238 مليون دولار أميركي) بموازنة العام المالي الحالي لإنشاء الجامعات التكنولوجية والأهلية وتطويرها بخبرات دولية تُراعي تلبية التخصصات المطلوبة بالأنشطة الصناعية فى محيطها الجغرافي، خصوصاً في ظل التوجه العالمي نحو تعظيم الاستفادة من النظم التكنولوجية في شتى مناحي الحياة.
وأشار إلى أن الموازنة العامة لهذا العام تشهد أكبر استثمارات حكومية بقيمة 281 مليار جنيه (نحو 18 مليار دولار أميركي) للمرة الأولى، تضمنت استثمارات في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي بإجمالي 182.4 مليار جنيه (11.3 مليار دولار أميركي) لدعم القطاع التعليمي في المراحل والمستويات التعليمية، لما له من تأثير مباشر في تطوير القدرات البشرية، والمنافسة في سوق العمل الدولية والإقليمية.
معدل البطالة يرتفع إلى 9.6 في المئة في يونيو الماضي
كان الجهاز المصري المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن مؤخراً، عن ارتفاع معدل البطالة إلى 9.6 في المئة من إجمالي قوة العمل خلال الفترة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) الماضيين، مقابل 7.7 في المئة في الربع الأول من العام الحالي حتى نهاية مارس (آذار) الماضي، بارتفاع نسبته 1.9 في المئة على أساس فصلي، و2.1 في المئة على أساس سنوي.
وأشار الجهاز إلى أن حجم قوة العمل بلغ نحو 26.7 مليون فرد، خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقابل 29 مليوناً خلال الربع السابق، بانخفاض نسبته 8 في المئة، وبلغت قوة العمل في الحضر (المدن) 11.8 مليون، بينما بلغت في الريف 14.9 مليون فرد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة، الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى مستوى النوع، بلغ حجم قوة العمل للذكور 22.7 مليون فرد، بينما بلغت للإناث 3.9 مليون فرد، ويرجع سبب ذلك الانخفاض إلى تداعيات جائحة فيروس كورونا التي أدت إلى عزوف الكثير عن العمل.
وسجل عدد المتعطلين عن العمل خلال الربع الثاني من العام الحالي نحو 2.6 مليون، بنسبة 9 في المئة من إجمالي قوة العمل، مقابل 2.2 مليون متعطل في الربع الأول من 2020، بارتفاع قدر بـ338 ألفاً، وبنسبة 15.1 في المئة، وبارتفاع قدره 480 ألف متعطل مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، وبنسبة تقدر بنحو 22.9 في المئة.
24.1 مليون مشتغل في الربع الثاني من 2020
أوضح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد المشتغلين بلغ 24.1 مليون خلال الربع الثاني من العام الحالي، بانخفاض نسبته 9.9 في المئة، وبلغ المشتغلين في الحضر (المدن) 10.3 مليون مشتغل، بينما في الريف 13.8 مليون.
وحدد الجهاز في بيانه أهم الأنشطة التي فقدت أكبر عدد من المشتغلين خلال الربع الثاني بسبب جائحة كورونا، عندما فقد نشاط تجارة الجملة والتجزئة 624 ألفاً، بينما فقد نشاط الصناعات التحويلية 569 ألفاً، في حين فقد نشاط خدمات الغذاء والإقامة 469 ألفاً، ونشاط النقل والتخزين 309 آلاف، وأخيراً فقد نشاط التشييد والبناء 288 ألف مشتغل.
وأكد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، جبالي المراغي، أن عدد المتعطلين عن العمل في المنطقة العربية، بلغ ما يقارب 30 مليوناً بحسب إحصاءات منظمة العمل العربية التابعة للجامعة العربية.
وأضاف في تصريحات صحافية أن هذا العدد ارتفع بالتأكيد نتيجية جائحة كورونا، عندما اهتزت الأسواق والقطاعات العامة بقوة، مؤكداً أن آثاره المحتملة في اقتصادات الدول ستكون وخيمة وكبيرة في معدلات البطالة والفقر في المنطقة العربية، ما يستوجب دراسة تداعياتها وتحديد الأولويات والمعالجات والخطط والبرامج الملائمة للتعامل معها.
ضرورة زيادة الاستثمار العربي – العربي
أشار المراغي إلى أن مواجهة الأزمة تتطلب المزيد من تفعيل برامج الحماية الاجتماعية، لمحاربة الفقر والحد من البطالة في المنطقة العربية، وتتطلب تأكيد أهمية دور المشروعات التنموية، وريادة الأعمال كنموذج فاعل لتشغيل الشباب العربي، في مواجهة تداعيات الأزمة، والأولويات والخطط الملائمة للتعامل مع الأزمة، وكيفية توفير التمويل الميسر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ولفت إلى ضرورة تفعيل دور المنظمات النقابية والعمالية للتعامل والتعاطي مع تأثير أزمة كورونا في قضايا العمل والعمال، والسعي وبقوة نحو العمل العربي المشترك بإقامة مشروعات مولدة لفرص العمل، وزيادة الاستثمار العربي – العربي.
وقال محمد جنيدي نقيب المستثمرين الصناعيين المصريين، إن الجامعات تخرج الآلاف سنوياً يصطدمون بسوق العمل فتستمر الفجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل في الزيادة من دون توقف.
وأضاف لـ"اندبندنت عربية": "نحن كمستثمرين ومصنعين نعاني نُدرة توفير العمالة الفنية للعمل في مصانعنا، ولا نجدها على الرغم من رفع المرتبات والمزايا لتصل إلى أجور جيدة تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية".
وتابع أن "معظم طلبات التوظيف التي ترد إلينا تبحث دائماً عن العمالة الإدارية وترفض العمل الفني على الرغم من ارتفاع معدل البطالة في مصر إلى 9 في المئة".
إعداد دراسات وافية عن متطلبات سوق العمل
طالب جنيدي الدولة بضرورة تنفيذ خطتها أولاً وبإعداد دراسات وافية عن متطلبات سوق العمل الفعلية، وتحديد المهارات المطلوبة، ثم تنفيذ ذلك عملياً في الجامعات والمدارس الفنية لربط المنظومتين، بما يحقق مصلحة الدولة والمستثمر والعامل ما ينعكس في النهاية على النمو الاقتصادي للدولة.
ازدواجية في التعليم
أكدت الدكتورة أمنية حلمي أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، أن البنية التعليمية في مصر تحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر.
وأضافت لـ"اندبندنت عربية": "لدينا ازدواجية في التعليم ما بين تعليم نظري وفني وديني ولغات، بما يتطلب تعليماً موحداً، خصوصاً فى المرحلة الثانوية، حين يتعلم الطالب تعليماً نظرياً وتطبيقياً ليكون مؤهلاً إما لمواصلة التعليم العالي ودخول الجامعات أو المعاهد، أو الانخراط في سوق العمل".
وقال هاني توفيق، المتخصص في شؤون الاقتصاد، إن سوق العمل غير محتاجة لملايين الخريجين من الجامعات، خصوصاً من الكليات النظرية، مثل "آداب" و"حقوق" و"تجارة"، لعدم وجود وظائف متاحة لهم، فضلاً عن تضخم الجهاز الإداري للدولة، ما جعلها ترفع يدها عن التعيينات الجديدة في دواوين العمل الحكومي.
وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، أن كثيراً من الشباب الجامعي يريدون أن يحصلوا على شهادات لتحقيق الوجاهة الاجتماعية بعيداً من متطلبات سوق العمل، وبالتالي نجد آلافاً منهم ذوي تخصصات غير مطلوبة ولا حاجة لهم في سوق العمل، لافتاً إلى أنه ينبغي توفير البديل وامتصاص الطاقة الشبابية المُهدرة التي يمكن أن تساهم في الإنتاج، والاتجاه إلى مجالات أخرى للعمل وفق متطلبات سوق العمل والاهتمام بالحرف والمهن والزراعة وفتح مصانع الملابس والزجاج وغيرها من التي أغلقت.
آليات جديدة
تضمنت خطة التنمية للعام المالي 2020 - 2021 التي أعلنت عنها الحكومة في مايو (أيار) الماضي آليات جديدة لربط التعليم الفني بسوق العمل، ولسد احتياجاته. وجاءت أهم تلك الآليات في التوسع في إنشاء مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالمشاركة مع القطاع الخاص، إلى جانب إتاحة مدارس التعليم المزدوج في التعليم الفني بالتعاون مع شركاء التنمية والتدريب تتضمن تنفيذ 2555 مشروعاً بإجمالي ما يقرب من 93 ألف فصل في مختلف المراحل التعليمية.