علمت "اندبندنت عربية" من مصدرٍ فصائلي، أنّ الجهود المصريّة نجحت في وقف مشروط لإطلاق النار، وقد حصلت على تفاصيل الاتصالات المكثّفة التي أجرتها مع قيادة الفصائل الفلسطينية، وقيادات رفيعة من مسؤولي المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي.
ويقضي اتفاق وقف إطلاق النار المتبادل بين غزّة وإسرائيل بإيقاف أدوات مسيرة العودة وكسر الحصار من طرف الفصائل في قطاع غزّة، على أن يقابله من طرف الجيش الإسرائيلي وقف شنّ الغارات الجويّة على القطاع.
وتتمثل أدوات مسيرة العودة في إشعال إطارات السيارات والطائرات الورقية الحارقة والبالونات المفخّخة والإرباك الليلي والحراك البحري ووحدات قصّ السلك. وكانت هيئة المسيرة أعلنت أخيراً إعادة تفعيل الحراك، وزادت مدّة عمل فعاليات الإرباك الليلي حتى مطلع الفجر. لكن في ظل موجة التصعيد الإسرائيلي أعلنت الهيئة تجميد الإرباك الليلي، بناءً على المصلحة العامة.
ويتضمن اتفاق الهدنة، الذي تم بتدخلات أمميّة إلى جانب الجهود المصريّة، احتواء مليونية مسيرة العودة المقرّرة في الذكرى السنويّة الأولى لانطلاقها في 30 مارس (آذار)، من خلال ضبط تحركات المشاركين فيها، ضمن نطاق مخيمات العودة في النقاط الخمس المنتشرة على طول الشريط الحدودي (السياج الأمني) الشرقي، الذي يفصل القطاع عن الجانب الإسرائيلي. على أن يُقابل هذا الضبط من الجهة الإسرائيلية بفتح معابر القطاع (كرم أبو سالم التجاري وبيت حانون/إيرز المخصص لنقل الأفراد)، التي أُعلن عن إغلاقها مباشرة عقب قصف تلّ أبيب بصاروخ يسمى j80، من جنوب قطاع غزّة، والذي أصاب 7 أفراد ودمّر منزلاً.
واستكمالًا لتفاهمات الهدنة، أوضح المصدر أنّ إعادة فتح النطاق البحري بالمساحة السابقة نفسها، التي كان يبحر فيها الصياد الفلسطيني والمقدرة بحوالي 6 أميال، مرهونة بضبط الحدود الأمنية والحفاظ عليها من الشغب، وعدم الاقتراب من السياج الحدودي، على حدّ وصف الجانب الإسرائيلي.
ويقول المصدر إنّ إسرائيل طلبت إبعاد المشاركين عن الحدود الشرقية في يوم مليونية العودة بمسافة 500 متر، الأمر الذي رفضته الفصائل الفلسطينية، وبعد التدخلات المصرية أُجّل النقاش فيه إلى حين زيارة الوفد الأمني قطاع غزّة.
اتفاق غير مكتوب
عقب التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ، أعلن الجانب المصري نيته تحديد موعد لزيارة القطاع، لإعادة استكمال حوار التفاهمات الأخيرة المبرمة بين إسرائيل وحركة "حماس" بواسطته.
ولفت المصدر إلى أنّ شروط التهدئة غير مكتوبة، ومن دون وثيقة رسمية بين فصائل المقاومة والجانب الإسرائيلي، في حين أن خلاصة التدخلات المصرية تقضي بأنّ الهدوء مقابل الهدوء، ما إن "يلتزم الاحتلال تطبيق التفاهمات ولم يقم بشنّ غارات جديدة على القطاع".
وتوقع المصدر الفصائلي أن "يُبقي الاحتلال على موجة التصعيد مفتوحة، ويزيد من حالة التوتر لإجهاض مليونية مسيرة العودة المقرّرة، من خلال رفع منسوب التصريحات التوتيرية التصعيدية التي سوف تصدر عقب الانتهاء من اجتماع الكنيست الإسرائيلي".
توتر مستمر
قصفت طائرات الجيش الإسرائيلي حوالي 50 هدفاً في قطاع غزّة، من بينها منازل مدنية ومقرات عسكرية تتبع للفصائل ومقرّ رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية ومقرّ الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية والأمن الوطني في الحكومة الموازية في غزّة، وأسفر القصف عن إصابة 11 مواطناً بجروحٍ مختلفة.
وعقب التوصل إلى وقف إطلاق النار، عزّز الجيش الإسرائيلي وجود قواته العسكرية على الحدود مع قطاع غزّة، وأعلن المنطقة أمنية مغلقة يمنع الاقتراب منها. وفي ضوء ذلك، استدعى مزيداً من جنود الاحتياط.
وفي غزّة رفعت وزارتا الصحة والداخلية جاهزيتهما للتعامل مع أيّ تصعيدٍ مقبل، وعمّ القطاع اليوم إضراب شامل طاول سلطة النقد والهيئات التعليمية والأسواق التجارية، في حين فتحت في محيط مستوطنات غلاف غزّة الملاجئ، وفعّل الجيش القبة الحديدية لاعتراض أيّ صاروخ قدّ يطلق من القطاع.