حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، تركيا من احتمال فرض عقوبات جديدة عليها، تشمل تدابير اقتصادية واسعة النطاق، ما لم يُحقق تقدّم باتجاه خفض التوتر مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط، في حين قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه اتخذ موقفاً صارماً هذا الصيف في ما يتعلق بأفعال تركيا في هذا الملف بغرض وضع خطوط حمراء لأن أنقرة تحترم الأفعال وليس الأقوال.
وقال ماكرون للصحافيين في مؤتمر صحافي، الجمعة الـ28 من أغسطس (آب)، "عندما يتعلّق الأمر بالسيادة في منطقة شرق المتوسط، يجب أن تكون أقوالي متسقة مع الأفعال". وأضاف "يمكنني أن أبلغكم أن الأتراك لا يدركون ولا يحترمون سوى ذلك... ما فعلته فرنسا هذا الصيف كان مهماً: إنها سياسة تتعلّق بوضع خط أحمر. لقد طبّقتها في سوريا"، في إشارة إلى الغارات الجوية الفرنسية على ما يُشتبه بأنها مواقع أسلحة كيماوية في سوريا.
وأوضح الرئيس الفرنسي أنه كان صارماً ولكنه التزم ضبط النفس. وقال "لا أرى أن استراتيجية تركيا في السنوات القليلة الماضية تتّسق مع استراتيجية دولة حليفة في حلف شمال الأطلسي... (وذلك) عندما تجد دولة تتعدى على المناطق الاقتصادية الخالصة أو تنتهك سيادة دولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي"، واصفاً إجراءات تركيا بأنها استفزازية. وتابع "كيف ستبدو مصداقيتنا في التعامل مع أزمة بيلاروسيا إذا لم نتخذ خطوةً إزاء الهجمات على سيادة الدول الأعضاء".
واتخذت ألمانيا نهجاً بعيداً عن المواجهة، وسعت للتوسط بين أنقرة وأثينا. وقال ماكرون "بدأت ألمانيا وشركاء آخرون يتفقون معنا على أن أجندة تركيا تثير المشاكل الآن". وأضاف "منذ ستة أشهر كان الناس يقولون إن فرنسا وحدها هي التي تنحي باللائمة على تركيا في الأحداث. الآن يرى الجميع أن هناك مشكلة".
"الامتناع عن التحرك بشكل أحادي"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بوريل من جهته قال إن التكتل يرغب في منح "الحوار فرصة جدية"، لكنه ثابت في دعمه البلدين العضوين في الاتحاد اليونان وقبرص في الأزمة، ما عزّز المخاوف من إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية.
وأعاد نزاع بشأن الحدود البحرية وحقوق التنقيب عن الغاز إشعال الخصومة التاريخية بين أثينا وأنقرة، إذ أجرى البلدان تدريبات عسكرية بحرية منفصلة في شرق البحر الأبيض المتوسط.
ووافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذين عقدوا اجتماعاً في برلين، على طلب قبرص فرض عقوبات على مزيد من الأشخاص على خلفية دورهم في عمليات التنقيب التي تجريها تركيا في مساحات مائية تطالب بها الجزيرة.
وبعد المباحثات، حضّ بوريل أنقرة على "الامتناع عن التحرك بشكل أحادي"، شرطاً أساسياً لإفساح المجال، لتحقيق تقدّم في الحوار. وقال "اتفقنا على أنه في غياب التقدّم من جانب تركيا، قد نضع قائمة بمزيد من القيود التي يتوقع مناقشتها خلال (اجتماع) المجلس الأوروبي في الـ24 والـ25 من سبتمبر (أيلول)".
ولدى سؤاله عن طبيعة العقوبات، قال بوريل إنه قد يجري توسيع نطاقها، لتشمل سفناً أو غيرها من الأصول المستخدمة في عمليات التنقيب، إضافة إلى حظر استخدام موانئ ومعدات الاتحاد الأوروبي، وفرض قيود على "البُنى التحتية المالية والاقتصادية المرتبطة بهذه الأنشطة". وأضاف أنه قد يجري النظر كذلك في فرض عقوبات واسعة ضد قطاعات بأكملها في الاقتصاد التركي، لكنه أشار إلى أن ذلك لن يحدث إلا في حال لم تثبت التدابير المحددة ضد عمليات التنقيب فعاليتها.
ترحيب يوناني وتنديد تركي
ورحّبت أثينا بالتطورات، إذ قال وزير خارجيتها نيكوس دندياس إلى وسائل إعلام يونانية الجمعة، "أعتقد أن الجانب اليوناني حصل على ما بإمكانه الحصول عليه، عقوبات محتملة في حال لم تختر تركيا خفض التصعيد، ولم تعد إلى الحوار". وأضاف "آمل أن تعود تركيا إلى صوابها، وتتوقّف عن الاستفزازات والأعمال التعسفية وانتهاك القانون الدولي".
في المقابل، ردّت أنقرة بغضب قائلة إن دعم الاتحاد الأوروبي "غير المشروط" لما وصفتها بمواقف اليونان وقبرص "المبالغ فيها"، يتجاهل مطالب أنقرة المشروعة، ويشكّل بحد ذاته مصدر توتر.
وقال متحدث الخارجية التركية هامي أكسوي، في بيان، "في وقت تشدّد تركيا كل مرة على الحوار والدبلوماسية، لن يساعد لجوء الاتحاد الأوروبي إلى لغة العقوبات في حل المشكلات القائمة، بل سيزيد من عزيمة بلدنا". وتابع "إذا كان الاتحاد الأوروبي يرغب في إيجاد حل بشرق المتوسط فعليه التحرك من دون انحياز، وأن يكون وسيطاً صادقاً".
وكانت تركيا قد أعلنت، الخميس، تمديد مهمة سفينة المسح الزلزالي "عروج ريس" والسفن الحربية المرافقة إلى خمسة أيام إضافية، تنتهي الثلاثاء، للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، كما أعلنت خططاً لإجراء "تدريبات للمدفعية" عند أطراف مياهها الإقليمية، في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر المتوسط يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، بعدما أجرت اليونان تدريبات، شاركت فيها فرنسا وقبرص وإيطاليا. لكن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قال إن التدريبات على إطلاق النار لا علاقة لها بالنزاع مع أثينا.