يكتسب الحوار مع سياسي بثقل وأهمية " أمين الجميّل" أبعادا نوعية في خضم الظروف الحالية التي يمر بها لبنان. فأمين الجميّل، هو الرئيس الأسبق للبنان ولد عام 1942، وهو ابن " بيار الجميّل " مؤسس حزب " الكتائب" . انضم لحزب والده عام 1961، ودخل البرلمان اللبناني نائباً لأول مرة عام 1970. صار رئيسا للبنان في سبتمبر (أيلول) 1982 وحتى سبتمبر 1988، خلفاً لشقيقه " بشير " الذي اغتيل قبل تقلده منصب الرئيس رسمياً. بعد انتهاء ولايته الرئاسية أقام في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية حيث عمل لفترة محاضراً بجامعة " هارفارد " الأميركية، وعاد للبنان عام 2000 وتولى منصب " الرئيس الأعلى" لحزب الكتائب.
أما عن اللحظة الحالية التي يعيشها لبنان، فهناك حالة صخب وقلق وارتباك وسيناريوهات مقلقة مفتوحة على احتمالات متنوعة، بعد الحدث الجلل الذي وقع في الرابع من يوليو 2020 ، ففي عصر ذلك اليوم الدامي لبنانيا، هز تفجير ضخم و استثنائي ميناء بيروت، خلف أكثر من 170 قتيلا، و حوالي 6000 مصاباً، و نحو 40 مفقوداً، و فتح الباب واسعاً على سيناريوهات سياسية عدة وصلت حد توقع نشوب حرب اهلية جديدة كالتي اندلعت عام 1975، واستمرت حتى العام 1989.
تنوعت التفسيرات بشأن سبب انفجار مرفأ بيروت، وحتى الآن لا يوجد ما يرجح تفسيراً على آخر.
وكان من بين القتلى الذين سقطوا جراء التفجير ، " نزار نيجاريان " الأمين العام لحزب الكتائب اللبناني، الذي يشغل سامي الجميّل، إبن الرئيس أمين الجميّل، موقع الرئيس فيه .
ارتبط نزار نيجاريان بعلاقات وثيقة مع عائلة الجميّل كانت فيها من العرى الإنسانية بقدر ما فيها من الأواصر السياسية ، لذا كان مهما أن نتحدث مع الرئيس أمين الجميّل عنه، ضمن ما حملناه له من أسئلة تدور حول الشأن اللبناني حاضره المرتبك و مستقبله الملفوف بالقلق.
نزار نيجاريان
في بداية اللقاء قدمنا العزاء للرئيس أمين الجميّل في الأمين العام لحزب الكتائب نزار نيجاريان، فقال عنه: " نزار كان من الشباب المناضلين الذين انضموا لحزب الكتائب في السبعينيات. ناضل على معظم الجبهات في ذلك الوقت واستمر في نضاله الوطني من خلال حزب الكتائب ثم هاجر لأسباب معيشية إلى قطر، ثم عاد إلى لبنان وأصر على أن يعود بينما كانت عائلته رحلت إلى كندا واستمر بلبنان وتابع نضاله الوطني من خلال حزب الكتائب وعُيّن مؤخراً أميناً عاما ًللحزب. و أمين عام الحزب هو من أهم المناصب بعد رئيس الحزب، وكان يشرف على الماكينة الكتائبية والتحركات الكتائبية وكانت له أياد بيضاء و نشاطات فعالة على الأرض وساهم في نجاحات عدة وتطوير حزب الكتائب خاصة في المرحلة الدقيقة الصعبة التي يمر بها لبنان. وهو خسارة كبيرة للحزب و سيترك فراغاً كبيراً بغيابه".
انتقلنا بعد ذلك في الحديث مع الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميّل، إلى سؤاله حول قراءته لملابسات وتداعيات الواقع السياسي اللبناني الراهن، والذي كان أحدث حلقاته وأشدها مأساوية منذ سنوات طويلة تفجير مرفأ بيروت، فقال بلغة يلفها الأسى:
" لا أريد أن أتوقف عند المسئوليات الراهنة. لكن التعاطي مع الشأن العام كان تعاطياً سيئاً جداً. و أخطر ما عانينا منه في السنوات الأخيرة قبل الأحداث التي نعيشها اليوم، من تفجيرات أو أزمات الاقتصاد والمال والعملة اللبنانية وكورونا، قبل كل ذلك كانت هناك أزمة ثقة بين الحكّام والشعب أسست لكل هذه المعاناة التي يمر بها لبنان اليوم. وأعتقد أن كلمة ثقة تلخص كل ما يعيشه لبنان اليوم أو بالأحرى عدم الثقة. كانت هناك هوة كبيرة جدا بين السياسيين وبين الشعب. والأداء السياسي في لبنان كان أداء سيئاً جدا وكان هناك فراق كبير بين الطاقم الحاكم وبين الشعب اللبناني وهذا استمر فترة طويلة ونتيجة عدم الثقة تفككت الإدارة اللبنانية وتفككت الحوكمة لدرجة أنه لم يكن هناك أي نوع من الحوكمة والحسّ بالمسؤولية من قبل الحكم والنواب. كانت هناك تصرّفات عشوائية وكل سياسي صار يعمل على هواه وانطلاقا من مصالحه و مصالح ربعه على حساب مصالح الدولة اللبنانية والشعب اللبناني بأسره. كنا نعاني من عدم وجود حوكمة رشيدة في البلد مما أدى لتراكم الأزمات وتراكم في الفساد وتراكم في قلة المسئولية والإدراك على صعيد تسيير الشأن العام وهنا كان بيت القصيد وهنا كانت دلائل عديدة نتوقف عند إحداها وهي مثلاً الموازنة الوطنية التي كان يقرها مجلس النواب على مدى السنوات الماضية التي كانت تنذر بهذه العواقب. كان الإنفاق يفوق المداخيل ( الدخل ) بأشواط، وكان المسؤول لا يبالي وكانت طريقة وضع الموازنة هي بداية الكارثة وحصل ذلك على سنوات من دون إدراك خطورة هذا الواقع حيث أن إدارة المال العام كانت بشكل عشوائي على حساب المصلحة اللبنانية من الناحية المالية و الاقتصادية و الاجماعية . كان هناك تصرف عشوائي في المال العام حتى أنه وصلت المديونية لأكثر من 100 مليار دولار في بلد صغير وموازنة مختصرة جدا وبلد بحجم لبنان لا يمكنه أن يتحمل هذا القدر من المديونية .
تابع الرئيس اللبناني الأسبق قائلا: " لا أريد أن أعود للوراء في الحالة التي وصلنا إليها وإنما أحاول تفسير الواقع الذي نتخبط فيه الآن وهو بسبب عدم إدراك الطاقم السياسي الذي كان أقرب للمصالح الشخصية والأنانية، نتج عنه نظام "زبائني" يقوم على الفساد و التفريط في الصالح العام أفقد لبنان كل مصداقية على الصعيد الدولي والإقليمي، عندها تعثرت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. فالواقع أصبح لا يطاق والمعالجة أصبحت صعبة جداً بسبب كل هذه التراكمات. فقد كان يعوّض على سد النقص في الموازنة بالأموال التي يرسلها المغتربون اللبنانيون في الخارج والمشروعات التي كان يقيمها أصدقاء لبنان في البلد كل ذلك تعثر بسبب الأزمة المالية الدولية. كان لبنان معروفاً بانفتاحه على العالم لا سيما العالم العربي وخصوصا دول الخليج العربي التي كانت تتعامل مع لبنان باعتباره أخاً عزيزاً و يوظفون الأموال في لبنان وينفقون في لبنان وكانوا دائما بجانب لبنان على الصعيد السياسي و الاقتصادي والاجتماعي ولا يتأخرون عن دعم لبنان كلما دعت الحاجة. فجأة ومن دون سبب، قرّر حكّام لبنان مخاصمة تلك الدول العربية لصالح إيرات، فقاطعته بدورها.
محور حزب الله وإيران في لبنان
واصل الرئيس امين الجميّل كلامه قائلاً: الذي حصل في الآونة الاخيرة وبسبب السياسة العدائية واللامسؤولة التي مارستها الحكومات اللبنانية المتعاقبة بحق بعض الدول في الخليج العربي وإدخال لبنان في محور عدائي، محور إيران، قاطعت تلك الدول لبنان سياسياً وإقتصادياً. وهذا أثار تحفظ أو عداء الدول الأخرى من أوروبية وعربية وحرم لبنان من أي دعم خارجي. وأوضح الرئيس اللبناني الأسبق أن تفجير مرفأ بيروت كارثة لها تأثيرات خاصة ، قائلا:
" تفجير المرفأ له نتائج مأساوية على صعيد لبنان ككل لأن هذه المنطقة هي قلب لبنان النابض ومحور الاقتصاد اللبناني ومحور الحياة الاجتماعية والأكاديمية. كذلك كان لهذه الكارثة تأثير بالغ على الواقع اللبناني وأعتقد أنه لن يكون سهلا على لبنان أن يتجاوز هذه المرحلة ويبقى لبنان يتخبط في نتائج هذه الأزمات لفترة من الزمان ". سألنا الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميّل حول تصوره للخروج من المأزق السياسي الراهن فقال: "ضروري أولا من أجل معالجة الوضع لابد من إيجاد " مُحاوِر" يجسد الإرادة اللبنانية ويحيي الثقة. المؤسف أن هذا المحاور غير موجود في الوقت الحاضر ومن الصعب إيجاده بسبب هذه الهيمنة والضغوطات، لا بل الوصاية الإيرانية على لبنان، المتمثلة في حزب الله ، الذي تمكن من إنتخاب رئيس جمهورية موالٍ له، أي الى إيران".
لكن الرئيس امين الجميّل يرى أنه برغم هذا الوضع ، فإن هناك ما يدعو للتفاؤل:
" ما يجعلنا نتفاءل هو ظاهرة انتفاضة 17 اكتوبر 2019 حيث حصل نوع من الانقلاب الشعبي والذهني والصدمة الإيجابية على الساحة اللبنانية حيث تجمع الشعب اللبناني بكل فئاته من مسلمين و مسيحيين، ومن الشمال والجنوب من اليمين واليسار في ساحات بيروت للمطالبة بالإنقاذ والعودة إلى لبنانية لبنان والخلاص من كل الضغوطات وكانت هذه الصدمة الإيجابية والوعي الكبير على الصعيد الشعبي اللبناني الذي تجمع ليقول كلمة " كفى " وينتفض على كل هذه الطبقة الحاكمة التي أوصلت لبنان لكل ما وصل إليه وكانت ظاهرة فريدة في تاريخ لبنان. تلك المظاهرات هي انتفاضة الضمير اللبناني إن صح التعبير والوعي اللبناني ونوع من رسالة قوية جدا من الشعب اللبناني يقول لكل من تحمل مسئوليات كفى ويطالبون بالمحاكمة الجماعية لكل هؤلاء الذين أجرموا في حق لبنان لأن الذي حصل هو جرم بكل معنى الكلمة بحق الشعب اللبناني والمصير اللبناني فهذه الانتفاضة هي مبعث الأمل للشعب اللبناني لأننا نعتبر أن هذه فرصة وإن تمكننا من أن نفعّل هذه الحركات وأن نترجمها سياسيا و انتخابيا على الأرض فسيكون بداية الخلاص لذلك هناك بعض السياسيين يطالبون بانتخابات مبكرة وهذا منطق سليم لأن الطريق الوحيد لتجنيب هذه الطبقة السياسية هي الانتخابات التي تشارك فيها هذه الجماهير المنتفضة. الجماهير الثورية. التي تطالب بالحداثة والتي تطالب بالشفافية والنزاهة والحوكمة الرشيدة، ولا سيما تطالب بسيادة الوطن ورفع الهيمنة الخارجية عنه. إذا مكنا هذا الشعب من أن يعبر عن إرادته و مشاعره وأهدافه ومشاريعه المستقبلية الشافية للبنان فستكون بداية المرحلة. وبالطبع الحكام الحاليون والذين يرفضهم الشعب يعملون على التصدي لهذه الحركة للحفاظ على نفوذهم ومصالحهم ومكتسباتهم . هناك الآن صراع بين الطبقة الحاكمة الجشعة وبين الثورة الشعبية العارمة الصادقة الشفافة التي تعمل لانتشال لبنان من المستنقع الذي يتخبط فيه في الوقت الحاضر . صراع واضح هل يمكن لهذه الثورة أن تفرض مشروعها اللبناني الإنقاذي أم أنه ستنتصر الطبقة السياسية بإبقاء لبنان في هذه الحالة اللاوجدانية". وعن دور الدول الصديقة للبنان قال الرئيس اللبناني الأسبق: "هناك مسؤولية على أصدقاء لبنان لاسيما الدول التي تؤمن بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أن تساعد هذه الثورة وهذا ليس إطلاقا تدخلا في شئون لبنان وليس اصطفافا في جانب فريق على حساب آخر. وإنما هذا هو دعم للبنان الإنسان ولكي يعود لبنان لأداء رسالته. وهذا ضرورة لمنطقة الشرق الأوسط و لذلك من الضروري أن يساهم أصدقاء لبنان في مغامرة إنقاذ لبنان من تلك الدوامة". ولأن اتفاق الطائف الموقع في المملكة العربية السعودية، عام 1989 والذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية ، محطة مفصلية أسست للثلاثين عاما ًالسابقة من حياة لبنان السياسية فكان لابد من سؤال الرئيس امين الجميّل عن الاتفاق و ماذا بقي منه. فقال:
" لاشك أن اتفاق الطائف كانت له حسنات كثيرة وأياد بيضاء، والفضل يعود الى المملكة العربية السعودية التي أوقفت الحرب اللبنانية مرحلة الأزمة لاسيما مرحلة الصراع اللبناني الفلسطيني في السبعينيات والصراع بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية فكانت هناك مبادرة سعودية مشكورة ، إنما الضغوطات التي مورست في ذلك الوقت على المفاوضات التي أدت لاتفاق الطائف أزاحت اتفاق الطائف عن أهدافه الحقيقية و حصلت نوع من الهرطقات مع تقديرنا لمبدأ هذا الاتفاق لأني لا أريد أن أستثير بعض الفئات اللبنانية التي ترى في اتفاق الطائف إنجيلا و قرآنا، لكن تمكنت سوريا في ذلك الوقت من أن تزيح الاتفاق عن أهدافه الحقيقية و أدخلت بعض البنود التي كانت تعتبر إصلاحات لكنها فككت المؤسسات التي كانت تضبط أداء المؤسسات اللبنانية ومنذ ذلك التاريخ بدأت الإدارة اللبنانية تنحرف عن مسارها الطبيعي و فككت بعض المؤسسات الرقابية مثلا التفتيش المركزي لم يعد له أي تأثير أو فائدة و كذلك ديوان المحاسبة. هناك مؤسسات أساسية في الدولة اللبنانية تقريبا تعطلت وهذا ما سهل منطق الفساد و التضعضع على الصعيد الإداري والهيمنة الخارجية وندفع اليوم ثمن هذا التفكك. تفككت الإدارة اللبنانية وتزعزعت المؤسسات الحامية للدستور ولحقوق الإنسان ولضبط فرض الشفافية. منذ ذلك التاريخ بدأ الجو السياسي يتأزم والمواطن بدأ يفقد ثقته بالمؤسسات وبالحكام، لذا بدأت حديثي بالقول أن المشكلة الحقيقية هي فقدان الثقة، الثقة بالمؤسسات اللبنانية الحامية للدستور وذلك بسبب مجىء طاقم سياسي اعتبر نفسه هو القانون وهوالدستور و لم يكن يتمتع بالضمير أو الوطنية التي تضمن الصالح العام. المحطة التالية في حديثنا مع الرئيس امين الجميّل كانت حول رؤيته لموقع حزب الكتائب من الوضع اللبناني الراهن:
"بكل موضوعية أقول أنه إذا عدنا لتاريخ حزب الكتائب، وهذه كانت مدرسة بيار الجميّل ، بيار الجميّل كان عنده شعار " لا توجد شطارة إلا بالصدق ". هذا الرجل كان مشهوراً بشفافيته ونزاهته. لذلك حزب الكتائب كان خارج المنظومة الانتهازية وممارسة رئيس حزب الكتائب في الآونة الأخيرة سامي الجميّل، كانت دليلاً على ذلك وفي عدة ظروف استقال من الحكومات اعتراضاً على الزبائنية وعدم الشفافية فاستقال أيضاً من النيابة عندما اعتبر أنه ليس له مكان في هذه المنظومة الانتهازية التي تدير البلد. فانسحب من مجلس النواب والتحق بالثورة بل كان من المبشرين بها والداعمين لها. هذا هو حزب الكتائب" .
لا أثق أن الحقيقة ستظهر بشأن المتسبب في انفجار المرفأ
وبشأن توقعاته لمآل ونتائج التحقيقات الجارية حول أسباب انفجار مرفأ بيروت، قال الرئيس امين الجميّل:
" نأمل أن تظهر الحقيقة كاملة في هذا الانفجار لكن ليس عندي آمال كبيرة في هذا الشأن لأن هناك مسؤوليات كبيرة وعلى أعلى مستويات، لذلك أتخوف من أن تمارس ضغوطات على التحقيق كي لا تظهر الحقيقة كاملة ويذهب ضحية التحقيق موظفون صغار لا تقع عليهم المسؤولية الحقيقية في هذا الانفجار. هناك مسؤوليات أعلى، وعلى الصعيد اللبناني هناك مسؤوليات على أعلى مستوى وخارجيا لا نعرف إلى أي حد هناك مسؤولية على بعض الأطراف إن كانت إجرامية أو اذا كانت فقط أخطاء مسلكية. لكن لا شك أن مأساة بهذا الحجم لا يمكن إلقاء المسؤولية فيها على مسؤولين صغار، هناك مسؤولية القيادات الكبيرة في البلد والأطراف الخارجية التي شاركت بشكل أو بآخر. عندنا رئيس جمهورية يعترف بأنه علم بالخطر قبل أسابيع من الانفجار ولم يقم بأي خطوة لمعالجة الكارثة. هو ورئيس الحكومة لم يحركا ساكنا. هناك مسؤوليات يجب أن توضح وانا أشك وأخشى أن يبقى التحقيق على مستوى ثانوي ولا يتناول المسؤوليات التي في أساس الأسباب التي أدت لهذه الكارثة". وفي معرض الحديث حول أسباب انفجار مرفأ بيروت، سألنا الرئيس امين الجميّل حول ما يراه البعض من أن التفجير يستهدف التحالف القائم بين حزب الله وبين التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون، فقال: "هذه المأساة هي أكبر من ان تُختصر بالعلاقة ما بين الحزب والتيار. لا شك أنه ربما يظهر التحقيق أن هناك مسئولية لحزب الله في هذا التفجير، إنما بنظري بكل الاحوال يقتضي التوقّف عند المسؤوليات المتعددة والمعقّدة لهذه الكارثة".
الجنائية الدولية أدانت حزب الله و سوريا في مقتل الحريري
انفجار مرفأ بيروت جاء قبل أيام قليلة من صدور حكم المحكمة الجنائية الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وعن هذا الحكم قال الرئيس امين الجميّل: " هناك خيبة أمل لدى العديد من اللبنانيين، بعد صدور حكم المحكمة الجنائية الدولية في قضية اغتيال الحريري ، لكن مضمون هذا الحكم أدى إلى النتيجة المطلوبة. ولا أعتقد أنه لا فائدة منه أو لم يكن له أي وقع على الصعيد القانوني. أن هذا الحكم حكم على أحد قيادات حزب الله وهذا واضح، فسواء حكم على شخص أو عشرة أو مئة، فالنتيجة واحدة هي تحميل حزب الله المسئولية، خصوصا كون أن هذا الشخص مسؤول كبير في حزب الله ، ومن غير المنطقي وغير الطبيعي أن يعتقد أحد أن هذا التصرف فردي، فإذن، أشار حكم المحكمة بالإصبع على المسؤول الأساسي، ولم يجهّل الجاني، فالمسؤولية واضحة، كذلك إن حيثيات القرار دلّت أن الدوافع واضحة ، عندما تكلّم عن القرار الدولي 1559، الذي يزعج سوريا وعن انتشار حزب الله حليف إيران على الساحة اللبنانية ".
لا حرب أهلية جديدة
وعن توقعات البعض أن تمتد تأثيرات وتوابع انفجار بيروت السياسية للزج بلبنان في أتون حرب أهلية جديدة، قال الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميّل: " لا أعتقد أننا بصدد عودة الحرب الأهلية. هناك مثل فرنسي يقول: الحرب توقفت بسبب عدم وجود محاربين. لا أعتقد أن حزب الله بصدد حمل السلاح في الداخل اللبناني والتسبب بحرب أهلية، ذلك ليس من مصلحته السياسية رغم أنه يمتلك السلاح الكافي. لا سيما وأنه دائما يسعى لمصالحة داخلية بشروطه وتشكيل حكومات الوحدة الوطنية وما إلى ذلك. أيضا، الطرف الآخر ليس لديه سلاح من أجل الانخراط في حرب داخلية كما حدث في السبعينيات. لكن الأخطر من الحرب الأهلية هو الفراغ. وغياب كامل للسلطة التي تدير هذا البلد. الفراغ أخطر من الحرب الأهلية. في حالة الحرب الأهلية هناك إمكانية لمصالحة أو هدنة. الفراغ يخيف أكثر من الحرب الأهلية ".
تكليف أديب تشكيل الحكومة
لقد تم اليوم تكليف السفير مصطفى أديب بتشكيل الحكومة الجديدة، ما رأيكم في ذلك؟
أنا أعرف السفير مصطفى أديب، وهو من خيرة الناس، ومعروف بجدارته وشفافيته. إنما المشكلة في غير مكان: هل سيتمكن من تشكيل حكومة مستقلة تماماً وشفّافة وقادرة على فرض إستقلاليتها على القوى التي سمّته؟ هذا هو السؤال، وأخشى أن تكون الظروف وشهوات القيادات السياسية أقوى من نوايا والطموحات الإصلاحية للرئيس المكلّف.