وقّع مجلس سوريا الديمقراطية وحزب الإرادة الشعبية في العاصمة الروسية موسكو، مذكرة تفاهم سياسي تتعلق بمستقبل حل الأزمة في سوريا.
ووصل وفد من مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) ترأسته إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية، بدعوة من الخارجية الروسية إلى موسكو، بينما التقاهم لتوقيع المذكرة قدري جميل أمين عام حزب الإرادة الشعبية الذي يتزعم الجبهة الشعبية للتغيير التحرير وعضو منصة موسكو للمعارضة السورية.
وتضمّنت مذكرة التفاهم بين الطرفين خمس نقاط، اتُفق فيها على ملامح الحل السياسي للبلاد، بعد عقد لقاءات ثنائية بينهما خلال الفترة المنصرمة.
بنود المذكرة
وحسب المذكرة فإن سوريا الجديدة هي سوريا موحدة أرضاً وشعباً، وهي دولة ديمقراطية تحقق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، وتفتخر بكل مكوناتها (العرب، والكرد السريان الآشوريين، والتركمان الأرمن، والشركس)، وترى في تعددها الهُوياتي عامل غنى يعزز وحدتها ونسيجها الاجتماعي. دستورها ديمقراطي يحقق صيغة متطورة للعلاقة بين اللا مركزية التي تضمن ممارسة الشعب سلطته المباشرة في المناطق، وتحقق الاكتفاء الذاتي والتوزيع العادل للثروات والتنمية في عموم البلاد، والمركزية في الشؤون الأساسية (الخارجية، والدفاع، والاقتصاد).
وتشير المذكرة إلى أنّ الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة السورية، وهو الحل الذي يستند إلى سيادة شعبها بكل مكوناته وحقه في تقرير مصيره بنفسه، عبر الحوار. وفي هذا الإطار فإنّ الطرفين يدعمان ويعملان لتنفيذ القرار 2254 كاملاً، بما في ذلك تنفيذ بيان جنيف، وضم منصات المعارضة الأخرى إلى العملية السياسية السورية، بما فيها مجلس سوريا الديمقراطية، بوصف هذا القرار أداة لتنفيذ حق الشعب في استعادة السيادة غير المنقوصة، والعمل على إنهاء كل العقوبات وكل أشكال الحصار المفروضة على الشعب السوري، وتسييس المساعدات الإنسانية، وإنهاء كل الاحتلالات وأشكال التدخل الخارجي وحواملها المختلفة، وصولاً إلى خروج كل القوات الأجنبية من الأرض السورية.
التنوع المجتمعي
وترى المذكرة أن دولة المواطنة المتساوية المأمولة في سوريا تؤكد التنوع المجتمعي السوري، والتزام إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية وفق العهود والمواثيق الدولية والإقرار الدستوري بحقوقهم، والحقوق القومية للسريان الآشوريين وجميع المكونات السورية ضمن وحدة البلد وسيادته الإقليمية.
الإدارة الذاتية
وورد في المذكرة أيضاً، أن الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها، ضرورة موضوعية وحاجة مجتمعية متعلقة بظروف البلد وحاجات المنطقة التي أنتجتها الأزمة الراهنة، ومن المهم الاستفادة من تجربة الإدارة الذاتية إيجاباً وسلباً، كشكل من أشكال سلطة الشعب في المناطق، ينبغي تطويره على المستوى الوطني العام، وفي إطار التوافق بين السوريين، وبما يعزز وحدة الأراضي السورية وسيادة دولتها ونظامها الإداري العام.
وأخيراً، تعتبر المذكرة، التي وقّعت في موسكو، الجيش السوري المؤسسة الوطنية العامة التي ينحصر بها حمل السلاح ولا تتدخل بالسياسة. وينبغي أن تكون قوات سوريا الديمقراطية، التي أسهمت بشكل جدي في الحرب على الإرهاب ولا تزال تعمل على تعزيز العيش المشترك، منخرطة ضمن هذه المؤسسة على أساس صيغ وآليات يجري التوافق عليها.
وبناءً على ما تقدّم، اتفق الطرفان على تعزيز التواصل والتنسيق على المستوى السياسي العام، والعمل المباشر. وأكد الطرفان ضرورة العمل المشترك لضمان إشراك مجلس سوريا الديمقراطية في العملية السياسية بكل تفاصيلها، على رأسها اللجنة الدستورية السورية.
وعبرت إلهام أحمد، في أثناء مراسم توقيع المذكرة بمؤتمر صحافي، عن أملها في اقتراب موعد الحلّ السياسي في البلاد، مع بدء توقيع الاتفاقات والتفاهمات بين القوى الديمقراطية السورية، بينما وصف قدري جميل المذكرة بـ"المهمة"، وأن القوى السورية المختلفة بحاجة إلى توافقات وتفاهمات عبر الحوار.
بيان الخارجية الروسية
وعقب توقيع الاتفاق التقى وفد مشترك من الطرفين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مبنى الوزارة، وأصدرت الخارجية بياناً ورد فيه أن لافروف أكد استعداد روسيا "الثابت" لمواصلة تعزيز حوار شامل وبنّاء بين السوريين من أجل "الاستعادة السريعة لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها وتعزيزها"، إلى جانب تهيئة الظروف للتعايش المتناغم والتنمية لجميع المكونات العرقية والدينية في المجتمع السوري.
كما أشارت الخارجية الروسية إلى أن الاجتماع ناقش قضايا الساعة المتعلقة بتسوية سورية، عن طريق التوصل إلى اتفاقات سورية شاملة على أساس أحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
من جهته، قال سيهانوك ديبو، عضو وفد "مسد" إلى موسكو وممثله في العاصمة المصرية القاهرة، إن منصة موسكو جزء أساسي من المعارضة الرسمية السورية، وإنها ستتبنى ما جاء في مذكرة التفاهم الموقعة بين مجلس سوريا الديمقراطية وحزب الإرادة الشعبية "لا سيما التركيز على اللا مركزية بصلاحياتها التي جاءت في نقاط المذكرة ومركزية الدولة المعهودة، على أن تضمِّن ذلك في دستور ديمقراطي للبلاد".
وأضاف ديبو أن المذكرة تقبل بشكل الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها "كشكل متقدم من أشكال الحلّ للأزمة السورية"، وتطويرها لتكون معممة على كامل البلاد وفق تعبيره.
وشدّد ممثل "مسد" في القاهرة على أن المذكرة ركّزت على التزام إيجاد حل ديمقراطي للقضية الكردية وعموم مكونات البلاد العرقية والدينية.
ووصف ديبو التقارب الحاصل بين الطرفين الموقعين على مذكرة التفاهم بأنه ستكون له تأثيرات إيجابية على مسارات الحل، إذ يتحرك مجلس سوريا الديمقراطية على محاور محلية، لتعميم نموذج الإدارة الذاتية، إلى جانب تطوير العلاقات الدبلوماسية على الصعيد الإقليمي مع عدد من الدول الفاعلة في المنطقة، لا سيما مع مصر، وكذلك التفاهم "المتبادل والمتوازن" مع روسيا، لتحقيق ما له من تأثير مستدام على حلّ الأزمة السورية على حد تعبيره.
وحول لقائهم وزير الخارجية الروسي، قال ديبو إن الجانب الروسي أبدى دعمه لكل نقاط المذكرة، ووصفها بـ"المذكرة القوية"، مضيفاً أن روسيا تحاول إشراك ممثلي شمال سوريا وشرقها، خصوصاً المكون الكردي "المستبعَد" في العملية السياسية.
وفي رد سريع على الخطوة السياسية بين الطرفين السياسيين السوريين ولقائهما وزير الخارجية الروسية، رفضت الخارجية التركية ما جرى في موسكو، داعية روسيا إلى الابتعاد عن أي خطوات تخدم أجندات، سمّتها أطرافاً مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، حسب ما نشرته وكالة أنباء الأناضول الرسمية.