من المؤسف حقا ما يعيشه اليوم مخرج سينمائي كبير مثل محمد إسماعيل. فقد ظهر الرجل مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي ليقول: "أفنيتُ عمري في خدمة وطني، وها أنا اليوم أموت مثل حشرة". وينتمي محمد إسماعيل إلى فئة من الفنانين الذين لا يمكن أن يطلقوا جملة مريرة كهذه دون أن يكون وراءها الكثير من الحسرة والألم. فالرجل معروف باحترافيته ومصداقيته في الحقل السينمائي في بلاد يفترض أنها، مثلما هو متداول عنها، سخية في دعم الفن السابع.
وكانت زوجة محمد إسماعيل ظهرت في فيديو بجانب زوجها في مستشفى المضيق شمال المغرب، وهي تتحدث عن الأسباب التي كانت وراء تدهور وضعه الصحي، متأسفة لأن تكون السينما التي وهبها الرجل حياته هي التي تهدد هذه الحياة اليوم. فالمخرج المغربي أصيب بانهيار عصبي أولا ثم بجلطة دماغية بعده، بسبب مشاكل فيلمه الأخير "لامورا"، بحيث اضطر إلى أن يضع في هذا العمل كل ماله الخاص، ومع ذلك تراكمت عليه الديون. ووقّع عدداً من الشيكات التي تقدم بها أصحابها إلى البنك، قبل وصول ما تبقى من الدعم، الضعيف أصلا، والذي يغطي فقط ثلث الإنتاج بحسب زوجة محمد اسماعيل، التي اتهمت أيضا مدير الإنتاج بعدم الاحترافية والتبذير وسوء ترشيد الدعم، بل والنصب والاحتيال.
وكان محمد إسماعيل قد اعتبر منذ بداية تصوير الفيلم العام الماضي أنه وضع حبل مشنقة في عنقه، مؤكدا أن الدعم الذي تلقاه لن يوفقه لإعداد الفيلم وفق ما يطمح إليه، منتقداً الكثير من الجهات التي قدمت له وعوداً بخصوص اللوجيستك، ثم أغلق مسؤولوها هواتفهم في وجهه. عبّر إسماعيل عن يأسه من الجميع، وناشد الملك من أجل التدخل.
وكانت زوجة المخرج المغربي قد صرّحت بأنه في ظل غياب تدخل الجهات المسؤولة عبّر عدد من المخرجين المغاربة عن نيتهم في توفير كل ما يحتاجه صديقهم محمد إسماعيل، الذي اشتكى من عدم تواصل المركز السينمائي معه في محنته المهنية والصحية. غير أن المركز أعلن، وإن كان ذلك متأخراً، عن عزمه مساعدة محمد إسماعيل عبر توفير مصاريف العلاج.
يرقد المخرج المغربي الآن في المستشفى العسكري بالرباط، الذي نقل إليه أول أمس، في وضع أفضل. غير أن أسئلة كثيرة ستبقى مفتوحة على الدوام، من بينها: لماذا تحظى أعمال سينمائية ضعيفة بكرم الدعم، بينما تعيش مشاريع احترافية حالة ضيق؟ ولماذا يتم إقحام أشخاص في مجال لا خبرة لهم فيه؟ ولماذا على الفنان المغربي أن يعيش حالة إذلال قبل أن يتم الالتفات إلى محنته؟