مع تمسك أنقرة بالتنقيب عن الغاز قبالة السواحل اليونانية، رأى رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، في حديث إلى وكالة "رويترز"، أن تركيا تجازف بالدخول في مواجهة عسكرية بشرق المتوسط، لأنها تعطي للقوة أولوية على الديبلوماسية.
ودبّ الخلاف بين داود أوغلو وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم العام الماضي، ليؤسس بعد ذلك حزب "المستقبل". وقاد داود أوغلو خلال توليه رئاسة الوزراء أثناء العقد الأول من حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، سياسة أقل تصادماً. وميّز أسلوبه القائم على أساس "لا مشكلات مع الجيران"، تعاملات أردوغان المبكرة مع أوروبا والشرق الأوسط.
وانتقد رئيس الوزراء السابق ما وصفه بالميل إلى الاستبداد في ظل نظام الرئاسة التنفيذية الجديد في تركيا، واتهم الحكومة بسوء إدارة سلسلة من التحديات، بينها الاقتصاد وتفشي فيروس كورونا والتوتر المتصاعد في شرق البحر المتوسط.
الخلاف مع اليونان
وكانت تركيا أرسلت الشهر الماضي سفينة ترافقها فرقاطات للتنقيب عن النفط والغاز، في منطقة مياه تعلن اليونان أحقيتها فيها، في خطوة وصفتها أثينا بغير المشروعة. وهناك خلاف بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي بخصوص مدى الجرف القاري لكل منهما، والمناطق الاقتصادية الخالصة لهما في البحر.
وفرض الاتحاد الأوروبي، الذي يساند اليونان العضو فيه، عقوبات بسيطة على تركيا، وألقى تصادم سفينة بحرية تركية بأخرى يونانية الشهر الماضي الضوء على احتمالية التصعيد العسكري بين الطرفين.
وفي الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي، أعلنت أنقرة تمديد عمليات التنقيب عن الغاز شرق المتوسط، متجاهلة الدعوات الدولية إلى تخفيف التوتر مع أثينا.
الديبلوماسية أولا
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال داود أوغلو إن أنقرة لديها تظلمات حقيقية في شأن مطالب اليونان بالأحقية في عشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة في البحر، وصولاً إلى ساحل تركيا على البحر المتوسط، لكن النهج الذي يتبعه أردوغان ينطوي على مجازفات شديدة.
وأضاف في مقابلة، "للأسف حكومتنا لا تقدم أداء ديبلوماسياً لائقاً"، وقال إنه إذا كانت اليونان وتركيا تفضّلان "استعراض القوة على الديبلوماسية، فإن أية أزمة قد تنشب في أي وقت وتتصاعد".
وأوضح أوغلو أنه ينبغي على تركيا أن تقول للاتحاد الأوروبي بوضوح "دعونا نجلس ونتبادل جميع الآراء". وأضاف أنه يتعين على أنقرة الجلوس مع اليونان "لمناقشة كل الأمور ووقف تصعيد التوتر".
وخلال الشهر الماضي، قالت حكومة أردوغان إنها كانت على وشك الإعلان عن استئناف المباحثات مع اليونان، عندما وقعت الأخيرة اتفاقاً لترسيم حدودها البحرية مع مصر، في اتفاق يتعدى على المياه التي تقول أنقرة إنها من حقها، وأوقفت تركيا عملية التفاوض على سبيل الاحتجاج، ولم تحقق زيارة وزير الخارجية الألماني لكل من تركيا واليونان الأسبوع الماضي نجاحاً على ما يبدو، وسيناقش زعماء الاتحاد الأوروبي الخلاف في سبتمبر الحالي، وقد يتخذ التكتل مزيداً من الإجراءات ضد أنقرة.
تقويض شعبية "العدالة والتنمية"
أثناء توليه منصب وزير الخارجية التركي من عام 2009 إلى عام 2014 ثم رئاسة الوزراء للعامين التاليين، عمل داود أوغلو على تقوية علاقات بلاده ونفوذها في البحر المتوسط والشرق الأوسط.
لكن جرى تعليق المباحثات التي استمرت سنوات مع اليونان في عام 2016، وخرجت استراتيجية داود أوغلو تجاه الشرق الأوسط عن مسارها في خضم انتفاضات الربيع العربي، عند انهيار العلاقات مع سوريا ومصر بسبب دعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين.
وحزب "المستقبل" بزعامة داود أوغلو، واحد من حزبين انشقا عن "العدالة والتنمية"، ولم يحقق أي منهما نسباً في خانة العشرات في الانتخابات التي جرت أخيراً، لكن ما حققه الحزبان من تقويض للدعم الذي يحظى به الحزب الحاكم يجعل سعي أردوغان لكسب الأغلبية في الانتخابات المقررة عام 2023 أكثر صعوبة.