وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس من يقبل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام بأنه "خائن لفلسطين، وبائع للقضية الفلسطينية"، بالتزامن مع ضغوط أميركية للقبول بالخطة وصلت حد التلويح بإيجاد قيادة جديدة بديلة للشعب الفلسطيني.
وخلال اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، أشار عباس إلى وجود وساطة واتصالات يومية تحثه على العودة إلى مفاوضات تكون خطة ترمب مرجعية لها وبديلاً عن قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام، لكنه يرفضها "على الرغم من الضغوط الهائلة".
وشدد الرئيس الفلسطيني على أنه "لن يجلس على طاولة تكون عليها خطة ترمب"، لكنه أبدى استعداده للدخول في مفاوضات بجدول زمني محدد تقوم على مبادرة السلام العربية لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967.
واتهم عباس واشنطن بالعمل على دفع منظمة التحرير الفلسطينية إلى الانهيار من خلال الضغط على الدول العربية لعدم منحها قروضاً مالية للفلسطينيين في ظل الأزمة المالية الطاحنة، مؤكداً "لن ننهار ولن نسقط مهما بلغ الضغط الأميركي".
قيادة جديدة
يأتي ذلك بعد يومين على تصريحات لجاريد كوشنير، كبير مستشاري الرئيس الأميركي، قال فيها إن الشعب الفلسطيني يستحق قيادة جديدة قادرة على توفير حياة أفضل له، مضيفاً "توجد خطة أمنية توفر الأمن للفلسطينيين والإسرائيليين، أقول للشعب الفلسطيني: العالم يريد أن توفر حياة أفضل لكم، لكنكم تحتاجون إلى قيادة قادرة على ذلك".
في المقابل، رفض أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عرض كوشنير، مشيراً إلى أنه "خارج إطار نظام الدولة الوطنية، وسمح لإسرائيل بضم القدس الشرقية، ويتيح لها ضم 33 في المئة من الضفة الغربية، وفرض سيادتها الأمنية الكاملة بين نهر الأردن والبحر المتوسط".
وكان المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دنون قال في فبراير (شباط) الماضي إنه "لن يكون هناك أي تقدم في عملية السلام ما دام أبو مازن في منصبه"، مهاجماً عباس لعدم قبوله خطة ترمب للسلام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرفض الفلسطينيون بشكل قاطع خطة ترمب، ويعتبرونها خطة للاستسلام وتصفية لحقوقهم الوطنية، ولا تمنحهم سوى دولة بلا سيادة مقطعة الأوصال ومحاطة بإسرائيل من جهاتها الأربع، بعد شطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف تصريحات كوشنير "ابتزازاً رخيصاً للشعب الفلسطيني، ومحاولة لتخويفه، والضغط عليه للقبول بخطة ترمب"، مضيفاً أن واشنطن "تحاول ترسيخ شريعة الغاب كبديل عن الشرعية الدولية وقراراتها والقانون الدولي".
وأشار أبو واصل، لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها واشنطن وتل أبيب تغيير القيادة الفلسطينية، إذ تخلصتا من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عند حصاره عام 2002 لكنهما لن تنجحا هذه المرة.
أرض الواقع
يرى الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن دعوة كوشنير هي مجرد "إفصاح علني عما يدور على أرض الواقع من عملية تغيير قيصرية لإعادة تشكيل السلطة الفلسطينية في ظل سحب إسرائيل صلاحياتها بشكل متزايد لتصبح سلطة خدماتية، وتحديد خطة ترمب الشكل المطلوب لها".
وأوضح شاهين أن واشنطن تعمل على تغيير القيادة الفلسطينية "تحت سقف تأبيد الاحتلال"، ونزع السلاح الفلسطيني، والموافقة على خطة الضم، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على فلسطين.
ونوه شاهين بأن إسرائيل تدفع باتجاه ظهور قيادات فلسطينية بديلة تساعدها في ضبط الأوضاع في الأراضي الفلسطينية في حال انهيار السلطة، مضيفاً أن سيناريو التدخل البشري لإرغام عباس على الرحيل كما حصل مع ياسر عرفات غير مستبعد ويجري تطبيق بعض بنوده على الأرض.
لكن شاهين قال إن القدرة الفلسطينية على إحباط تلك المخططات قائمة، مستشهداً بتجارب تاريخية سابقة فشلت فيها إسرائيل في إقامة نظم عميلة لها "كروابط القرى" في ثمانينيات القرن الماضي.